[size=32]مقدمة:[/size]
الحمد لله نحمده ونستهديه ونسترشده، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهديه الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا ..
وصلى الله على معلم الخير والرحمة المهداة سيد المرسلين والأنام على التمام، وصاحب الصحابة رضوان الله عليهم، النقشبنديين المهاجرين الأعلام، وعلى آله وصحبه وسلم ..
لقد ظهرت في تلك القرون الأخيرة، حركة اصلاحية عطلت كثير من البدع الوثنية، التي ظهرت في جزيرة العرب ترأسها الشيخ المصلح محمد بن عبد الوهاب النجدي، لإزالة مظاهر الشرك الوثنية التي ابتدعها جهال الصوفية ودهمائها من غير السالكين لطريق الهداية والرشاد ..
إلا أن هذه الحركة الاصلاحية تجاوزت نطاقها الصحيح، وهدفها المنشود، لتضرب بثوابت ومبادئ التصوف بالجملة بما فيه منهاج الحق الرشيد، الموافق للمنقول والمعقول ..
وجاء هذا الغلو من اتباع ابن عبد الوهاب، وهم التيمية المعاصرين، وهم تيمية بالتبعية، لأنهم على منهاج من عرف بشيخ الإسلام وهو الإمام الحافظ تقي الدين: ابن تيمية الحراني رحمه الله تعالى ..
حتى أن النقد التيمي شمل أقوى وأسمى الطرق الصوفية ذات الأصول السلفية، وأنا العبد لله الجليل، أقف هنا موقف نصير الحق أولاً، ونصير طريقتي السلوكية الإيمانية، لما تحقق قلبي بها من الحق المبين على بصيرة، والله ولي التوفيق لما فيه الحق والصواب، لذا أقول مستعيناً بالحق تعالى:
أما بعد:
فأساس علوم الإسلام ثلاثة:
أولها: علم الشريعة ..
ثانيها: علم العقيدة ..
ثالثها: علم السلوك ..
إضافة لعلوم وسيطة، مثل علم الحديث والتفسير ..
فأما الشريعة فهي من تخصص بها الأئمة الفقهاء، وأما العقيدة فهي من تخصص بها القادة العلماء، وأما السلوك فهو فمن تخصص به السادة الأتقياء من أولياء صالحين، وعلماء ربانين ..
وأما علم السلوك فالغاية منه تحقيق الإيمان بشهادة التوحيد، وهي الإقرار بلا إله إلا الله إقراراً قلبياً عن تحقق ورشاد، ومن ثم الاستقامة على هذه الشهادة القلبية المشهودة بنور الإيمان ..
أي تطبيق الركن الأول من أركان دين الإسلام والعمل به، وهو أصل أركان الإسلام وأساسها ودعامتها ..
تماماً كحال أركان البناء، فأساس البناء هي الكتل الاسمنتية المسلحة التي تؤسس في الأرض ويقوم عليها البناء، ودعامة البناء هو الهياكل المعدنية للأعمدة والأسقف والأرضيات، وعمادها وهي في أركان بناء الإسلام إقامة الصلاة، والفقه بالدين، هو الكروكيت أو الاسمنت الذي يغطي ويكسو الهيكل المعدنية دعامة البناء ..
فالصلاة تزيد ثمارها مع زيادة المعرفة بالله ودرجة الإقرار بوحدانيته سبحانه، وكذلك الحال مع الفقه بالدين ..
كما أن الطرق لتحقيق الإيمان الشهودي كثيرة:
يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( الإِيمَانُ ثَلاثَةٌ وَثَلاثُونَ وَثَلَاّثُمَاّئَةِ طَرِيِقَةً، مَنْ لَقِيَ الله بِالْشَهَاّدَةِ عَلَىِ طَرِيِقٍ مِنْهَاّ دَخَلَ الْجَنْةَ )، ورد في "الإحياء" للإمام الغزالي [ج1/ص: 350]؛ وأخرجه العراقي في "تخريج الإحياء" [ج3/ص: 247/ر:1247]؛ وشاهده ما رواه المغيرة بن عبد الرحمن بن عبيد عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: ( الإِيمَانُ ثَلاثُمائَةٍ وَثَلاثَةٌ وَثَلاثُونَ شريعةً، مَنْ وَافَى بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ )، رواه البيهقي في "الشعب" [ج6/ص: 366/ر:8549]، ورواه الطبراني في "الأوسط" [ج7/ص: 261/ر:7310]، وحكمه: [صحيح متن الدلالة، ويحسن إن توابع] ..
ومن أدلة هذا الأثر في كتاب الحق تعالى: { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } [العنكبوت : 69] ..
فبينة الآية أعلاه أن لله سبل يهدي بها إلى الإيمان الحق، وليست سبيل واحد فحسب ..
إلا أن كثير من هذه الطرق اضمحلت وحادت عن وجهها الصحيح، الذي يؤدي إلى الفلاح، لأنه دخل فيها من هم ليس أهل بها، وأخذت طابع سياسي، وحملها الجهال ..
ولم يبقى منها إلا طائفة قليلة قائمين على الحق ..
وقد هذا كتاب الحق تعالى، بقوله جل من قائل: { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ [10] أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ [11] فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ [12] ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ [13] وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ } [الواقعة : 14] ..
ففي الآية الأخيرة بين الآيات أعلاه صرح تعالى، بأن المتأخرين من أهل السبق إلى الله، هم قليل ..
إلا أن تحقيق السلوك الإيماني الشهودي يحتاج إلى طريقة لهذا السلوك وتحقيق المعرفة والاستقامة على المعرفة ..
ومن هذه الطرق الإيمانية ما يعرف بالطريقة النقشبندية والتي تعني طريقة الإيمان القلبي ..
وهي طريقة ذات أصول سلفية كم سوف نبين لاحقاً، تعتمد في مبادئها على أصول الدين الحنيف، وهما القرآن والسنة ..
إلا أن هذه الطريقة العلية خضعت في وقتنا المعاصر لكثير من الطعن، من قبل نقادِ أكثرهم علمانيين، ومنهم: الأستاذ الدكتور حميد آلغار، والأستاذ الدكتور شريف ماردين، إضافة إلى ناقد سلفي واحد، وهو الشيخ عبد الرحمن دمشقية، الذي نتناول الرد عليه هنا، ومنشق نقشبندي فريد، وهو الأستاذ فريد الدين آيدن، وأحدهم غير مسلم!، وهو الأستاذ الدكتور بطرس أبو مَنَّهْ ..
والحقيقة أن الطريقة في عصرنا ظهر فيها مبتدعات، ومواطن للنقد بحق، لأنه ليس في هذه البدع المحدثة وجه حق يرتجى، بسبب عدم الالتزام بتسلسل السادة النقشبندية الصحيح، بعد الإمام الرباني ذو الجناحين البغدادي المعروف بخالد نقشبند الكردي، وعدم التحقق والتحقيق بما ورد عن هؤلاء السادة الأفاضل، بشكل دقيق، لأنه قد سادة الإمعة بالتبعية، وضمر التحقيق العلمي الأصولي ..
وسبب ظهور مبتدعات غير مؤصلة بالطريقة النقشبندية العلية، بالإضافة لعامل الخروج عن الاستخلاف الاستحقاقي، هو محاولة بعض من نسب نفسه للنقشبندية بالتبعية، وضع بصمة فردية غير سلفية ..
لذلك كان لزاماً علي أن الفقير لله المستعين بمولاه: حسام الدين بن رامي السعراتي النقشبندي، أن أدفع على أصول الطريقة الصديقة العلية المعروفة بالطريقة النقشبندية ..