حين يدمى القلب وتنحبس الدموع. حين يبلغ ألم تمزقنا من صغائرنا حداً تكاد النفس فيه أن تتتقيأ، ويكاد الغضب من خلاله أن يدمر. حين نكاد نيأس من كل شيء، ونكاد الوصول إلى شفير الهاوية. و...
حين نلج أعماق الجحيم لوحدنا. ولا من معين. وتعمى بصائرنا ونكاد لا نلمس لا مطلقاً ولا عدماً. فلنتفكر قليلاً يا أنا، ياصديقي. فلنتفكر قليلاً، ولنراجع أنفسنا أولاً، وآخراً.
فما نحصده هو نحن. هو جحيمنا كان ولم يزل. ولكن...
حين يبكي القلب صادقاً وتغسله الدموع. و حين تنطلق من أعماقنا تلك الصرخة الصامتة تنادي أن... ربّي اغفر لنا، لأنّا لا ندري ما نحن فاعلون. عندها...
من أعماق جحيمنا، ووحدتنا، نلامس كالوهم شعاعاً من الأمل. ونكون من خلال الألم، و الندامة، والمحبة، قد تجاوزنا ذاتنا. ونكون من خلال أنفسنا قد لامسنا المطلق، وقد لامسنا العدم.
إلهي، أليس روحك الّذي اصطفيته قد قال يوماً أن...
سـر السرائـر مطـوي بإثبـات في جانب الأفق من نور بطيات
فكيـف والكيف معروف بظاهـره فالغيـب باطنـه للـذات بالذات
تاه الخلائـق في عميـاء مظلمـة قصداً ولم يعرفوا غير الإشارات
بالظن والوهـم نحو الحق مطلبهم محـل حالاتهـم في كل ساعات
والربّ بينهـم فـي كـلّ منقلـب محل حالاتهـم فـي كل ساعات
وما خلو منه طرف العين لو علموا ومـا خلا منهـم في كلّ أوقات
يا إلهي، ماذا نقول ونحن نتجاوز من خلال مسيرة مريدك ذاتنا. ونتابع معه التأمل في دروبك اللامتناهية؟
والقضية كلّ القضية كانت منذ البدء وستبقى، علاقة الذات بالذات...
والذات هو الكمون والمطلق والعدم. ومن خلاله، ذلك الوجود الّذي لن ندركه. كلّ ما يحيط بنا، والكامن في قلوبنا. أنت يا إلهي...
والذات في نفس الوقت هو الخليقة. ومن خلالها، نحن يا أبعد الخلائق وأقربها. يا أنا، يا أنت، يا صديقي. يا أنت، يا هو، يا إلهي.
والبحث عن الذات من خلال المعرفة، والخطيئة، والمحبة، والألم، قد اوصلني اليوم عن غير قصد إلى الدرب الذي أنا فيه. ومن خلاله، إلى قصة حزينة كالواقع، جميلة كالحلم تقول أنه..
في ذلك الزمان..
وتحديداً في عام 244 من الهجرة الشريفة، ولد في قرية الطور في الشمال الشرقي من مدينة البيضاء، في الجنوب العربي من إيران، طفل اصطفته الألوهة لنفسها. وأسمي كالقدر بالحسين.
وقد كان والده المدعو منصور، (حلاج) قطن، تنقل وهو معه في مختلف مراكز النسيج في الأهواز. ليصل إلى مدينة " واسط " حيث كانت مدرسة قرآنية معروفة، درس طفلنا فيها القراءة و القواعد، قبل أن يغادرها إلى بلدة " تستر " حيث أضحى مريداً لدى شيخ متصوف وصاحب طريقة تدعى بـ" السالمية " هو، السهل بن عبدالله التستري.