الإمام الرازي
هو محمد بن عمر بن الحسين بن علي القرشي التيمي البكري الطبرستاني ابن خطيب الري المشهور بفخر الدين الرازي
(التيمي):نسبة إلى تيم من قريش, والتي ينتسب لها أبو بكر الصديق رضي الله عنه .
(البكري):نسبة إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
(الطبرستاني):نسبة إلى إقليم طبرستان والذي تقع فيه مدينة (الري).
(الرازي):نسبة إلى مدينة الري ,والتي ولد فيها وهي مدينة قديمة تقع جنوب غرب طهران حاليا.
ولد في شهر رمضان من عام (544 هـ) في مدينة الري , وهي العاصمة الكبرى في القرن السادس الهجري لبلاد العراق العجمى , شرقي سلسلة الجبال الإيرانية الكبرى , وقد أشاد جميع المؤرخين بما لهذه المدينة من شأن عظيم بوصفها مركزا تجاريا وعلميا , وعدها بعضهم مفخرة من مفاخر الإسلام , واليها نسبته بالرازي
أخذ العلم عن والده ضياء الدين , واخذ الفقه عن الكمال السمعاني, ودرس مذاهب المتكلمين والفلاسفة على يدي المجد الجيلي ,ودرس على يدي الطبسي وأخذ عن أحد متكلمي الشيعة وهو محمود بن علي الحمصي وغيرهم من العلماء الذين عاصرهم ولقيهم.
وأخذ عنه العلم فيما بعد كما في تاريخ مختصر الدول لابن العبري : أفضل الدين الخونجي وأثير الدين الأبهري وتاج الدين الأرموي. وفي طبقات السبكي : شمس الدين الخوئي ونجم الدين الكبري وأبو بكر إبراهيم بن أبي بكر الأصفهاني وأبو الفتح الموصلي...., وفي عيون الأنباء لابن أبي اصيبعة : زين الدين الكشي وشهاب الدين النيسابوري , وفي مرآة الزمان لابن الجوزي: عبد الحميد خسرو شاهي وغيرهم الكثير ممن أخذوا عنه شتى العلوم والمعارف.
والى جانب شهرته العلمية فقد اشتهر بالوعظ حتى قيل انه كان يعظ باللسان العربي واللسان العجمي ,وكان يلحقه الوجد في حال الوعظ ويكثر البكاء فيبكي سامعوه كثيراً من شدة وقع مواعظه في قلوبهم وسحرها في أفئدتهم
وأما بالنظر إلى دولة الإسلام (العباسية)آنذاك فقد عاشت في تناحر طويل ومرير وذلك بسبب تكاثر دولها ودويلاتها المترامية هنا وهناك , وأهمها الدولة الغزنوية( 351-582 هـ), والدولة السلجوقية( 429-591 هـ ), والدولة الخوارزمية( 545-629 هـ ), والدولة الغورية (543-612 هـ), مما أنذرت تلك الحروب بين هذه الدول بخطر داهم يجر وراءه الفساد والاضطراب وانهيار القوى.
وإلى جانب هذا الصراع السياسي فقد تنازع هذه الدول الصراع المذهبي , فقد كانت الدولة السلجوقية سنية , وكانت الخوارزمية اعتزالية .
ورغم أن الحقبة التي ولد فيها الفخر الرازي كانت قلقة سياسياً، إلا أنها شهدت نشاطاً علمياً كبيراً. ففي القرن السادس الهجري كانت البلاد الفارسية تعيش حركة علمية متطورة، حيث تنوعت العلوم وكثرت التصانيف في شتى الفنون. ولعل أهم تراث إسلامي ظهر وفرة وجودة كان في ذلك العصر. فلقد ازدهرت العلوم الرياضية والطبيعية والفلسفية والكلامية وغيرها من العلوم التي اتصل بها الرازي وكوّن شخصيته الثقافية من خلال الاحتكاك بها.
ولقد انعكست هذه الحركة العلمية على تفكير الفخر الرازي ومنهجه، وكانت واضحة في نتاجه العلمي الذي اتسم بالموسوعية والتنوع المعرفي
ترك الرازي مسقط رأسه، وقام بجولة في بلاد ما وراء النهر. فذهب إلى بخارى وسمرقند وغزنة وبلاد الهند. ويبدو انه لم يستقر في هذه المناطق نتيجة المناظرات التي كان يعقدها مع علمائها، وما يترتب عليها من آثار تحول دون استقراره على الصعيد الاجتماعي.
وقد بدأ الرازي بعد رحلته هذه بالاتصال بالسلاطين والحكام، فقد اتصل بالسلطان بهاء الدّين سام ثم ذهب إلى خاله غياث الدّين، وبعد ذلك اتصل بسلطان غزنة، ثمّ بالسلطان الكبير خوارزم شاه ونال منه أسمى المراتب وأقام بهراة وتملك بها ملكاً وأولد أولادا . وصفه ابن العبري بقوله: "كان يركب وحوله السيوف المجذبة وله المماليك الكثيرة والمرتبة العالية والمنزلة الرفيعة عند السلاطين الخوارزمشاهية". وسارت مصنفاته في الأقطار اشتغل بها الفقهاء.
لقد نال الأمام الأفضلية بين علماء عصره في الفقه وعلوم اللغة والمنطق والمذاهب الكلامية وبرع في الطب والحكمة وشاع فضله في ذلك كله حتى قصده الطلاب من مختلف البلاد .
أدرك الإمام الرازي الخطر الذي آل إليه أمر الناس في زمانه من تجاذب من التيارات المختلفة , فما كان منه إلا أن قاوم تلك الفرق فناظرها وصرعها بسلاح الحق والإيمان وفند مزاعمها بالحجج البالغة .
كان رحمه الله مثلا في التدين والتصوف , وكان مثال الواعظ الذي يسحر القلوب والألباب بسحر وعظه فيبكي ويبكي .
توفي رحمه الله يوم الاثنين أول شوال من سنة (606هـ) بمدينة هراة وعلى أرجح الأقوال أن وفاته كانت طبيعية وما ذهب إليه بعض الباحثين بأن الكرّامية(أتباع محمد بن كرّام السجستاني) أرسلوا إليه من يدس له السم في طعامه فمات بذلك مسموما لا تقوم به حجة إلا بثبوت الدليل وهذا يحتاج إلى بحث وتدقيق.