التبرز اللاإرادي يطلق عليه البعض "سلس البراز الغير عضوي" هو عبارة عن خروج متكرر لبراز طبيعي أو قريب من الطبيعي في تكوينه- وفي أماكن غير مخصصة لهذا الإخراج كما تحددها الأعراف الاجتماعية والثقافية.
وسلس البراز قد يأخذ صورا وأشكالا مختلفة مثل:
• الاستمرار الغير طبيعي للسلس الطفولي الطبيعي (بمعنى الاستمرار في التبرز الطفولي من الطفولة حتى مراحل متقدمه).
• او عودة السلس بعد فترة من التحكم.
• او فقدان القدرة على التحكم في أماكن غير مناسبة.
وحقيقة تشكل عملية التدريب على ضبط الإخراج مشكلة لدى الأطفال وهي مشكلة كبيرة للوالدين ايضا.
ويزداد الأمر سوءا إذا كان الأبوين حريصين على أن يتعلم الطفل عملية الإخراج في سن مبكر - ويرى العلماء أن السن المثالي لبدء تعليم الأطفال على عملية الإخراج يبدأ عند بلوغهم الـ(سنه ونصف) – وهذه رسالة الى اخوتي اخواتي المستمعين بعدم الاستعجال على تعليم الطفل عملية الاخراج قبل هذا السن , أي سن سنه ونصف- على اعتبار أن الجهاز العضلي العصبي للطفل لم يصل لدرجة النضج التي تساعد الطفل على تقبل تعليمات الوالدين دون ان يشكل ذلك عبئا على الطفل – بمعنى اخرى ان جهاز الطفل العضلي العصبي ليس جاهزا للبدء بعملية الاخراج الا عندما يصل عمر الطفل سنه ونصف.
ان لجوء الوالدين الى القسوة والعقاب البدني في تعليم الطفل عملية ضبط الإخراج سيؤدي لامحالة الى نتائج عكسية قد لا تحمد عقباها نتيجة لاقتران عملية الإخراج بالألم والقسوة لدى الطفل – وهنا نكون قد خلقنا مشكلة نفسية أخرى لدى الطفل كاضطرابات الشخصية وسوء التوافق الاجتماعي.
ولهذا على الوالدين الاهتمام بالأساليب والطرق النفسية الصحيحة التي تبعث على الحنان والدفء كالـ
• قيام الوالدين بملاحظة العلامات والأوقات التي تشير الى حاجة الطفل الى عملية الاخراج , ثم القيام باصطحابه الى دورة المياه – لان هذا المفهوم يؤدي بمرور الوقت الى قيام الطفل بعملية مقارنة بسيطة مابين عملية الإخراج ومكان الإخراج – وهو ما يعرف علميا (بالاقتران الشرطي).
• ان عملية الاقتران هذه تحتاج حتى تصبح عادة يقوم بها الطفل من تلقاء نفسه الى عملية تعزيز او تشجيع سواء كان هذا التشجيع المعنوي كالتصفيق عندما (يطلب الذهاب الى دورة المياة , والتعزيز اللفظي بوسائله المختلفة كالقول "بطل" "ممتاز" وماشابه ذلك- او بالحركي كحضنه عند خروجه من دورة المياه-وقد يتوسع الوالدين باعطاء هدايا رمزية او مادية متى ما رأوا ان ذلك مناسبا.
حقائق وارقام:
• حسب دراسات عديدة ينشأ التحكم في الأمعاء عند ما يزيد عن 95% من الأطفال في سن الرابعة , بينما ترتفع النسبة الى 99% عندما يصلون الى سن الخامسة.
• وفي سن السابعة وحتى الثامنة تكون نسبة ذلك حوالي 1:5% عند الأولاد , وحوالي 5. % عند البنات.
• أما إذا وصل الطفل لسن 10-12 فأن عملية الإخراج اللاإرادي تحدث مرة في الشهر عند 1:3% من الأولاد و 3.% من البنات.
• وهذا يعني ان عملية الإخراج اللاإرادي تزيد بين الأولاد عن البنات بنسبة 1.3 ( أي أمام ثلاث أطفال لا يتحكمون بعملية الإخراج هناك طفلة واحدة لاتتحكم).
• وأشارت بعض الدراسات الأمريكية الى ان عدم التحكم في عملية الإخراج يكثر في الأسر المتدنية التعليم والفقيرة - اما نتيجة لعدم اهتمامها بهذا الامر او لجهلها- رغم ان هناك دراسات اخرى ترى انه ينتشر بين كل الطبقات الاقتصادية والاجتماعية.
اسباب التبرز اللاإرادي
هناك أسباب عديدة للتبرز اللاإرادي , لعلنا نركز هنا على الاسباب النفسية ومنها:
الأسباب الانفعالية
من الناحية النفسية يرى البعض من العلماء ان اسباب سلس البراز الغير عضوي تنحسر في الأمور التالية:
• الانفصال عن الأم نتيجة للطلاق او الوفاه.
• تغيير مكان الإقامة , او عند دخوله للمدرسة.
• إدخاله للمستشفى او قرب إجراءه لعملية جراحية.
• إصابته بتشتت وفرط الحركة.
• المشاكل الاسرية والإحباط والشدائد
• خوف الطفل من تواجده داخل دورة المياه بمفردة.
• الغيرة من ولادة طفل جديد في الأسرة من باب لفت الانتباه.
الأسباب النفسية المتصلة بالقولون الغليظ
كثير من الأطفال المصابين بالتبرز اللاإرادي يحتجزون الفضلات ويصابون بالإمساك اما بطريقة إرادية او بسبب الشعور بالألم عند التخلص من الفضلات , رغم عدم وجود دليل على اختلال في وظائف المستقيم والشرج
الأسباب العضوية
قد يكون الإمساك او إصابة المراكز الخاصة بالحبل ألشوكي احد المسببات.
العلاج
ولعل اهم طرق العلاج النفسية للقضاء على هذا الاضطراب:
العلاج السلوكي الفردي
لابد من تعليم الطفل اساليب خفض التوتر كالاسترخاء مثلا حيث انها مفيدة في علاج سلس البراز الغير عضوي او القلق المصاحب.
كما يجب تعليم الطفل العادات الصحية السليمة للتخلص من الفضلات , مع الأخذ في الاعتبار ان اسلوب التغذية الراجعة البيولوجية مفيد مع بعض الحالات.
وقد وجد ايضا ان العلاج باللعب مفيد مع الحالات التي تعاني مع حالات التبرز اللاارادي لانه يجعل الطفل يعبر عن نفسه وعن عدوانيته مع التركيز على ازالة الشعور بالخزي , مع استعادة تقديره لذاته , وتشجيعه على استخدام قدراته الذاتية التي تعزز من نظرته الموجبه لنفسه.
العلاج السلوكي الاسري
التدخل السلوكي مهم في مثل هذه الحالات عن طريق تدريب الوالدين على معرفة المؤشرات التي تسبق حالات التبرز ومن ثم مساعدة الطفل على اتخاذ قرار الذهاب لدورة المياه- واجلاس الطفل فترة محددة حتى يقضي حاجته , مع اظهار الحب والتقدير عند الانتهاء- وياحبذا لو افرطنا في استخدام المعززات اللفظية والمادية حتى نقضي على الافكار السلبية- حتى نقلل من انخفاض تقدير الذات لدى الطفل ونرفع من تقديره لذاته.
وهذا الامر سيؤدي الى احترام اطفل لنفسه وبالتالي مقته لتلك التصرفات , وعندها سوف يلاحظ بالتعود اوقات الحاجة للذهاب لدورة المياة والذي سيصبح مع مرور الوقت عادة لن يفرط فيها ابدا.