هو الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم أبو عبد الله القرشي الهاشمي السِّبْط الشهيد بكَرْبَلاء, ابن بنت رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فاطمة الزهراء رضي الله عنها وريحانته من الدنيا ، وُلِدَ الحسينُ سنة أربع من الهجرة،
وله من الولد : علي الأكبر، وعلي الأصغر، وله العَقِب، وجعفر، وفاطمة وسكينة.
مكانته وفضله
رُوِيَت أحاديث عديدة تدل على فضله وتعلق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم به، وبأخيه الحسن منها: عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هما ريحانتاي من الدنيا يعني الحسن والحسين رضي الله عنهما. انفرد بإخراجه البخاري.
وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة"، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وعن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذان ابناي فمن أحبهما فقد أحبني" يعني الحسن والحسين رضي الله عنهما.
وعن علي رضي الله عنه قال: الحسن أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس، والحسين أشبه الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم ما كان أسفل ذلك.
وعن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: حَجَّ الحسين بن علي رضي الله عنهما خمسًا وعشرين حجة ماشيًا, ونجائبه تُقَادُ معه.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرم الحسن والحسين رضي الله عنهما ويحبهما حبًا شديدًا ويحنو عليهما، وقد توفي وهو عنهما راضٍ، ثم كان الصديق رضي الله عنه فكان يكرم الحسين ويعظمه وكذلك عمر وعثمان، وصَحِبَ الحسينُ أباه وروى عنه، وكان معه في مغازيه كلها في الجمل وصفين، وكان معظَّمًا موقَّرًا، ولم يزل في طاعة أبيه حتى قُتِل، فلما آلتِ الخلافة إلى أخيه الحسن وأراد أن يصالح معاوية شَقَّ ذلك عليه ولم يسدِّد رأي أخيه، وحثَّه على قتال أهل الشام؛ فقال له أخوه: والله لقد هممت أن أسجنك في بيت وأطبق عليك بابه حتى أفرغ من هذا الشأن ثم أخرجك، فلما رأى الحسين ذلك سكت وسلم، فلما استقرت الخلافة لمعاوية كان الحسين يتردد عليه مع أخيه الحسن فيكرمهما إكرامًا زائدًا، ويعطيهما عطاءً جزيلاً، فقد أطلق لهما في يوم واحد مائتي ألف، وقال:
خذاها وأنا ابن هند، والله لا يعطيكاهما أحد قبلي ولا بعدي، فقال الحسين: والله لن تعطي أنت ولا أحد قبلك ولا بعدك رجلاًَ أفضل منه، ولما توفي الحسن كان الحسين يَفِدُ إلى معاوية في كل عام فيعطيه ويكرمه، وقد كان في الجيش الذي غزا القسطنطينية مع يزيد ابن معاوية في سنة إحدى وخمسين، وعندما أُخِذَتِ البيعةُ ليزيد في حياة معاوية كان الحسين ممن امتنع من مبايعته هو وابن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر وابن عمر وابن عباس, ثم مات ابن أبي بكر وهو مصمم على ذلك فلما مات معاوية سنة ستين وبُويِعَ ليزيد، بايع ابن عمر وابن عباس وصمَّمَ على المخالفة الحسين وابن الزبير.
مما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن علي بن حسين عن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يصلي المريض قائما إن استطاع فإن لم يستطع صلى قاعدا فإن لم يستطع أن يسجد أومأ وجعل سجوده أخفض من ركوعه فإن لم يستطع أن يصلي قاعدا صلى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة فإن لم يستطع أن يصلي على جنبه الأيمن صلى مستلقيا رجله مما يلي القبلة
عن أبي محمد بن علي قال حدثني أبي علي بن الحسين قال حدثني أبي الحسين بن علي قال حدثني أبي علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من عامل الناس فلم يظلمهم وحدثهم فلم يكذبهم ووعدهم فلم يخلفهم فهو ممن كملت مروءته وظهرت عدالته ووجبت أخوته وحرمت غيبته
يزيد بن معاوية ومحاولة أخذ البيعة من الحسين
بعد وفاة معاوية رضي الله عنه سنة ستين، ولي الخلافة يزيد بن معاوية فلم يكن له هم حين ولي إلا بيعة النفر الذين أبوا على معاوية البيعة له؛ فكتب إلى عامله على المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان يأمره بأخذ البيعة من هؤلاء النفر الذين أبوا على معاوية استخلاف ولده وعلى رأسهم الحسين بن علي فيزعم الرواة أن الوليد بن عتبة استشار مروان بن الحكم فأشار عليه مروان أن يرسل إليهم ويطلب منهم مبايعة يزيد، ومن أَبَى ذلك ضرب عنقه قبل أن يعلموا موت معاوية ويظهروا الخلاف والمنابذة، وعندما أرسل إلى الحسين وطلب منه ماطله الحسين، واستنظره حتى يجتمع الناس للبيعة فإنه سيبايع وقتها علانية، وكان الوليد يحب العافية فوافقه على ذلك، وقال لمروان الذي حرضه على حبسه أو قتله: والله ما أحب أن لي ما طلعت عليه الشمس وغربت عنه من مال الدنيا ومُلْكها وأني قتلت حسينًا، سبحان الله ! أقتل حسينًا أن قال: لا أبايع ؟ والله إني لأظن امرءًا يحاسَب بدم الحسين لخفيف الميزان عند الله يوم القيامة، فقال له مروان: فإذا كان هذا رأيك فقد أصبت فيما صنعت.
ولا تفسر لنا هذه الرواية على نحو مقنع سبب تغيير مروان رأيه، كما لا تعطي مبررًا كافيًا لنصحه الوليد بقتل الحسين، ولا ريب أن عداء الرواة من الشيعة لبني أمية ـ ومروان جد المروانيين منهم ـ قد قادهم إلى تشويه موقفه من هذه الأحداث، وسوف يتهمونه بعد ذلك بالشماتة في مقتل الحسين، هذا على حين تثبت روايات أخرى أن مروان كان من المحذرين ابن زياد أمير العراق من إساءة التصرف حيال الحسين بعد خروجه إليه، كما أنه كان من الآسفين على قتله والباكين عليه.
وقد خرج الحسين تحت جنح الظلام متجهًا إلى مكة، واستصحب معه بنيه وإخوته وجُلَّ أهل بيته، وفي الطريق لقي ابن عمر وابن عباس الحسين وابن الزبير في طريقهما إلى مكة، وكان ابن عمر وابن عباس قادمَيْن منها إلى المدينة فسألاهما عما وراءهما فقالا: قد مات معاوية، والبيعة ليزيد، فقال لهما ابن عمر: "اتقيا الله ولا تفرقا جماعة المسلمين".
وعندما قدما المدينة وجاءت البيعة ليزيد من البلدان بايع ابن عمر وابن عباس، ولم تكد أخبار وفاة معاوية ولجوء الحسين وابن الزبير إلى مكة ممتنعين عن البيعة ليزيد تصل إلى أهل الكوفة حتى حَنُّوا إلى تمردهم وانتقاضهم القديم، فراسلوا الحسين ودعوه إليهم ووعدوه النصرة.
[b]إرسال الحسين ابن عمه مسلم بن عقيل إلى الكوفة[/b]
لقد كثر إرسال الكتب من أهل العراق إلى الحسين وخاصة بعد ذهابه إلى مكة يحثونه فيها على سرعة المجيء إليهم، فقد كتب إليه
شيث بن ربعي، وحجار بن أبجر، ويزيد بن الحارث بن رويم، وعمر بن حَجَّاج الزبيدي ومحمد بن عمر بن يحيى التميمي:
"أما بعد فقد أخضرت الجنان وأينعت الثمار، وفطمت الجمام، فإذا شئت فأقدم على جند مجندة لك والسلام".
فالتزم الحسين ـ رضي الله عنه ـ الحذر والحيطة،وأرسل ابن عمه مسلم بن عقيل الى العراق ليكشف له حقيقة هذا الأمر والاتفاق، فإن كان متحتمًا وأمرًا حازمًا محكمًا بعث إليه ليركب في أهله وذويه، فسار مسلم من مكة فاجتاز بالمدينة وأخذ منها دليلين فسار بهما على براري مهجورة المسالك, ثم مات الدليلان من شدة العطش بعد أن ضلُّوا الطريق، فكتب مسلم إلى الحسين يستشيره فيأمره فكتب إليه يعزم عليه أن يدخل العراق وأن يجتمع بأهل الكوفة ليستعلم أمرهم ويستخبر خبرهم.
فلما دخل مسلم بن عقيل الكوفة، تسامع أهل الكوفة بقدومه فجاءوا إليه فبايعوه على إمرة الحسين, وحلفوا له لينصرنه بأنفسهم وأموالهم، فاجتمع على بيعته من أهلها ثمانية عشرة ألفًا.
فقد كان الشيعة في الكوفة يبايعون مسلم بن عقيل سرًا مستغلين ورع عامل يزيد على الكوفة
النعمان بن بشير الأنصاري الذي لم تُجْدِ نصائحه لهم بالطاعة ولزوم الجماعة حتى كتب بعض أهل الكوفة الموالين لبني أمية إلى يزيد بما يحدث، فأرسل إلى عبيد الله بن زياد عامله على البصرة يضم إليه الكوفة ـ أيضًا ـ وكان ابن زياد قد استطاع بحزم أن يقضي على بوادر تمرد الشيعة بالبصرة، عندما وصلت إليهم أخبار الحسين ورسالة منه يطلب منهم فيها النصرة والبيعة.
ولقد استطاع ابن زياد أن يكتشف أمر مسلم بن عقيل ومقره وأعوانه عن طريق مولى لهم، فقبض ابن زياد على بعض أتباع مسلم بن عقيل وحبسهم؛ فغضب مسلم فركب في الخيل ونادى بشعاره "يا منصور أمت" فاجتمع إليه أربعة آلاف من أهل الكوفة، وحاصروا قصر بن زياد، ولم يكن مع ابن زياد إلا ثلاثون رجلاً من الشُّرَط وعشرون من أشراف الناس وأهل بيته ومواليه، وقد استطاع هؤلاء الأشراف تخذيلَ الناس من حول مسلم بن عقيل، فانصرفوا عن مسلم حتى لم يبق معه سوى خمسمائة نفس ثم تقالُّوا إلى ثلاثمائة ثم إلى ثلاثين ثم إلى عشرة ثم وجد مسلم نفسه وحيدًا في جنح الظلام يتردد في الطرقات لا يدري أين يذهب، فأتى بابًا فطرقه فخرجت إليه امرأة فاخبرها بخبره قائلاً: أنا مسلم بن عقيل كَذَبَني هؤلاء القوم وغَرُّوني فأوته، ثم علم ابن زياد بمكانه فأحيط بالدار التي هو فيها فدخلوا عليه؛ فقام إليهم بالسيف فأخرجهم من الدار ثلاث مرات وأصيبت شفته العليا والسفلى, ثم جعلوا يرمونه بالحجارة ويلهبون النار في أطناب القصب فضاق بهم ذرعًا فخرج إليهم بسيفه فقاتلهم، ثم أعطوه الأمان وجاءوا ببغلة فأركبوه عليها وسلبوا عنه سيفه فلم يبقَ يملك من نفسه شيئًا، فبكى عند ذلك وعرف أنه مقتول فيئس من نفسه، وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، فقال بعض من حوله: إن من يطلب مثل الذي تطلب لا يبكي إذا نزل به هذا؛ فقال: أما والله لستُ أبكي على نفسي، ولكن أبكي على الحسين، وآل الحسين، إنه قد خرج إليكم اليوم أو أمس من مكة، ثم التفت إلى محمد بن الأشعث فقال: إن استطعت أن تبعث إلى الحسين على لساني تأمره بالرجوع فافعل؛ فبعث محمد بن الأشعث إلى الحسين يأمره بالرجوع فلم يصدق الرسول في ذلك, وقال: كل ما حَمَّ الإله واقع.