بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : متى تبدأ الساعة الأولى من يوم الجمعة ؟
فأجاب : " الساعات التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم خمس : فقال : ( مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ. فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً. وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً. وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشاً أَقْرَنَ. وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً. وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً ) ، فقسَّم الزمن من طلوع الشمس إلى مجيء الإمام خمسة أقسام ، فقد يكون كل قسم بمقدار الساعة المعروفة ، وقد تكون الساعة أقل أو أكثر ؛ لأن الوقت يتغير ، فالساعات خمس ما بين طلوع الشمس ومجيء الإمام للصلاة ، وتبتدئ من طلوع الشمس ، وقيل : من طلوع الفجر ، والأول أرجح ؛ لأن ما قبل طلوع الشمس وقت لصلاة الفجر " انتهى . ( مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين )
س3 : هل يصح الجمع بين صلاة العصر والجمعة ؟
(الشيخ ابن عثيمين) : لا يصح ذلك لوجوه :
الأول : أنه قياس في العبادات .
الثاني : أن الجمعة صلاة مستقلة منفردة بأحكامها تفترق مع الظهر بأكثر من عشرين حكما , ومثل هذه الفروق تمنع أن تلحق إحدى الصلاتين بالأخرى .
الثالث : أن هذا القياس مخالف لظاهر السنة , فإن في صحيح مسلم عن عبد الله عباس رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر , وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر, فسئل عن ذلك , فقال : أراد أن لا يحرج أمته .
وقد وقع المطر الذي فيه المشقة في عهد النبي صلي الله عليه وسلم ولم يجمع فيه بين العصر والجمعة كما في صحيح البخاري وغيره عن أنس بن مالك أن النبي صلي الله عليه وسلم استسقى يوم الجمعة وهو على المنبر , فما نزل من المنبر إلا والمطر يتحادر من لحيته , ومثل هذا لا يقع إلا من مطر كثير يبيح الجمع لو كان جائزا بين العصر والجمعة , قال : وفي الجمعة الأخرى دخل رجل فقال : يا رسول الله! غرق المال , وتهدم البناء , فادع الله يمسكها عنا . ومثل هذا يوجب أن يكون في الطرقات وحل يبيح الجمع لو كان جائزا بين العصر والجمعة .
فإن قال قائل : ما الدليل على منع جمع العصر والجمعة ؟
فالجواب : أن هذا السؤال غير وارد ؛ لأن الأصل في العبادات المنع إلا بدليل , فلا يطالب من منع التعبد لله بشيء من الأعمال الظاهرة أو الباطنة , وإنما يطالب بذلك من تعبد به لقوله منكرا على من تعبدوا الله بلا شرع : ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ﴾(الشورى:21).
وقال الله : ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً ﴾( المائدة :3)
وقال النبي صلي الله عليه وسلم : « من عمل عملا ليس فيه أمرنا فهو رد » متفق عليه
وعلى هذا : فإذا قال القائل : ما الدليل على منع جمع العصر مع الجمعة ؟
قلنا: ما الدليل على جوازه ؟ فإن الأصل وجوب فعل صلاة العصر في وقتها خولف هذا الأصل في جمعها عند وجود سبب الجمع فبقي ما عداه على الأصل , وهو منع تقديمها على وقتها .
فإن قال قائل : أرأيتم لو نوى بصلاة الجمعة صلاة الظهر ليتم له الجمع ؟
فالجواب : إن كان ذلك إمام الجمعة في أهل البلد أي أن أهل البلد نووا بالجمعة صلاة الظهر فلا شك في تحريمه وبطلان الصلاة ؛ لأن الجمعة واجبة عليهم , فإذا عدلوا عنها إلى الظهر فقد عدلوا عما أمروا به إلى ما لم يؤمروا به ,فيكون عملهم باطلا مردودا لقول النبي صلي الله عليه وسلم : « من عمل عملا ليس فيه أمرنا فهو رد » متفق عليه
وأما إن كان الذي نوى بالجمعة الظهر كمسافر صلى الجمعة وراء من يصليها فنوى بها الظهر ليجمع إليها العصر فلا يصح أيضا , لأنه لما حضر الجمعة لزمته , ومن لزمته الجمعة فصلى الظهر قبل سلام الإمام منها لم تصح ظهره . وعلى تقدير صحة ذلك فقد فوت على نفسه خيرا كثيرا وهو أجر صلاة الجمعة .
هذا , وقد نص صاحبا المنتهى والإقناع (من علماء الحنابلة) على أن الجمعة لا يصح جمع العصر إليها ، ذكرا ذلك في أول باب صلاة الجمعة .
وإنما أطلت في ذلك للحاجة إليه , والله أسأل أن يوفقنا للصواب , ونفع العباد , إنه جواد كريم" اهـ.
(مجموع فتاوى ابن عثيمين).
- وهنا نبين الفروقُ بين صلاةِ الجمعةِ وصلاةِ الظهرِ ؟
1 ـ صلاةُ الجمعةِ لا تنعقدُ إلا بجمعٍ على خلافٍ بين العلماءِ في عددهِ . وصلاةُ الظهرِ تصحُ من الواحدِ والجماعةِ .
2 ـ صلاةُ الجمعةِ لا تقامُ إلا في القرى والأمصارِ . وصلاةُ الظهرِ في كلِ مكانٍ .
3 ـ صلاةُ الجمعةِ لا تقامُ في الأسفارِ فلو مر جماعةٌ مسافرون ببلد قد صلوا الجمعةَ لم يكن لهؤلاءِ الجماعةِ أن يقيموها . وصلاةُ الظهرِ تقامُ في السفرِ والحضرِ .
4 ـ صلاةُ الجمعةِ لا تقامُ إلا في مسجدٍ واحدٍ في البلدِ إلا لحاجةٍ . وصلاةُ الظهرِ تقامُ في كلِ مسجدٍ
5 ـ صلاةُ الجمعةِ لا تقضى إذا فاتَ وقتُها ، وإنما تصلى ظهراً ؛ لأن من شرطها الوقت . وصلاةُ الظهرِ تقضى إذا فات وقتها لعذرٍ .
6 ـ صلاةُ الجمعةِ لا تلزمُ النساء ، بل هي من خصائصِ الرجالِ . وصلاةُ الظهرِ تلزمُ الرجالَ والنساءَ .
7 ـ صلاةُ الجمعةِ لا تلزمُ الأرقاءَ ، على خلافٍ في ذلك وتفصيلٍ . وصلاةُ الظهرِ تلزمُ الأحرارَ والعبيدَ .
8 ـ صلاةُ الجمعةِ تلزمُ من لم يستطع الوصولَ إليها إلا راكباً . وصلاةُ الظهرِ لا تلزمُ من لا يستطيعُ الوصولَ إليها إلا راكباً
9 ـ صلاةُ الجمعةِ لها شعائرٌ قبلها كالغسلِ ، والطيبِ ، ولبسِ أحسنِ الثيابِ ونحو ذلك . وصلاةُ الظهرِ ليست كذلك .
10 ـ صلاةُ الجمعةِ إذا فاتت الواحدَ قضاها ظهراً لا جمعةً . وصلاةُ الظهرِ إذا فاتت الواحدَ قضاها كما صلاها الإمامُ إلا من له القصرُ .
11 ـ صلاةُ الجمعةِ يمكن فعلها قبل الزوالِ على قول كثيرٍ من العلماءِ . وصلاةُ الظهرِ لا يجوزُ فعلها قبل الزوالِ بالاتفاقِ .
12 ـ صلاةُ الجمعةِ تسنُ القراءةُ فيها جهراً . وصلاةُ الظهرِ تسنُ القراءةُ فيها سرًّا .
13 ـ صلاةُ الجمعةِ تسنُ القراءةُ فيها بسورةٍ معينةٍ ، إما " سبح والغاشية" ، وإما " الجمعة والمنافقون " . وصلاةُ الظهرِ ليس لها سورٌ معينةٌ .
14 ـ صلاةُ الجمعةِ ورد في فعلها من الثوابِ ، وفي تركها من العقابِ ما هو معلومٌ . وصلاةُ الظهرِ لم يرد فيها مثلُ ذلك .
15 ـ صلاةُ الجمعةِ ليس لها راتبةٌ قبلها ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من صلاها أن يصلي بعدها أربعاً . وصلاةُ الظهرِ لها راتبةٌ قبلها ، ولم يأتِ الأمرُ بصلاةِ بعدها ، لكن لها راتبةٌ بعدها .
16 ـ صلاةُ الجمعةِ تسبقها خطبتان وصلاةُ الظهرِ ليس لها خطبةٌ .
17 ـ صلاةُ الجمعةِ لا يصحُ البيعُ والشراءُ بعد ندائها الثاني ممن تلزمه . وصلاةُ الظهرِ يصحُ البيعُ والشراءُ بعد ندائها ممن تلزمه .
18 ـ صلاةُ الجمعةِ إذا فاتت في مسجدٍ لا تعادُ فيه ولا في غيرهِ . وصلاةُ الظهرِ إذا فاتت في مسجدٍ أعيدت فيه وفي غيرهِ .
19 ـ صلاةُ الجمعةِ يشترطُ لصحتها إذنُ الإمامِ على قولِ بعضِ أهلِ العلمِ . وصلاةُ الظهرِ لا يشترطُ لها ذلك بالاتفاقِ .
20 ـ صلاةُ الجمعةِ رتب في السبقِ إليها ثوابٌ خاصٌ مختلفٌ باختلافِ السبقِ ، والملائكةُ على أبوابِ المسجدِ يكتبون الأولَ فالأول . وصلاةُ الظهرِ لم يرد فيها مثلُ ذلك .
21 ـ صلاةُ الجمعةِ لا إبراد فيها في شدةِ الحرِ . وصلاةُ الظهرِ يسنُ فيها الإبرادُ في شدةِ الحرِ .
22 ـ صلاةُ الجمعةِ لا يصحُ جمعُ العصرِ إليها في الحالِ التي يجوزُ فيها جمعُ العصرِ إلى الظهرِ . وصلاةُ الظهرِ يصحُ جمعُ العصرِ إليها حالَ وجودِ العذرِ المبيحِ .
هذا وقد عدها بعضهم إلى أكثرِ من ثلاثين حكماً ، لكن بعضها أي الزائد عما ذكرنا فيه نظرٌ ، أو داخلٌ في بعضِ ما ذكرناهُ . ( كتبه محمد بن صالح العثيمين )