بيان عقيدة الإمام الأشعري
من أجل معرفة عقيدة الإمام الأشعري لا بد أن نكون على خبرة كاملة بكتبه، وكتبه كثيرة.
ولم يصل إلى يدنا سوى خمسة منها:
1- الإبانة عن أصول الديانة.
2- الرسالة إلى أهل الثغر.
3- اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع.
4- مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين.
5- إستحسان الخوض في علم الكلام، وهي رسالة صغيرة في نحو عشر صفحات.
وقد بين الإمام تفاصيل عقيدته التي يعتقدها ويدين الله بها في الكتب الثلاثة الأولى.
وأما مقالات الإسلاميين فلم يقصد فيه إلى بيان عقيدته، لكنه حكى فيه جملة قول أصحاب الحديث وأهل السنة، وبعد ما انتهى من حكايته قال: فهذه جملة ما يأمرون به ويستعملونه ويرونه، وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول، وإليه نذهب.
وفي ثنايا الكتاب حينما يورد عقيدة بعض الفرق، قد يقول: وقال أهل الحق، أو يعقبها بقوله: وهو الحق.
وبهذه الطريقة يكون الإمام قد صرح بعقيدته في هذا الكتاب أيضا.
وأما رسالة: "استحسان الخوض في علم الكلام" فقد قصد الإمام فيها إلى الدفاع عن الخوض في علم الكلام الذي كان هو خائضا فيه حينما كان معتزليا وبعد تحوله إلى عقيدة أهل السنة، وقصد فيها الرد على شبه من يرى أن الخوض في علم الكلام بدعة وضلال، ولم يتعرض فيها إلى بيان عقيدته.
وهناك كتاب يعتبر جمعا لمقالات الشيخ المتعلقة بالعقيدة، وهو كتاب "مجرد مقالات الشيخ أبي الحسن الأشعري" لأبي بكر محمد بن الحسن بن فورك، وقد بين ابن فورك منهجه في جمع مقالات الشيخ أبي الحسن وبيانها في فاتحة الكتاب، فقال:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله أولا وآخرا، وصلى الله على محمد ظاهرا وباطنا، وسلم كثيرا.
أما بعد: فقد وقفت على ما سألتم –أسعدكم الله بطاعته- من شدة حاجتكم إلى الوقوف على أصول مذاهب شيخنا أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري رضي الله تعالى عنه، وما تبنى عليه أدلته وحُجَجُه على المخالفين، وأن أجمع لكم منها متفرقها في كتبه ما يوجد منها منصوصا له، وما لا يوجد منصوصا له أجبنا فيه على حسب ما يليق بأصوله وقواعده، وأعرفكم مع ذلك ما اختلف قوله فيه في كتبه، وما قطع به منها. وما لم يقطع بأحدهما ورأينا أن أحدهما أولى بمذهبه وأليق بأصوله فنبهنا عليه...
والله أسأل حسن المعونة على إتمام ما أسعفناكم به من الإجابة إلى هذا المطلوب، وإليه نرغب في عصمتنا من الخطأ والزلل، وأعاذ بنا من شر القول والعمل، إنه ولي قدير.
هذا هو منهج ابن فورك في كتابه وهو مؤلف من ثلاث فقرات:
1- جمع مقالات الشيخ المنصوصة عليها في كتبه.
2- ما لا يوجد منصوصا عليه في كتبه يبينها ابن فورك باجتهاده، ويجيب عليها بتخريجها على أصوله وقواعده.
3- ما اختلف قوله فيه في كتبه، فإذا كان الشيخ قد قطع به في بعض كتبه بينه، وما لم يقطع به منها، ورأى ابن فورك أن أحد القولين أولى بمذهب الشيخ وأليق بأصوله نبه ابن فورك على ذلك.
وبعد انتهاء ابن فورك من الأبواب المتعلقة بالعقيدة وبأصول الفقه قال: واعلم أن الذي أجبنا عنه في هذه المسائل هو مما قد نص على بعضها في كتبه ومسائله المتفرقة، ومنها ما أجبنا عنه على مقتضى أصوله، ومنها ما استنبطناه من معنى كلامه، فاعلمه. [202]. وهذا من ابن فورك تكرار لمنهجه في الكتاب، وتأكيد عليه.
ثم كرر ابن فورك منهجه في بيان أقوال الإمام في آخر الكتاب أيضا، ثم قال: وقلنا في جميع ذلك: إنه كان يقول كذا وكذا.
وفي منهجه هذا ما فيه من التعمية في بيان مذاهب الإمام أبي الحسن، حيث نسب إليه ما صرح الإمام به، وما استنبطه هو تخريجا على أصوله وقواعده على طريقة واحدة، وهو قوله: قال كذا وكذا، بدون أن يميز بين هذين النوعين من المذاهب التي نسبها إليه، وكان عليه أن يميز بينهما حتى يكون الباحث على بصيرة وتمييز بين التي صرح بها الإمام، والتي هي مخرجة على أصوله وقواعده.
وقد صرح ابن فورك في هذا الكتاب بالنقل عن اثنين وثلاثين كتابا من كتب الشيخ بأسمائها.
فرأينا في بحثنا هذا أن نستخلص ما في كتب الإمام الثلاثة "الإبانة"، "الرسالة إلى أهل الثغر"، "اللمع" حتى لا يتضخم البحث، ثم نتبعها بما صرح الشيخ في كتاب "مقالات الإسلاميين" أنه يقول به ويذهب إليه من جملة قول أصحاب الحديث وأهل السنة، ثم نعقب ذلك بمقتطفات من كتاب: "مجرد مقالات الأشعري" رأيناها مهمة في الموضوع، وبها يكتمل تصور مذهب الشيخ.
وبذلك نكون قد وضعنا أمام القارئ عقيدة الإمام أبي الحسن كاملة، وما أمكننا التوصل إليه من مذاهبه المتعلقة بالعقيدة من أقرب طريق إلى معرفتها.
فعلنا ذلك حتى يكون حكمنا على عقيدة الشيخ أو مذاهبه أقرب إلى الصواب، وكي يسهل على القارئ التبين من صحة حكمنا هذا وخطئه. والله الموفق للصواب، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ونبدأ من هذه الكتب بكتاب "الإبانة" ونثني بـ"الرسالة إلى أهل الثغر" ونثلث بـ"اللمع" .
كتاب الإبانة
أما كتاب "الإبانة" فقد قدم الشيخ له بعد الخطبة بفصلين، وقد أورد ابن عساكر هذين الفصلين في كتابه: "تبيين كذب المفتري في ما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري".
الفصل الأول: بين فيه عقائد أهل القدر والاعتزال التي خالفوا فيها سلف الأمة.
الفصل الثاني: في إبانة قول أهل الحق والسنة مجردة عن دلائلها العقلية، وهذا الفصل هو أصل الكتاب، وقد احتوى تقريبا على كل ما حواه الكتاب من العقائد وزيادة.
وأما ما عداه من الأبواب التالية له، وهي أربعة عشر بابا فقد اشتملت على الاستدلال للعقائد الواردة في عناوينها والدفاع عنها، ودفع الشبه الموردة عليها.
فرأينا وفاء بحق الكتاب، وتيسيرا على القارئ الإحاطة بما فيه من العقائد أن نورد هذين الفصلين كاملين على وفق ما أورده الإمام ابن عساكر في كتابه "تبيين كذب المفتري"[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، وحذف ما ورد في النسخ الأخرى من الزيادات. ثم نأتي بعناوين الأبواب الأربعة عشرة مع الإشارة في بعضها إلى جملة مما ورد فيهاـ مما يهمنا في بحثنا هذاـ من عقيدة الإمام أبي الحسن، ومن مذاهبه المتعلقة بالعقيدة، فنقول -وبالله التوفيق-:
فصل في قول أهل الزيغ والبدع:
أما بعد: فإن كثيرا من المعتزلة وأهل القدر مالت بهم أهواؤهم إلى التقليد لرؤسائهم ومن مضى من أسلافهم، فتأولوا القرآن على آرائهم تأويلا لم ينزل به الله سلطانا، ولا أوضح به برهانا، ولا نقلوه عن رسول رب العالمين، ولا عن السلف المتقدمين .
فخالفوا روايات الصحابة -رضي الله عنهم- عن نبي الله صلى الله عليه وسلم في رؤية الله عز وجل بالأبصار، وقد جاءت في ذلك الروايات من الجهات المختلفات، وتواترت بها الآثار وتتابعت بها الأخبار.
وأنكروا شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم للمذنبين، وردوا الروايات في ذلك عن السلف المتقدمين .
وجحدوا عذاب القبر، وأن الكفار في قبورهم يعذبون، وقد أجمع على ذلك الصحابة والتابعـون رضي الله عنهم أجمعين.
ودانوا بخلق القرآن نظيراً لقول إخوانهم من المشركين؛ الذين قالوا: {إن هذا إلا قول البشر}.
فزعموا أن القرآن كقول البشر.
وأثبتوا وأيقنوا أن العباد يخلقون الشر، نظيراً لقول المجوس الذين يثبتون خالقين:
أحدهما يخلق الخير، والآخر يخلق الشر .
وزعمت القدرية أن الله تعالى يخلق الخير، وأن الشيطان يخلق الشر.
وزعموا أن الله تعالى يشاء ما لا يكون، ويكون مالا يشاء، خلافاً لما أجمع عليه المسلمون من أن ما شاء الله كان، وما لا يشاء لا يكون، وردًا لقول الله تعالى: {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله}.
فأخبر تعالى أنا لا نشاء شيئا إلا وقد شاء أن نشاءه.
ولقوله: {ولو شاء الله ما اقتتلوا}، ولقوله تعالى: {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها}، ولقوله تعالى: {فعال لما يريد}، ولقوله تعالى مخبراً عن شعيب صلى الله عليه وسلم أنه قال: {وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا}.
ولهذا سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مجوس هذه الأمة؛ لأنهم دانوا بديانة المجوس، وضاهوا أقوالهم.
وزعموا أن للخير والشر خالقين، كما زعمت المجوس، وأنه يكون من الشر ما لا يشاء الله، كما قالت المجوس ذلك .
وزعموا أنهم يملكون الضر والنفع لأنفسهم، رداً لقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله}، وانحرافا عن القرآن، وعما أجمع المسلمون عليه.
وزعموا أنهم ينفردون بالقدرة على أعمالهم دون ربهم، وأثبتوا لأنفسهم غنى عن الله عز وجل، ووصفوا أنفسهم بالقدرة على ما لم يصفوا الله عز وجل بالقدرة عليه، كما أثبت المجوس -لعنهم الله- للشيطان من القدرة على الشر ما لم يثبتوه لله عز وجل، فكانوا مجوس هذه الأمة؛ إذ دانوا بديانة المجوس، وتمسكوا بأقوالهم، ومالوا إلى أضاليلهم .
وقنطوا الناس من رحمة الله، وآيسوهم روحه، وحكموا على العصاة بالنار والخلود، خلافا لقول الله تعالى: {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}.
وزعموا أن من دخل النار لا يخرج منها، خلافا لما جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل يخرج قوما من النار بعد ما امْتَحَشُوا فيها وصاروا حمما).
ودفعوا أن يكون لله وجه مع قوله عز وجل: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}.
وأنكروا أن يكون لله يدان مع قوله سبحانه: {لما خلقت بيدي}.
وأنكروا أن يكون له عين مع قوله سبحانه: {تجري بأعيننا}، ولقوله: {ولتصنع على عيني}.
ونفوا ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: (أن الله عز وجل ينزل إلى سماء الدنيا).
وأنا أذكر ذلك –إن شاء الله تعالى- بابا بابا. وبه المعونة والتأييد، ومنه التوفيق والتسديد.
فصل في إبانة قول أهل الحق والسنة:
فإن قال قائل: قد أنكرتم قول المعتزلة، والقدرية، والجهمية، والحرورية، والرافضة، والمرجئة، فعرفونا قولكم الذي به تقولون، وديانتكم التي بها تدينون. قيل له:
قولنا الذي به نقول، وديانتنا التي ندين بها، التمسك بكتاب الله عز وجل، وسنة نبينه صلى الله عليه وسلم، وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون، وبما كان عليه أحمد بن حنبل - نضر الله وجهه، ورفع درجته، وأجزل مثوبته - قائلون، ولمن خالف قوله مجانبون؛ لأنه الإمام الفاضل، والرئيس الكامل، الذي أبان الله به الحق عند ظهور الضلال، وأوضح به المنهاج، وقمع به بدع المبتدعين، وزيغ الزائغين، وشك الشاكين، فرحمة الله عليه من إمام مقدَم، وكبير مفهَم ،وعلي جميع أئمة المسلمين.
وجملة قولنا: أن نقر بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وما جاء من عند الله، وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا نرد من ذلك شيئا، وأن الله عز وجل إلٓه واحد، فرد صمد، لا إلٓه غيره، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، وأن محمدا عبده ورسوله.
وأن الجنة والنار حق، {وأن الساعة آتية لا ريب فيها}، {وأن الله يبعث من في القبور}.
وأن الله تعالى استوى على عرشه، كما قال:{الرحمن على العرش استوى}.
وأن له وجها، كما قال: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}.
وأن له يدا، كما قال: {بل يداه مبسوطتان}، و قال: {لما خلقت بيدي}.
وأن له عينا بلا كيف، كما قال: {تجري بأعيننا}.
وأن من زعم أن اسم الله غيره كان ضالا .
وأن لله علما، كما قال: {أنزله بعلمه}، وقوله: {وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه}.
ونثبت لله قدرة، كما قال: {أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة}.
ونثبت لله السمع والبصر، ولا ننفى ذلك كما نفته المعتزلة، والجهمية، والخوارج.
ونقول: إن كلام الله غير مخلوق، وإنه سبحانه لم يخلق شيئا إلا وقد قال له: كن فيكون، كما قال: {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون}.
وإنه لا يكون في الأرض شيء من خير و شر إلا ما شاء الله، وإن الأشياء تكون بمشيئة الله عز وجل، وإن أحدا لا يستطيع أن يفعل شيئا قبل أن يفعله الله، ولا نستغني عن الله، ولا نقدر على الخروج من علم الله عز وجل .
وإنه لا خالق إلا الله، وإن أعمال العباد مخلوقة لله مقدورة له، كما قال سبحانه: {والله خلقكم وما تعملون}، وإن العباد لا يقدرون أن يخلقوا شيئا، وهم يخلقون، كما قال: {هل من خالق غير الله}، وكما قال: {لا يخلقون شيئا وهم يخلقون}، وكما قال سبحانه: {أفمن يخلق كمن لا يخلق}، وكما قال: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون}، وهذا في كتاب الله كثير.
وإن الله وَفّق المؤمنين لطاعته، ولطف بهم، ونظر لهم، وأصلحهم، وهداهم، وأضل الكافرين ولم يهدهم، ولم يلطف بهم بالإيمان، كما زعم أهل الزيغ والطغيان، ولو لطف بهم وأصلحهم كانوا صالحين، ولو هداهم كانوا مهتدين، كما قال تبارك و تعالى: {من يهدِ الله فهو المهتد ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون}.
وإن الله يقدر أن يصلح الكافرين، ويلطف لهم حتى يكونوا مؤمنين، ولكنه أراد أن يكونوا كافرين، كما علم، وأنه خذلهم وطبع على قلوبهم.
وإن الخير والشر بقضاء الله وقدره، وإنا نؤمن بقضاء الله وقدره، خيره وشره، وحلوه ومره، ونعلم أن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وأن ما أخطأنا لم يكن ليصيبنا.
وإنا لا نملك لأنفسنا نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله.
وإنا نلجئ أمورنا إلى الله، ونثبت الحاجة والفقر في كل وقت إليه.
ونقول: إن القرآن كلام الله غير مخلوق، وإن من قال بخلق القرآن كان كافرا.
وندين أن الله يُرى بالأبصار يوم القيمة، كما يُرى القمر ليلة البدر، يراه المؤمنون، كما جاءت الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ونقول: إن الكافرين إذا رآه المؤمنون عنه محجوبون ، كما قال سبحانه: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون}، وإن موسى سأل الله عز وجل الرؤية في الدنيا، وإن الله تعالى تجلى للجبل فجعله دكا، وأعلم بذلك موسى أنه لا يراه في الدنيا .
ونرى أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب يرتكبه، كالزنا، والسرقة، وشرب الخمر، كما دانت بذلك الخوارج، وزعموا أنهم كافرون .
ونقول: إن من عمل كبيرة من الكبائر وما أشبهها مستحلا لها، كان كافراً إذا كان غير معتقد تحريمها.
ونقول: إن الإسلام أوسع من الإيمان، وليس كل إسلام بإيمان .
وندين بأنه يقلب القلوب، وأن القلوب بين أصبعيـن من أصابعه.
وندين بأن لا ننزل أحدا من الموحدين المستمسكين بالإيمان جنة ولا نارا، إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة.
ونرجو الجنة للمذنبين، ونخاف عليهم أن يكونوا بالنار معذبين.
ونقول: إن الله عز وجل يخرج من النار قوما بعد ما امتَحَشوا بشفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ونؤمن بعذاب القبر، ونقول: إن الحوض والميزان حق، والصراط حق، والبعث بعد الموت حق، وأن الله عز وجل يوقف العباد في الموقف، ويحاسب المؤمنين .
وإن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، ونسلم للروايات الصحيحة في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي رواها الثقات عدل عن عدل، حتى تنتهي الرواية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وندين بحب السلف الذين اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، ونثني عليهم بما أثنى الله عليهم، ونتولاهم أجمعين.
ونقول: إن الإمام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر رضي الله عنه، وأن الله سبحانه وتعالى أعز به الدين، وأظهره على المرتدين، وقدمه المسلمون للإمامة، كما قدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة ، ثم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم عثمان نضر الله وجهه، قتله قاتلوه ظلما وعدوانا، ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
فهؤلاء الأئمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلافتهم خلافة النبوة.
ونشهد للعشرة بالجنة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونتولى سائر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ونكف عما شجر بينهم.
وندين الله أن الأئمة الأربعة راشدون، مهديون فضلاء، لا يوازيهم في الفضل غيرهم.
ونصدق بجميع الروايات التي ثبتها أهل النقل من النزول إلى سماء الدنيا، وأن الرب عز وجل يقول: (هل من سائل، هل من مستغفر) ، وسائر ما نقلوه وأثبتوه خلافا لما قاله أهل الزيغ والتضليل .
ونعوِّل فيما اختلفنا فيه على كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وإجماع المسلمين، وما كان في معناه، ولا نبتدع في دين الله بدعة لم يأذن الله بها، ولا نقول على الله مالا نعلم .
ونقول: إن الله عز وجل يجيء يوم القيامة، كما قال سبحانه: {وجاء ربك والملك صفا صفا}.
وإن الله يقرب من عباده كيف شاء ، كما قال تعالى: {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد}، وكما قال: {ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى}.
ومن ديننا أن نصلي الجمعة والأعياد خلف كل بر وفاجر، وكذلك سائر الصلوات الجماعات كما روي عن عبد الله بن عمر كان يصلي خلف الحجاج.
وأن المسح على الخفين في الحضر والسفر، خلافا لمن أنكر ذلك.
ونرى الدعاء لأئمة المسلمين بالصلاح والإقرار بإمامتهم، وتضليل من رأى الخروج عليهم إذا ظهر منهم ترك الاستقامة .
وندين بترك الخروج عليهم بالسيف، وترك القتال في الفتنة، ونقر بخروج الدجال كما جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ونؤمن بعذاب القبر، ومنكر ونكير ، ومساءلتهم المدفونين في قبورهم .
ونصدق بحديث المعراج، ونصحح كثيرا من الرؤيا في المنام، ونقول: إن لذلك تفسيرا.
ونرى الصدقة عن موتى المؤمنين، والدعاء لهم، ونؤمن أن الله ينفعهم بذلك.
ونصدق بأن في الدنيا سحرا، وأن السحر كائن وموجود في الدنيا.
وندين بالصلاة على من مات من أهل القبلة، مؤمنهم وفاجرهم، ومواريثهم.
ونقر أن الجنة والنار مخلوقتان.
وأن من مات وقتل فبأجله مات أو قتل.
وأن الأرزاق من قبل الله سبحانه، يرزقها عباده حلالا وحراما.
وأن الشيطان يوسوس للإنسان، ويشككه ويخبطه، خلافا لقول المعتزلة والجهمية، كما قال تعالى: {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس}، وكما قال: {من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس}.
ونقول: إن الصالحين يجوز أن يخصهم الله تعالى بآيات يظهرها عليهم.
وقولنا في أطفال المشركين: إن الله تعالى يؤجج لهم نارا في الآخرة، ثم يقول اقتحموها، كما جاءت الرواية بذلك .
وندين بأن الله عز وجل يعلم ما العباد عاملون، وإلى ما هم صائرون، وما يكون، وما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون.
وبطاعة الأئمة ونصيحة المسلمين.
[/b]