اهلا وسهلا بك اخى الكريم فى موقع الطريقة النقشبندية العلية والتصوف السنى عرف بنفسك او قم بالتسجيل حللت اهلا ونزلت سهلا نرجوا لك ان تقضى اسعد الاوقات وان تفيد وتستفيد حياك الله وبياك
محمد النقشبندى
الطريقة النقشبندية العلية
اهلا وسهلا بك اخى الكريم فى موقع الطريقة النقشبندية العلية والتصوف السنى عرف بنفسك او قم بالتسجيل حللت اهلا ونزلت سهلا نرجوا لك ان تقضى اسعد الاوقات وان تفيد وتستفيد حياك الله وبياك
محمد النقشبندى
الطريقة النقشبندية العلية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الطريقة النقشبندية العلية
دروس وخطب فقة حديث توحيد سيرة تصوف اسلامى اداب و سلوك احزاب و اوراد كتب مجانية تعليم طب بديل واعشاب بخور اسرة وطفولة اكلات قصص واشعار
السيدة رقية بنت محمد- رسول الله صلي الله عليه وسلم
4 مشترك
كاتب الموضوع
رسالة
الناظر عضو شرف
العمر : 55
موضوع: السيدة رقية بنت محمد- رسول الله صلي الله عليه وسلم الأربعاء يوليو 14, 2010 9:08 am
في الساعات الأولى لشروق فجر الرسالة النبوية، أشرقت نفس أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد وبناتها رضي الله عنهن بنور الإيمان، وصٌنِعنَ على عيني رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي صنع على عين الله عز وجل، فحمل نور الله، وهدى الله، وكلمة الله إلى الدنيا بأسرها. ومن بين صفوف نساء قريش، سيصوغ الإسلام امرأة منهن؛ لتكون واحدة من حبات العقد الفريد، والدر النضيد في البيت النبوي الطاهر، الذي أذهب الله عنه الرجس، وطهره تطهيراً. يا ترى من هذه الجوهرة؟ ([1]).
نشأت السيدة العفيفة الطاهرة رقية رضي الله عنها
ولدت السيدة رقية رقية بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم الهاشمية([2])، وأمها السيدة خديجة أم المؤمنين، ونشأت قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم([3]). وقد استمدت السيدة رقية رضي الله عنها كثيراً من شمائل أمها، وتمثلتها قولاً وفعلاً في حياتها من أول يوم تنفس فيِه صبح الإسلام، إلى أن كانت رحلتها الأخيرة إلى الله عز وجل. وسيرة حياة السيدة رقية رضي الله عنها، تستوفي كل الكنوز الغنية بمكارم الفضائل ونفحات الإيمان، وهذه الكنوز التي تغني المرء عن الدراهم والدنانير، بل أموال الدنيا كلها، فسيرة السيدة رقية تجعل النفوس تحلق في أجواء طيبة، لا يستطيع أصحاب الأموال والدنيا الوصول إليها، ولو صرفوا الدنيا وما فيها، لأن من يتذوق طعم حياة لاالأبرار، يترفع عن الحياة التي لا تعرف إلا الدرهم والدينار([4]).
زواجها رضي الله عنها من عُتبة
لم يمض على زواج السيدة زينب الكبرى رضي الله عنها غير وقت قصير، إلا وطرق باب خديجة ومحمد، وفد من آل عبد المطلب، جاء يخطب رقية وأختها التي تصغرها قليلاً لشابين من أبناء الأعمام وهما (عُتبة وعُتيبة) ولدا أبي لهب عم الرسول صلى الله عليه وسلم
وأحست السيدة رقية وأختها انقباضاً لدى أمهما السيدة خديجة، فالأم تعرف من تكون أم الخاطبين زوجة أبي لهب، ولعل كل بيوت مكة تعرف من هي أم جميل بنت حرب ذات القلب القاسي والطبع الشرس واللسان الحاد ولقد أشفقت الأم على ابنتيها من معاشرة أم جميل، لكنها خشيت اللسان السليط الذي سينطلق متحدثاً بما شاء من حقد وافتراء إن لم تتم الموافقة على الخطوبة والزواج ولم تشأ أم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها أيضاً أن تعكر على زوجها طمأنينته وهدوءه بمخاوفها من زوجة أبي لهب وتمت الموافقة، وبارك محمد ابنتيه، وأعقب ذلك فرحة العرس والزفاف وانتقلت العروسان في حراسة الله إلى بيت آخر وجو جديد
دعوة الرسول صلي الله عليه وسلم الناس إلى الإسلام
ودخلت السيدة رقية مع أختها السيدة أم كلثوم بيت العم، ولكن لم يكن مكوثهما هناك طويلاً فما كاد رسولنا محمد صلي الله عليه وسلم يتلقى رسالة ربه، ويدعو إلى الدين الجديد، وراح سيدنا رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم، يدعو إلى الإسلام سراً، فاستجاب لله عز وجل من شاء من الرجال ومن النساء والولدان. ويبدو أن عمات رسول الله قد نصحنه صلي الله عليه وسلم ألا يدعو عمه أبا لهب لكيلا تثور هائجته، فلا يدري بما يتكلم، وحتى لا تنفث زوجته أم جميل سمومها في بنات النبي فقد كان أبو لهب وأولاده ألعوبة تتحكم فيهم أم جميل التي تنهش الغيرة قلبها إذا ما أصاب غيرها خير وقد قام رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم بدعوة الناس إلى الإسلام وعندما علم أبو لهب بذلك أخذ يضحك ويسخر من رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم ثم رجع إلى البيت، وراح يروي لامرأته الحاقدة ما كان من أمر محمد ابن أخيه الذي أخبرهم أنه رسول الله إليهم؛ ليخرجهم من الظُلمات إلى النور وصراط العزيز الحميد، وشاركت أم جميل زوجها في سخريته وهزئه
ولعب شيطان الحقد في نفسها، وأحست برغبة عنيفة في داخلها للانتقام من أقرب الناس إليها من السيدة رقية ووالسيدة أم كلثوم رضي الله عنهما، وإن كان هذا الانتقام سيؤذي ولديها، ولكنها مادامت ستفرغ كل حقد ممكن لديها، وتقيء كل عصارة كيدها في جوانب نفسها، فلا مانع من ذلك حتى تحطم بزعمها الدعوة المحمدية وسلكت ضد سيدنا رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم أبشع السبل في اضطهاده، وزادت على ذلك أن أرسلت إلى أصهار رسول الله تطلب منهم مفارقة بنات الرسول، أما أبو العاص فرفض طلبهم مؤثرا ومفضلاً ً صاحبته زينب على نساء قريش جميعاً، وقد أمن في نهاية المطاف وجمع الله شمل الأحبة. وأما عُتبة وعُتيبة فلقد تكفلت أم جميل بالأمر دون أن تحتاج لطلب من أحد.
وطفقت أم جميل تنفث سمومها في كل مكان تكون فيه، ولم تكتف بكشف خبيئة نفسها الخبيثة، ولكنها راحت تزين للناس مقاومة الدعوة، واجتثاث أصولها؛لأنها تفرق بين المرء وأخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، وفصيلته التي تؤويه. ولما انتهت من طوافها، وهي تزرع بذور الفتنة، وتبغي نشر الحقد والفساد، راحت تجمع الحطب لتضعه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم لتؤذيه، وفي هذا دليل على بخلها الذي جبلت عليه([5]).
لاولكن القرآن الكريم تنزل على الحبيب المصطفى صلي الله عليه وسلم ندياً رطباً، ونزل القرآن عليه يشير إلى المصير المشؤوم لأم جميل بنت حرب، وزوجها المشؤوم أبي لهب، قال الله تعالى:
وكانتا السيدة رقية والسيدةأم كلثوم في كنف ابني عمهما، لما نزلت سورة المسد،وذاعت في الدنيا بأسرها، ومشي بعض الناس بها إلى أبي لهب وأم جميل، اربدَّ وجه كل واحد منهما، واستبد بها الغضب والحنق، ثم أرسلا ولديهما عُتبة وعُتيبة وقالا لهما: إنَّ محمداً قد سبهما، ثم التف أبو لهب إلى ولده عتبة وقال في غضب: رأسي من رأسك حرام إن لم تطلق ابنة محمد؛ فطلقها قبل أن يدخل بها
وأما عُتيبة، فقد استسلم لثورة الغضب وقال في ثورة واضطراب: لآتين محمداً فلأوذينَّه في ربه. وانطلق عتيبة بن أبي لهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشتمه ورد عليه ابنته وطلقها، فقال رسول الله"اللهم سلط عليه كلباً من كلابك" واستجابت دعوة الرسول r، فأكل الأسد عُتيبة في إحدى أسفاره إلى الشام([6]).
ولم يكفها أن ردت رقية وأم كلثوم مطلقتين، بل خرجت ومعها زوجها أبو لهب (الذي شذ عن الأعمام وآل هاشم، فقد جمع بين الكفر وعداوة ابن أخيه)، وسارت وإياه يشتمان محمداً، ويؤذيانه ويؤلبان الناس ضده، وقد صبر الرسول صلي الله عليه وسلم على أذاهم. وكذلك فعلت رقية وأختها، صبرتا مع أبيهما، وهما اللتان تعودتا أن تتجملا بالصبر قبل طلاقهما، لما كانت تقوم به أم جميل من رصد حركاتهما ومحاسبتهما على النظرة والهمسة واللفتة.
زواج السيدة رقية من سيدنا عثمان رضي الله عنهما :
شاءت قدرة الله للسيدة رقية رضي الله عنها أن ترزق بعد صبرها زوجاً صالحاً كريماً من النفر الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ذلك هو سيدنا (عثمان بن عفان) رضي الله عنه صاحب النسب العريق، والطلعة البهية، والمال الموفور، والخلق الكريم وسيدنا عثمان بن عفان أحد فتيان قريش مالاً، وجمالاً، وعزاً، ومنعةً، تصافح سمعه همسات دافئة تدعو إلى عبادة العليم الخبير الله رب العالمين. والذي أعزه الله في الإسلام سبقاً وبذلاً وتضحيةً، وأكرمه بما يقدم عليه من شرف المصاهرة، وما كان الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم ليبخل على صحابي مثل عثمان بمصاهرته، وسرعان ما استشار ابنته، ففهم منها الموافقة عن حب وكرامة، وتم لسيدنا عثمان رضي الله عنه نقل عروسه إلى بيته، وهو يعلم أن قريشاً لن تشاركه فرحته، وسوف تغضب عليه أشد الغضب ولكن الإيمان يفديه عثمان بالقلب ويسأل ربه القبول
ودخلت السيدة رقية رضي الله عنها بيت الزوج العزيز، وهي تدرك أنها ستشاركه دعوته وصبره، وأن سبلاً صعبة سوف تسلكها معه دون شك إلى أن يتم النصر لأبيها وأتباعه. وسعدت رقية رضي الله عنها بهذا الزواج من التقي النقي عثمان بن عفان رضي الله عنه، وولدت رقية غلاماً من عثمان فسماه عبد الله، واكتنى به([7])
السيدة رقية رضي الله عنها والهجرة إلى الحبشة:
ودارت الأيام , ومرت الأيام , لكي تختبر صدق المؤمنين، وتشهد أن أتباع محمد صلي الله عليه وسلم قد تحملوا الكثير من أذى المشركين، كان المؤمنون وفي مقدمتهم السيدة رقية وسيدنا عثمان رضي الله عنهم في كرب عظيم، فكفار قريش ينزلون بهم صنوف العذاب، وألوان البلاء والنقمة،(وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (البروج:8) ولم يكن رسول الله صلي الله عليه وسلم بقادر على إنقاذ المسلمين مما يلاقونه من البلاء المبين، وجاءه سيدنا عثمان وابنته السيدة رقية رضي الله عنهما يشكوان مما يقاسيان من فجرة الكافرين، ويقرران أنهما قد ضاقا باضطهاد قريش وأذاهم
وجاء نفر آخرون ممن آمن من المسلمين، وشكوا إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ما يجدون من أذى قريش، ومن أذى أبي جهل زعيم الفجار([8])
ثم أشار النبي عليهم بأن يخرجوا إلى الحبشة، إذ يحكمها ملك رفيق لا يظلم عنده أحد، ومن ثم يجعل الله للمسلمين فرجاً مما هم عليه الآن
وأخذت السيدة رقية وأخذ سيدنا عثمان رضي الله عنهما يعدان ما يلزم للهجرة، وترك الوطن الأم مكة أم القرى. ويكون سيدنا عثمان والسيدة رقية أول من هاجر على قرب عهدهما بالزواج، ونظرت السيدة رقية مع زوجها نظرة وداع على البلد الحبيب
وتمالكت دمعها قليلاً، ثم صعب ذلك عليها، فبكت وهي تعانق أباها صلي الله عليه وسلم وأمها رضي الله عنها وأخواتها الثلاث زينب وأم كلثوم والصغيرة فاطمة، رضي الله عنهم
ثم سارت راحلتها مع تسعة من المهاجرين، مفارقة الأهل والأحباب، وسيدنا عثمان رضي الله عنه هو أول من هاجر بأهله، ثم توافدت بعد ذلك بعض العزاء والمواساة، لكنها ظلت أبداً تنزع إلى مكة وتحن إلى من تركتهم بها، وظل سمعها مرهفاً يتلهف إلى أنباء أبيها الرسول صلي الله عليه وسلم وصحبة الكرام
ولقد أثرت شدة الشوق والحنين على صحتها، فأسقطت جنينها الأول، وخيف عليها من فرط الضعف والإعياء، ولعل مما خفف عنها الأزمة الحرجة رعاية زوجها وحبة وعطف المهاجرين وعنايتهم
وانطلق المهاجرون نحو الحبشة تتقدمهم السيدة رقية وسيدنا عثمان، رضي الله عنهما حتى دخلوا على النجاشي، فأكرم وفادتهم، وأحسن مثواهم، فكانوا في خير جوار،لا يؤذيهم أحد ويقيمون شعائر دينهم في أمن وأمان وسلام وكانت السيدةرقية رضي الله عنها في شوق واشتياق إلى أبيها رسول الله صلي الله عليه وسلم وأمها خديجة، رضي الله عنها ولكن المسافة بعيدة، وإن كانت الأرواح لتلتقي في الأحلام
وجاء من أقصى مكة رجل من أصحاب سيدنا رسول الله،صلي الله عليه وسلم, فاجتمع به المسلمون في الحبشة، وأصاغوا إليه أسماعهم حيث راح يقص عليهم خبراً أثلج صدورهم، خبر إسلام سيدنا حمزة بن عبد المطلب وسيدنا عمر بن الخطاب، وكيف أن الله عز وجل قد أعز بهما الإسلام. واستبشر المهاجرون بإسلام سيدنا حمزة وسيدنا عمر، فخرجوا راجعين، وقلوبهم تخفق بالأمل والرجاء، وخصوصاً سيدة نساء المهاجرين السيدة رقية بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم التي تعلق فؤادها وأفئدة المؤمنين بنبي الله محمد صلي الله عليه وسلم0
العودة إلى مكة:
وصلت إلى الحبشة شائعات كاذبة، تتحدث عن إيمان قريش بمحمد صلي الله عليه وسلم ، فلم يقو بعض المهاجرين على مغالبة الحنين المستثار، وسَرعان ما ساروا في ركب متجهين نحو مكة، ويتقدمهم سيدناعثمان والسيدة رقية رضي الله عنهما ولكن0000000 يا للخيبة المريرة، فما أن بلغوا مشارف مكة، حتى أحاطت بهم صيحات الوعيد والهلاك وطرقت السيدة رقية رضي الله عنها باب أبيها صلي الله عليه وسلمتحت جنح الظلام، فسمعت أقدام السيدة فاطمة والسيدة أم كلثوم رضي الله عنهما ، وما أن فتح الباب حتى تعانق الأحبة، وانهمرت دموع اللقاء. وأقبل سيدنا محمدصلي الله عليه وسلم نحو ابنته يحنو عليها ويسعفها لتثوب إلى السكينة والصبر، فالأم السيدة خديجة رضي الله عنها قد قاست مع رسول الله صلي الله عليه وسلم وآل هاشم كثيراً من الاضطهاد مع أنها لم تهاجر، وقد ألقاها المرض طريحة الفراش، لتودع الدنيا وابنتها ما تزال غائبة في الحبشة([9]).
وعندما علمت قريش برجوع المؤمنين المهاجرين، عملت على إيذائهم أكثر من قبل، واشتدت عداوتهم على جميع المؤمنين، مما جعل أصحاب الرسول صلي الله عليه وسلم في قلق، ولكنهم اعتصموا بكتاب الله، مما زاد ضراوة المشركين وزاد من عذابهم
وراح الفجرة الكفرة، يشددون على المسلمين في العذاب، وفي السخرية حتى ضاقت عليهم مكة، وقاسى سيدنا عثمان بن عفان من ظلم أقربائه وذويه الكثير
ولكن سيدنا عثمان صبر وصبرت معه السيدة رقية رضي الله عنهما مما جعل قريش، تضاعف وجبات العذاب للمؤمنين، فذهبوا إلى سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم يستأذنونه في الهجرة إلى الحبشة فأذن لهم، فقال سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه يا رسول الله، فهجرتنا الأولى وهذه الآخرة إلى النجاشي، ولست معنا. فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم أنتم مهاجرون إلى الله وإلي، لكم هاتان الهجرتين جميعاً". فقال عثمان: فحسبنا يا رسول الله.
وهاجرت السيدة رقية ثانية مع زوجها إلى الحبشة مع المؤمنين الذين بلغوا ثلاثة وثمانين رجلاً وبهذا تنفرد السيدة رقية ابنة رسول الله صلي الله عليه وسلم بأنها الوحيدة من بناته الطاهرات التي تكتب لها الهجرة إلى بلاد الحبشة، ومن ثم عُدت من أصحاب الهجرتين([10]). قال الإمام الذهبي- رحمه الله- عن هجرة السيدة رقية وسيدنا عثمان رضي الله عنهما :" هاجرت معه إلى الحبشة الهجرتين جميعاً. وفيهما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "إنهما أول من هاجرا إلى الله بعد لوط"([11]).
ولم يطل المقام بالسيدة رقية في مكة، ففي العام الثالث عشر للبعثة، كان أكثر المؤمنين من أهل البيت الحرام قد وصلوا إلى المدينة المنورة، ينتظرون نبيهم محمداً صلي الله عليه وسلم ليأتي إليهم وإلى اخوتهم الأنصار مهاجراً مجاهداً. وهناك في المدينة جلست السيدة رقية مع زوجها سيدنا عثمان،رضي الله عنهما ووضعت مولودها الجميل عبد الله... وراحت تملأ عينها من النظر إليه، لكي تنسى مرارة فقدها لجنينها، ولوعة مصابها في أمها، وما قاسته في هجرتها وهي بطلة الهجرتين من شجن الغربة. ويبدأ صراع جديد بين الحق والباطل، وترى رقية بوادر النصر لأبيها، فالله عز وجل قد أذن له وللمؤمنين أن يقاتلوا المشركين، ليدعموا بنيان المجتمع الإسلامي الجديد الذي بنوه بأيديهم في يثرب.
وفاتها رضي الله عنها
وينمو عبد الله ابن المجاهدين العظيمين نمواً طيباً، ولكن شدة العناية قد توقع في ما يحذره الإنسان أحياناً، فما بال عبد الله يميل نحو الهبوط، وتذبل ريحانته بعد أن كان وردة يفوح عطرها، ويزكو أريجها يا لله... وأخذ الزوجان يرقبان بعيون دامعة، وقلب حزين سكرات الموت يغالبها الصغير بصعوبة تقطع الفؤاد. ومات ابن السيدة رقية رضي الله عنها ، بعد أن بلغ ست سنين ومات بعد أن نقر الديك وجهه(عينه)، فتورم وطمر وجهه ومرض ثم مات، وبكته أمه وأبوه، وافتقد جده صلي الله عليه وسلم بموته ذلك الحمل الوديع الذي كان يحمله بين يديه كلما زار بيت ابنته، ولم تلد رقية بعد ذلك([12]).
ولم يكن لرقية سوى الصبر وحسن التجمل به، ولكن كثرة ما أصابها في حياتها من مصائب عند أم جميل، وفي الحبشة، كان لها الأثر في أن تمتد إليها يد المرض والضعف، ولقد آن لجسمها أن يستريح على فراش أعده لها زوجها سيدنا عثمان رضي الله عنه ، وجلس بقربها الزوج الكريم يمرضها ويرعاها، ويرى في وجهها علامات مرض شديد وألم قاس تعانيه، وراح سيدنا عثمان يرنو بعينين حزينتين إلى وجه رقية الذابل، فيغص حلقه آلاما، وترتسم الدموع في عينيه، وكثيراً ما أشاح بوجهه لكي يمسك دمعة تريد أن تنهمر، ولقد كانت السيدة رقية رضي الله عنها تحس هذا الشيء، فتتجلد وتبذل ما أمكنها، لكي تبتسم له ابتسامة تصطنعها حتى تعود إليه إشراقة وجهه النضير... وتنهال على رأسه الذكريات البعيدة، ورأى السيدة رقية رضي الله عنها وهي في الحبشة تحدث المهاجرات حديثاً يدخل البهجة إلى النفوس، ويبعث الآمال الكريمة في الصدور، وتقص عليهن ما كانت تراه من مكارم أبيها رسو ل الله صلي الله عليه وسلم وحركت هذه الذكريات أشجان سيدنا عثمان، وزادت في مخاوفه، وكان أخشى ما يخشاه أن تموت السيدة رقية رضي الله عنهما ، فينقطع نسبه لرسول الله صلي الله عليه وسلم .
ورنا سيدنا عثمان ثانية إلى وجه زوجته الذابل، ففرت سكينته، ولفه حزن شديد ممزوج بخوف واضطراب، حيث كانت الأنفاس المضطربة التي تلتقطها رقية جهدها، تدل على فناء صاحبتها.
كانت السيدة رقية تغالب المرض، ولكنها لم تستطع أن تقاومه طويلاً، فأخذت تجود بأنفاسها، وهي تتلهف لرؤية أبيها صلي الله عليه وسلم الذي خرج إلى بدر، وتتلهف لرؤية أختها زينب رضي الله عنها في مكة
وجعل سيدنا عثمان رضي الله عنه يرنو إليها من خلال دموعه، والحزن يعتصر قلبه، مما كان أوجع لفؤاده أن يخطر على ذهنه، أن صلته الوثيقة برسول الله صلي الله عليه وسلم توشك أن تنقطع.
وكان مرض السيدة رقية رضي الله عنها الحصبة، ثم بعد صراعها مع هذا المرض، لحقت السيدة رقية رضي الله عنها بالرفيق الأعلى، وكانت أول من لحق بأم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها من بناتها، لكن السيدة رقية توفيت بالمدينة، والسيدة خديجة توفيت بمكة قبل بضع سنين، ولم تراها السيدة رقية، وتوفيت السيدة رقية، ولم ترى أباها رسول الله صلي الله عليه وسلم حيث كان ببدر مع أصحابه الكرام، يعلون كلمة الله، فلم يشهد دفنها صلى الله عليه وسلم([13]).
وحُمِل جثمان السيدة رقية رضي الله عنها على الأعناق، وقد سار زوجها خلفه، وهو حزين، حتى إذا بلغت الجنازة البقيع، دفنت السيدة رقية هنالك، وقد انهمرت دموع المشيعين.
وسوى التراب على قبر السيدة رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عاد المجاهدون من بدر يبشرون المؤمنين بهزيمة المشركين، وأسر أبطالهم. وفي المدنية المنورة خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم إلى البقيع، ووقف على قبر ابنته يدعو لها بالغفران.
لقد ماتت السيدة رقية ذات الهجرتين قبل أن تسعد روحها الطاهرة بالبشرى العظيمة بنصر الله، ولكنها سعدت بلقاء الله في داره([14]).
ولما توفيت السيدة رقية رضي الله عنها بكت النساء عليها في رواية ابن سعد: قال: لما ماتت السيدة رقية بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " ألحقي بسلفنا عثمان بن مظعون" فبكت النساء عليها؛ فجعل عمر يضربهن بسوطه , فأخذ النبي صلي الله عليه وسلم بيده، وقال: " دعهن يبكين"، ثم قال: " ابكين، وإياكن ونعيق الشيطان؛ فإنه مهما يكن من القلب والعين فمن الله والرحمة، ومهما يكن من اليد واللسان فمن الشيطان"، فقعدت فاطمة على شفير القبر إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت تبكي، فجعل رسول الله يمسح الدمع عن عينها بطرف ثوبه([15]).
لكِ الله يا طاهرة , لكِ الله يا صابرة , لكِ الله أيتها التقية المجاهدة
رحم الله السيدة رقية بطلة الهجرتين، وصلاة وسلاماً على والدها في العالمين ورحم معها أمها وأخواتها وابنها وشهداء بدر الأبطال، وسلام عليها وعلى المجاهدين الذين بذلوا ما تسع لهم أنفسهم به من نصره لدين الله ودفاع عن كلمة الحق والتوحيد إلى يوم الدين، و السعي إلى إعلاء كلمة الله.
المصادر والمراجع: 1 أحمد خليل جمعه، نساء أهل البيت، اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، دمشق- بيروت، 1415هـ -1994م.
3.الزركلي، الأعلام ، دار العلم للملايين، المجلد الثالث، الطبعة12، بيروت- لبنان، شباط/فبراير 1997م.
4. عمر رضا كحاله، أعلام النساء، مؤسسة الرسالة،ج1، بيروت، 1379هـ 1959م.
5. محمد موفق سليمة، بنات النبي، دار الهدى للنشر والتوزيع، ط3، الرياض 1420هـ - 1999م. ------------------------ (1) انظر نساء أهل البيت، ص490.
[2] انظرالأعلام ،خير الدين الزركلي، ص31. وانظر نساء أهل البيت، ص491. وانظر طبقات ابن سعد، ص37،36.
[3] انظر سير أعلام النبلاء، الإمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، ص 250.انظر الأعلام ص31.
[4] انظر نساء أهل البيت،ص492.
[5] نساء أهل البيت، ص494-495.
[6] انظر بنات النبي، محمد موفق سليمة، ص44-46. انظر نساء أهل البيت،ص 495 و 496. انظر الأعلام ص 31. ل
[7] انظرنساء أهل البيت،ص496-498.انظر بنات النبي،ص48-49. انظر الأعلام، ص31.
[8] كان أبو جهل عمرو هشام يأتي الرجل الشريف إذا أسلم، فيقول له أتترك دين أبيك وهو خير منك، وتقبل رأيه وتضع شرفه؟ وإن كان تاجراً قال:ستكسد تجارتك، ويهلك مالك، وإن كان ضعيفاً أغرى به حتى يعذب.
فأذن رسول الله لأصحابه، فهاجروا إلى الحبشة في السنة الخامسة من المبعث. (أنساب الأشراف 1/198).
[9] انظر بنات النبي، ص50- 51.
[10] انظر نساء أهل البيت، ص502-503.
[11] انظر سير أعلام النبلاء، ص201. انظر نساء أهل البيت، ص503.
[12] انظر نساء أهل البيت،ص 499. انظر سير أعلام النبلاء،ص 251.انظر بنات النبي، ص 54،55.
[13] انظر نساء أهل البيت، ص506،507.انظر بنات النبي، ص55-59. انظر أعلام النساء، ص457.
[14] انظر نساء أهل البيت،508،507.
[15] انظر سير أعلام النبلاء، ص 202،201. قال ابن سعد في النص "هذا منكر" من جانب الشدة والعسر أما من جانب الفقه، فإن الإسلام لا يحرم أن تبكي المرأة على من تفقد منقوووووول للفائده [/size]
admin
مؤسس المنتدى
العمر : 47
موضوع: رد: السيدة رقية بنت محمد- رسول الله صلي الله عليه وسلم الإثنين أبريل 18, 2011 6:50 am
ابداع رائع وطرح يستحق المتابعة في غاية الروعه والجمال .. الف شكر على الموضوع .. جزاك الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك شكراً لك بانتظار الجديد القادم دمت بكل خير [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ابن الرفاعى المشرف العام
العمر : 45
موضوع: رد: السيدة رقية بنت محمد- رسول الله صلي الله عليه وسلم الخميس سبتمبر 15, 2011 10:21 am
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] واكثر من رائع بارك الله فيك وجزاك الفردوس الاعلى ان شاء الله دمت بحفظ الله ورعايته
ابوالزهراء المشرف العام
العمر : 48
موضوع: رد: السيدة رقية بنت محمد- رسول الله صلي الله عليه وسلم الأحد فبراير 17, 2013 11:40 am
كل الشكر والامتنان على روعه طرحك وروعه مانــثرت .. وجمال موضوعك دائما متميز في الانتقاء سلمت يالغالي يعطيك الف عافيه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] نترقب المزيد من جديدك الرائع دمت ودام لنا روعه مواضيعك دمت ودام قلمك ربي لايحرمنا من هذا القلم الذهبي ودائما بأنتظار جديدك الشيق [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
السيدة رقية بنت محمد- رسول الله صلي الله عليه وسلم
المشاركات المنشورة بالمنتدى لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى ولا تمثل إلا رأي أصحابها فقط ولا يتحمّل الموقع أيّة مسؤوليّة عن المواد الّتي يتم عرضها أو نشرها في منتدي الطريقة النقشبندية العلية ويتحمل المستخدمون بالتالي كامل المسؤولية عن كتاباتهم وإدراجاتهم التي تخالف القوانين أو تنتهك حقوق الملكيّة أو حقوق الآخرين أو أي طرف آخر. ادارى المنتدى : محمد عبده النقشبندى