الرد على شبهة الكلاب شيوخ شاه نقشبند

إدارة المنتدى العمر : 47

يكثر نقل الوهابية لبعض المقتطفات من كتب بعض الطرق الصوفية لغرض التنفير من التصوف عموما ومن المنقول عنه خصوصا ، وذلك بالطبع بعد إضافة بعض العناوين والتعليقات المنفرة حتى يتشتت ذهن القارئ العامي ولا يلتفت إلى الغرض الذي لأجله سيق الكلام وبه قصد .
ومن ذلك ما يتناقلونه تحت عنوان (الكلاب شيوخ شاه نقشبند) طارحين سؤالا مفاده : هل تريد الانضمام إلى طريقة هذا شيخها ؟؟
وهذا صورة ما يتناقلون في مواقعهم :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

وكثيرا ما يقرأ العوام مثل هذا النقل فيقع كلام الوهابية منهم موقعا حسنا ويرون مذهب الوهابية الذي هو أبعد شيء عن العقل والشرع حقا موافقا للعقل والشرع .
والرد على ترهاتهم لازم لمن استطاعه دفاعا عن الحق وقياما بواجب النصح ، وهذا رد مختصر على هذه الشبهة أنشأته في خضم حوار حول المسألة :
نقل الوهابية الصورة المثبتة أعلاه بغرض السخرية من أهل الله واستضحاك الناس عليهم ، وحالهم في ذلك حال شيطانية لا إيمانية ، فإن المؤمن لا يسخر ولا يضحك وإنما الشيطان وحزبه من يضحكون ويستهزأون كما قال سبحانه وتعالى

{إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (32) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ }

والضحك من الآخرين والإستهزاء بهم في نفسه مصيبة وطامة ، فإن أضيف إليه الضحك من معنى صحيح لم يدركه المستهزئ تكون المصيبة مصيبتين ، مصيبة استهزاءه ومصيبة الدلالة على مستوى فهم للكلام :

وكم من عائب قولا صحيحا ** وآفته من الفهم السقيم

نقول :

إن كان الوهابي ينكر مما نقله في الصورة أعلاه ما ذُكر من دعاء الحيوانات لله تعالى وعبادتها له فلينكر إذا قوله سبحانه وتعالى : {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} فإن كل المخلوقات لها حال في معاملتها مع ربها، فمن كشف له من تأملها في الملكوت او دعاءها أو تسبيحها للإله شيئا فليستفد منه علما وحالا وصلاحا وهو المقصود .

إن كان الوهابي يضحك ويستهزئ من فكرة التعلم من الحيوانات واستفادة المعاني الإيمانية والترقي الروحي منها فليضحك إذن وليستهزئ من قوله تعالى : {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} .

وليحكم بخطأ الله تعالى سبحانه في إرساله غرابا يعلم قابيل شرع الله في دفن الموتى ويذكره بالتوبة ، لينكر ذلك على الله ليكفر ويتم ضلاله .

أما طلب الإمداد من الكلاب فلا خصوصية للكلاب بل نطلب الإمداد والنفع من كل شيء يخضع بالعبادة والتوحيد في هذا الكون لأن كل شيء يسبح بحمد الله سبحانه وتعالى ، وهذا من جند الله والمدد من الله قد يحصل عبره وبواسطته ، والإمداد المقصود هو النفع بزيادة علم أو حصول حال صلاح ، فالممد حقيقة والمعلم حقيقة هو الله سبحانه إلا إن أداة ذلك المدد العلمي أو الصلاح الحالي هو الحيوان كلبا كان أو غيره ، وهذا المعنى موجود كذلك في بعث الغراب لتعليم قابيل ما جهله من شرع الله ، فقابيل استمد من الغراب مددا واستفاد فائدتين هما : الأولى فائدة علمية وهي تعلم دفن الموتى { ليريه كيف يواري سوأة أخيه } ، والثانية مدد روحي حالي هو عبارة عن إيراث التوبة والوقوف في مقام الإنكسار والاعتراف بالذنب { قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين } فعرف جرمه بواسطة تأمله في غراب بعثه الله إليه ليتعلم منه ويستمد علميا وروحيا فأصبح من النادمين والندم أول منازل السير إلى الله تعالى ، فهذه كتلك ، فدلت قصة الغراب مع قابيل على أصل الاستمداد من الحيوانات في العلم والحال ، فطبق شاه نقشبند هذه الوسيلة الصحيحة للتعليم والترقية الروحية لقابيل .

فخدمة شاه نقشبند للكلاب تعني اعتناءه بها وبطعامها وسقاءها ومبيتها والقيام على ذلك والتأمل في حالها ومعاملتها مع ربها واستخلاص العبر من ذلك كونها من المسبحات بحمد الله القائمة بعبادته بما ينفعه في علمه وحاله وهو عين الإمداد وأنفعه ، ولما وصل إلى كلب منهم أصابه حال عظيم والحال تغير نفسي أي أصابه خشوع وانكسار عظيمين وظهرت له حقائق وعلوم لم يكن يدركها من قبل لقاء ذلك الكلب والتأمل في حاله ، فقد كان الكلب اداة وسببا وصل بواسطته المدد الرباني إلى شاه نقشبند وحصل فيه حال إيماني عظيم وخشوع وذكرى لله وأيامه ، ثم استلقى الكلب على ظهره ورفع قوائمه إلى السماء وهي هيئة دعاء وهذا من كرامة الله تعالى ، ففهم شاه نقشبند من تأوه الكلب وأنينه أنه يدعو الله سبحانه وتعالى فأمن على دعاءه .

فإن كان الوهابي يتسهزئ من فكرة التأمين على دعاء الحيوانات واعتقاد نفعه فليسخر إذن من قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (خَرَجَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ يَسْتَسْقِي, فَرَأَى نَمْلَةً مُسْتَلْقِيَةً عَلَى ظَهْرِهَا رَافِعَةً قَوَائِمَهَا إِلَى اَلسَّمَاءِ تَقُولُ: اَللَّهُمَّ إِنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ, لَيْسَ بِنَا غِنًى عَنْ سُقْيَاكَ, فَقَالَ: ارْجِعُوا لَقَدْ سُقِيتُمْ بِدَعْوَةِ غَيْرِكُمْ ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِمُ

فإن كان ينكر تأمين شاه نقشبند على دعاء الكلب فلينكر على اكتفاء نبي الله سليمان بدعاء النملة وقوله لجماعته قد كفيتم بدعاء غيركم ، فصار دعاء النملة دعاء لسليمان وقومه وهو عين تأمين المؤمن على دعاء غيره أن دعاء الداعي يصير دعاء له وللمؤمن فهلا فهم الوهابي !!

وقد يراوغ الوهابي بأن يقول : "وهل الكلب مكلف أو هو من أولياء أمة محمد حتى يؤمن الشاه نقشبند على دعاءه "
فيقال في رده : وهل النملة مكلفة أو هي من أولياء أمة موسى حتى يكف نبي الله سليمان عن الدعاء له ولقومه والاستسقاء لهم اكتفاء بدعاءها ؟ وطلب الدعاء من الكلب هو كطلب الدعاء من الأطفال بجامع عدم التكليف وكان عمر والسلف يفعلونه فهل صار الأطفال أولياء وهم لما يكلفوا بعد ؟

يقول الملا علي القاري في شرحه لحديث نملة سليمان في مرقاة المفاتيح :

[ويستفاد من الحديث .... أن للبهائم إدراكاً يتعلق بمعرفة الله ومعرفة بذكره فتطلب الحاجات منه ] انتهى . مرقاة المفاتيح للملا علي القاري رحمه الله .

وقال الأمير الصنعاني في شرح الحديث في سبل السلام :

[وفيه أنه يحسن إخراج البهائم في الاستسقاء، وأن لها إدراكاً يتعلق بمعرفة الله ومعرفة بذكره وبطلب الحاجات منه. وفي ذلك قصص يطول ذكرها وآيات من كتاب الله دالة على ذلك وتأويل المتأوّلين لها لا ملجأ له.] انتهى

فهل صار الصنعاني -وهو من المعظمين عند الوهابية - من القبورية المخرفين لأنه يرى اخراج البهائم في الاستسقاء وان لها ادراكا ودعاء حقيقيين ، وهل تخرج إلا طلبا لنفع دعاءها ، وهو عين ما فعله الشاه نقشبند .

ومثل هذا الأخير يقال في الحرباء التي كانت مستغرقة في التأمل في الشمس وفهم شاه نقشبند من ذلك استغراقها في التأمل في خلق الله أي التفكر في خلق الله والتفكر في خلق الله من أعظم العبادات كما يأمرنا به الله { قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق } وقال : {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون } وقال النبي : تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في ذات الله . أو كما قال صلى الله عليه وسلم .
فهذه الحرباء استغرقت في عبادة التفكر ، ورآها شاه نقشبند على تلك الحالة الجليلة ، فاعترته حال عظيمة ووجد شديد ، وخطر له طلب الدعاء منها وهو معنى الشفاعة في كلامه ، فأفهمها ذلك باتخاذ هيئة الدعاء ففهمت واستلقت على ظهره تدعو الله مثل نملة سليمان فأمن على دعاءها وما قيل هناك يقال هنا !!

فأي هذه المعاني ينكر الوهابي

وإنكاره يعود بالنكارة على القرآن والسنة كما رأينا

وقد يقول الوهابي إن سليمان فهم كلام النملة فهل فهم الشاه كلام الكلب ، فنقول : وما يمنع أن يكون فهم ذلك بإلهام رباني أو كشف أو وحي ، على أن حسن الظن في هذا يكفي .

وإن كان يستهزئ من السعي في منفعة الحيوانات ورحمتها وإزالة آلامها ومداواة أمراضها كما جاء في كلام الشاه نقشبند فليضحك وليستهزئ من فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما دخل بستانا لرجل من الأنصار فإذا فيه جمل فلما رأى الجمل النبي {صلى الله عليه وسلم} جرجر وذرفت عيناه فأتاه النبي {صلى الله عليه وسلم} فمسح سراته إلى سنامه وذفراه فسكن فقال : (من رب هذا الجمل لمن هذا الجمل ؟ ) فجاء فتى ً من الأنصار فقال هذا لي يا رسول الله قال : (أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها فإنه يشكو لي أنك تجيعه وتدئبه ) . رواه أحمد وأبو داود والبيهقي
فإما أن ينكر الوهابي فكرة السعي في نفع الحيوانات وإزالة آلامها أو ينكر قيام الشاه نقشبند بذلك على وجه الخصوص ، وإصغاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنين الجمل وشكواه وكلامه عن سوء معاملة صاحبه له ثم سعيه صلى الله عليه وآله وسلم في إزالة ذلك عنه هو من باب التواصل مع هذه البهائم والسعي في نفعها وإزالة كربها ، فإن كان لا بنكره على رسول الله فما من موجب لإنكاره على الشاه نقشبند لأنه لا فرق ، وله في رسول صلى الله عليه وآله وسلم قدوة في ذات فكرة الخدمة زيادة على ما يورثه ذلك من تواضع وذل نفس واحتقار لحظوظها وهو المقصود بسلوك الصوفية .

فعلى أي هذه المعاني يضحك الوهابي ويستهزئ

وقد يفرق الوهابي بأنه لا يصح قياس حال الشاه نقشبند بحال الأنبياء لأن الشاه نقشبند عنده دجال ضال ، وهذا قلة عقل ، فما أدرى الوهابي حال شاه نقشبند ما هو عند الله ، وهو تفريق بما لا ينضبط ، فإن الطالح عندهم صالح عندنا وفساد العقيدة نظنه فيهم وهم يظنونه فينا ، فلا يصلح الاحتجاج بهذا ولا سوقه في محل النزاع لأنه مصادرة على المطلوب ، وإنما يصح الإنكار بمنع أو إنكار في الشرع ولا وجود له بل الموجود خلافه بما يؤيد ما قاله وساقه شاه نقشبند .
ومجرد استبعاد الوهابي وقوع مثل هذه الأمور لا يكفي ولا تقوم به حجة ، فإنه إن هو لم ير في حياته مثل هذه المعاني الجليلة ومثل هذه الكرامات فإن غيره رأى ومن رأى حجة على من لم ير ، على أن هذه المعاني الجليلة موجودة { سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق} فهي موجودة وبكثرة ولكن من لم يفتش عنها ويتحلى بشفافية الروح وسمو العقل لن يراها ولن يرى في البهائم غير الحيوانات البليدة وما درى أنه هو الحيوان البليد.
ما أعجب كيد الشيطان ومكره واستدراجه لهؤلاء المساكين لينكروا ويضحكوا على ما لا يفهمون .
والله الموفق .
منقول

» تربية الكلاب
» الحكمة من نهي النبي عن تربية الكلاب في المنزل
» الخواجة محمد بهاء الدين البخاري "الشاه نقشبند"