ابوعمارياسر عضو مشارك
العمر : 62
| موضوع: ضوابط التكفير عند أهل السنة و الجماعة الجمعة مارس 11, 2016 1:36 am | |
| ضوابط التكفير عند أهل السنة و الجماعة
كتبه: الشيخ هشام أبوالحسن المحجوبي
قال كثير من أهل العلم , ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه, أي ليس كل من اقترف فعلا كفريا يحكم عليه بالخروج من الإسلام, بل يجب مراعاة ثلاثة ضوابط انعقد عليها إجماع أهل السنة والجماعة من عهد الصحابة إلى يومنا هذا. الضابط الأول:لا يكون حق التكفير إلا لكبار علماء هذه الأمة الموثوق بعلمهم. فالله سبحانه وتعالى حرم الفتوى في الدين لغير العلماء فمن باب أولى الفتوى بتكفير المسلمين لما يترتب عنها من استحلال دم وعرض ومال المُكفَّرولأن الخطأ في التكفير لا يعذر به المُكفِّر لقوله صلى الله عليه وسلم "من قال لأخيه يا كافر وليس كذلك فقد حار عليه" وفي رواية "فقد باء به أحدهما" لذا قال بعض أهل العلم لأن أخطئ في العفو خير لي من أن أخطئ في العقوبة. وقال صلى الله عليه وسلم "من قال في مؤمن ما ليس فيه فقد اسكنه الله ردغة الخبال" وردغة الخبال هي عصارة أهل النار, وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر, قال الله تعالى "من عاد لي وليا فقد آذنته بالحرب" ومحل الدلالة أن من كفَّر مسلما بغير حق حاربه الله تعالى في الدنيا و الآخرة. قال الحافظ ابن عبد البر وغيره من أهل العلم, من ثبت عندنا إسلامه بيقين فلا نخرجه منه بشك, و معنى كلامه رحمه الله تعالى أن الواقع في الكفر لا يكفر إلا بيقين تام و اليقين التام أهله نحارير العلماء. الضابط الثاني الإعتقاد أو القول أو الفعل المُكفِّر, هل هو كفر صريح أو يحتمل, فان كان كفرا صريحا يكفر الواقع فيه بعد تمام جميع الضوابط, وأما إن كان يحتمل فلا يجوز تكفيره لأن القاعدة الشرعية تقول "ما تطرق إليه الإحتمال بطل به الإستدلال" الضابط الثالث الشخص نفسه الواقع في الكفر, هل توفرت فيه أربعة شروط, وانتفت الموانع التي تقابلها, فإن انتفى منها شرط واحد لا يجوز تكفيره, وهي : · الشرط الأول : العلم ويعني هنا العقل و البلوغ ومعرفة كفر الفعل و المانع الذي يقابله : ذهاب العقل بسبب جنون أو نوم أو إغماء أو عدم البلوغ أو الجهل بكفر الفعل. قال تعالى : " رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ" وقال الرسول صلى الله عليه وسلم "وضع عن أمتي النسيان و الخطأ وما استكرهوا عليه" وقال صلى الله عليه وسلم "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر،وعن المجنون حتى يعقل، أو يفيق". · الشرط الثاني : الإختيار وهو الوقوع في الفعل المُكفِّر بإرادة وإختيار والمانع الذي يقابله : الإ كراه وهو الوقوع في الفعل المُكفِّر مخافة القتل أو عذاب لا يحتمل مع كره ذلك الفعل, قال سبحانه وتعالى : "مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ". وسبب نزول هذه الآية تعذيب الكفار لعمار بن ياسر رضي الله عنهما وقولهم له لن نتركك حتى تسب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبه ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبكي ويقول هلكت يا رسول الله فحكى القصة ثم قال له الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف تجد قلبك قال بخير يا رسول الله قال فإن عادوا فعد. · الشرط الثالث : عدم التأويل وهو عدم إباحة الفعل المُكفِّر بسبب فهم خاطئ لآية قرآنية أو حديث نبوي والمانع الذي يقابله التأويل وهو استباحة الفعل المُكفِّر بسبب فهم خاطئ لآية قرآنية أو حديث نبوي. قال الله تعالى : "رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا" ويدخل في الخطأ, الخطأ في تفسير القران أو الحديث وقد ذهب أحد الصحابة إلى استحلال الخمر بسبب تأويل قوله تعالى : "لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُوا" ولم يثبت أن الصحابة كفروه. وفي حديث آخر بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد ابن الوليد على رأس جيش ليحاصر قبيلة من العرب حتى يسلموا أو يغير عليهم فلما حاصرهم قالوا صبانا, صبأنا, فهذه اللفظة تحتمل معنيين, المعنى الأول, خرجنا من دين آبائنا إلى الإسلام, والمعنى الثاني, خرجنا من الإسلام إلى الكفر وقد قصدوا المعنى الأول, ففهم خالد المعنى الثاني فأغار عليهم واستحل دمائهم, فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم قال اللهم إني أبرا إليك مما فعل خالد ولم يكفره لأنه متأول. ويشترط في هذا المانع أن يكون لهذا التأويل وجه في اللغة والعلم لتخرج التأويلات الفاسدة التي لا يقبلها العقل ولا اللغة كتفسير الشيعة للبقرة بعائشة رضي الله عنها. الشرط الرابع : بلوغ الحجة وهو وصول العلم الصحيح للواقع في الكفر عن طريق العلماء, والمانع الذي يقابله عدم بلوغ الحجة, وهو عدم وصول العلم للواقع في الكفر, قال تعالى : "وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولً". فإن تحققت جميع هذه الضوابط جاز تكفير المعين وقلما تتحقق.
|
| |
|