خرج الإمام أحمد من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول(إذا كنز الناس الذهب والفضة فاكنزوا أنتم هؤلاء الكلمات,اللهم إني أسألك الثبات في الأمر , والعزيمة على الرشد , وأسالك شكر نعمتك , وحسن عبادتك , وسألك قلباً سليماً , وأسالك لساناً صادقاً , وأسالك من خير ما تعلم , وأعوذ بك من شر ما تعلم , واستغفرك لما تعلم , إنك أنت علام الغيوب,اشارة إلى أن كنز هذه الكلمات , أنفع من كنز الذهب والفضة,فإن هذه الكلمات نفعها يبقى , قال الله تعالى( المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خيرٌ عند ربك ثواباً وخير أملا ) سورة الكهف,قال صلى الله عليه وسلم,أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا,قالوا وما زهرة الدنيا يا رسول الله,قال ( بركات الأرض )عن ثوبان أنه قال,لما نزلت هذه الآية(والذين يكنزون الذهب والفضة)فقال النبي صلى الله عليه وسلم, تباً للذهب والفضة ,فقالوا يا رسول الله فما نتخذ, قال ( ليتخذ أحدكم قلباً شاكراً,ولساناً ذاكراً , وزوجة صالحة , تعين أحدكم على إيمانه) قال بعض السلف ,إنما سمي الذهب ذهباً لأنه يذهب , وسميت الفضة لأنها تنفض , يعني تذهب بسرعة فلا بقاء لهما , فمن كنزهما فقد أراد بقاء مالاّ بقاء له, فإن نفعهما ماهو إلا بإنفاقهما في وجوه البر وسبل الخير,وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال( من أتاه الله مالاً فلم يؤدي زكاته , مثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع , له زبيبتان , يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه,يعني شدقيه ,ثم يقول ,أنا مالك , أنا كنزك ) ثم تلا ( ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله )
الشجاع,الحية الذكر,والأقرع ,الذي تمعط شعر فروة رأسه لكثرة سمّه ,فلهذا ورد الشرع بالأمر باكتناز ما بقي نفعه بعد الموت , من الايمان والأعمال الصالحة والكلمات الطيبة فإن نفع ذلك يبقى, يعني لا يكنز سوى طاعته , ومحبته , والتقرب إليه . فمن كان كنزه ربه وجده وقت حاجته إليه ,كما في وصية النبي صلى الله عليه وسلم لإبن عباس( احفظ الله يحفظك , احفظ الله تجده أمامك , تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة )
من كان الله كنزه فقد ظفر بالغنى الأكبر,قال صلى الله عليه وسلم( والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها )فقول النبي صلى الله عليه وسلم ,أسألك الثبات في الأمر ,المراد بالأمر ,الدين والطاعة ,فيالله الثبات على الدين إلى الممات,قال الله تعالى( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ) سورة فصلت الذين قالوا ربنا الله كثير ,ولكن أهل الإستقامة قليل ,نسأل الله أن نكون منهم .