الهو :
هو الغيب الذاتي الذي لا يصح شهوده ،
فليس هو ظاهراً ولا مظهراً ،
وهو المطلوب الذي أوضحه اللسن
ويقول : الهو : كناية عن الأحدية ،
ولهذا قيل في النسب الإلهي :
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
فهي الذات المطلقة التي لا تدركها الوجوه بأبصارها ولا العقول بأفكارها
الهو من كل وجه غير معلوم ، ولا مدرك ، ولا مشهود ،
ولا مشار إليه ، فلا هو إلا هو ،
وما سوى الهو فهو الأنا والأنت وأخواتهما الموجودات إذ لا وجود لها إلا بالهو ،
ولا بقاء لها بعد الوجود إلا بالهو صار كل ما بعد الهو في حكم البدل من الهو ،
وفي حكم عطف البيان أعني يعطف عليه لبيان المراتب التي للهو لا الهو ، والهو باق على إجماله وعزته ،
فقال في غير ما موضع :
هو الله الذي لا اله إلا هو ،
فبدأ بالهو وختم بالهو وأظهر بالهو مرتبة الألوهية
فالأسماء كلها ترجمانات عن الهو ،
والهو مكتنف بحجاب العزة الأحمى في أحديته وهويته ، فلهذا جعلنا الهو عطف بيان للمرتبة ،
أو بدلا مستخلفا في المراقبة أيضاً ،
ولهذا خصت بالأحدية خصوصية ذات
الهو : الغيب الذي لا يصح شهوده
الدكتورة سعاد الحكيم
الهو عند ابن عربي :
هو اعتبار الذات الإلهية من حيث كونها غيباً لما يتضمنه الضمير : ( هو ) من الإشارة إلى غائب ،
( فالهو ) : دليل الذات التي لا تشهد أبداً ،
وهو الحضرة الاسمائية
في معاني الها والهو والهي
يقول الشيخ الأكبر ابن عربي :
الها
والهو والهي ، فأما الهو فقد بان بأنه من حيث هو الهو هو ، وأما من هو حيث
الهو ها أو هي فلا فأما إذا كان الهو هي فلا يكون إلا عند إيجاد الصورة
المثلية ،
فيكون الهو فعلا والهي أهلا والها
أمرا جامعا بين الهو والهي ، كالسبب الرابط بين المقدمتين التي تساق
للإنتاج فإنها مركبة من ثلاثة ، فلا بد من سبب رابط فقد كان الهو لا شيء
معه ، والهو بما هو الهو لا يكون عنه وجود والهي بما هي الهي لا يكون عنها
وجود ،
والها بما هي الها لا يكون عنها وجود وسبق العلم في الياء من إني بالإيجاد لتظهر حقائق الأسماء ،
فحرك الها والهو والهي ، فالتقى الهو مع الهي بالها فكان الوجود المحدث ، ولهذا كنى عن هذه الملاقاة بالحرفين وهما : كن :
إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ
ذلك الشيء فالسببية التي ظهرت في العين ليست هي السببية المتوجه عليها القول ،
فالشيء هو : إلهي وأردناه : هو الهو ،
وأن نقول هو : الها ، وهو كن السبب الرابط فالكاف من كن هو الهو والنون من كن هو الهي ،
وكذا كانت دائرة والرابط المقدر بين الكاف والنون هو :
الها : وهو القول المستفاض على ألسنة المنطقيين بأن أمر الله بين الكاف
والنون فهذا مرتبة الها
ويقول :
اقترن
بالها والهو والهي أحرف من أشرف الحروف وهو : الواو والألف والياء ، وهي
حروف العلة ، والتشبيه ، وحروف التأثير واختصت الها بالألف : من أجل
الأحدية الذي تطلب الألف ، ولهذا كان لها السبب الرابط بين الهو والهي
للنتاج : وهو الفرد
يقول الشيخ الأكبر ابن عربي :
الهو عند الطائفة أتم الأذكار وأرفعها وأعظمها ،
وهو ذكر خواص الخواص وليس بعده ذكر أتم منه ،
فيكون ما يعطيه الهو في إعطائه أعظم من إعطاء اسم من الأسماء الإلهية حتى من الاسم الله ،
فإن الاسم الله دلالة على الرتبة ،
والهوية دلالة على العين لا تدل على أمر آخر غير الذات ، ولهذا يرجع إليها محلول لفظة الله ،
فإنك تزيل الألف واللامين على الطريقة المعروفة عند أهل الله فيبقى هـ فإن جعلته سبب تعلق الخلق به مكنت الضمة فقلت هو
ويقول الشيخ الأكبر ابن عربي :
جميع ما في الوجوه تحت إشارة جيم الوجه
وجميع ما في جمع المراد والمريد تحت إشارة تاء جيم الوجه
وجميع ما في جمع الملك والملكوت تحت إشارة ميم جيم الوجه
وجميع ما ذكرنا من الجموع تحت إشارة هو
وهو موجود بالعلم موجود بالبصر على سيبل الكمال
ويقول :
الذات المطلقة الحقيقية اختصت بالهو ،
وهو حرف سام شريف وحركته سامية شريفة ،
أسرت به الأحدية على مراتب الحروف ،
فقد أعطت الأول والآخر ،
واندرج فيها جميع مراتب الحروف ،
فما
من قوة في حرف إلا والها قد أخذتها في هذا السرى ، وأعطتها منحة إلى الواو
، وبها انفتحت الواو من الهو ، والفتح عين الجود وباب الرحمة ،
ولهذا جاء :
مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ
ويقول :
آخر
الحروف الواو في الواو قوة جميع الحروف ، كما أن الهاء أقل في العمل من
جميع الحروف فإن لها البدو فكلمة هو جمعت جميع قوى الحروف في عالم الكلمات ،
فلهذا كانت الهوية أعظم الأشياء فعلاً
توحيد الهوية :
هو التوحيد الثاني من نفس الرحمن :
اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وهو توحيد الابتداء
توحيد الهوية والشهادة :
هو التوحيد الخامس من نفس الرحمن ،
وهو قوله :
شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْط وهو على الاسم المقسط ، وهو العدل في العالم ،
وهو قوله : أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ،
فوصف نفسه بإقامة الوزن في التوحيد ،
أعني : توحيد الشهادة بالقيام بالقسط
الهوية : هي الحقيقة في عالم الغيب
الهوية : هي الحقيقة الغيبية
الشيخ كمال الدين القاشاني
يقول :
إطلاق الهوية ،
ويقال :
الإطلاق الذاتي ومعرفته بأن تعلم أنه لما كان تعقل كل تعين يقضي بسبق اللاتعين عليه ، فالحق من حيث هو هو لا يصح أن يقضى عليه بتعين
فلا يصح أن يُقضى من حيث ذاته بحكم ، ولا يُعرف بوصف ، ولا ينضاف إليه
نسبة اسم ما من وحدة ، أو وجوب وجود ، أو مبدائية إيجاد ، أو اقتضاء أثر ،
أو
حدود مراد أو تعلق علم منه بنفسه فضلا عن غيره إنه إطلاق ضد التقيد فإن
الإطلاق الذي هو في مقابلة التقييد تقييد أيضاً ، بل الإطلاق الذي بعينه
هنا إنما هو إطلاق عن الإطلاق ، كما هو إطلاق عن التقييد ،
فهو إطلاق عن الوحدة والكثرة ،
وعن الحصر في الإطلاق والتقييد ،
وعن الجمع بين ذلك ،
وعن التنزه عنه وهذا الإطلاق المسمى :
بجمع الأضداد ، ومقام تعانق الأطراف ،
فيصح فيه اجتماع النقيضين بجميع شروط التناقض
حضرة الهوية
حضرة الهوية : هي باطن مفاتح الغيب
غيب الهوية : هو ذات الحق باعتبار اللاتعين
الهو : اعتبارها بحسب الغيبة والفقد
تفسير صوفي : في تأويل قوله تعالى : قُلْ هُوَ
يقول الشيخ عبد القادر الجزائري :
( قل ) أمر له - - فجوابهم تلاوة هذه السورة الشريفة عليهم ، قوله ( هو ) الهو هنا ، مبتدأ لفظا ومعنى ،
فإنه يشار به إلى الذات الغيب المطلق ،
فهو غيب الغيوب الذي لا شعور به لأحد إلا من حيث أنه لا شعور به ، بمعنى أنه يشار به إلى الذات ،
من غير ملاحظة شيء من غيبة أو حضور أو خطاب ،
كما
هو في الاصطلاح وإلا فالذات من حيث هو لا دلالة للفظ عليه ، ولا علم لأحد
به ، فليس ( الهو ) هنا بضمير يطلق على كل غائب ، كما هو عند النحويين بل
هو إشارة إلى كنه الذات ، الذي لا يعلم ولا يدرك ،
حيث كان شأن ما لا يدرك ولا يعلم أن يكون غائباً لا غير ، وإلا فهو الغائب الحاضر عند التحقق ،
كما أن المراد ( بالهو ) هنا ، الهوية المجردة ،
لا الهوية السارية إذ ( للهو ) اعتباران :
فباعتبار التجرد عن المظاهر والتعينات يسمى :
هوية مرسلة ومطلقة ، وباعتبار سريانه في المظاهر وقوميته لكل موجود يسمى : هوية سارية
ويسمى الذات في مرتبة إطلاقها : بالمعجوز عنه ، عند أرباب هذا العلم ، فلا يتعلق به علم من كل مخلوق ،
وعن هذه المرتبة أخبر بقوله :
وإن الملأ الأعلى ليطلبونه كما تطلبونه وحيث لا يتعلق به علم في هذه المرتبة فلا يصح عليه حكم ،
إذ كل علم وعالم ومعلوم وحكم وحاكم ومحكوم به ،
إنما هو متقوم بالذات فليس هو الذات المشار إليه ( بالهو ) فلا يتصور ، فلا يعلم ، فلا يحكم عليه ،
وكما
أنه لا يعلم لا يجهل ، إذ التصور أول مراتب العلم والجهل لا يرد إلا على
ما يرد عليه العلم فلا يقال فيه معلوم ولا مجهول ، ولا موجود ولا معدوم ،
ولا قديم ولا حادث ، ولا واجب ولا ممكن فهو مادة العدم والوجود المقيدين ،
أو المطلقين
الهو :
هو الحقيقة ، الذي لا يدرى ولا يعرف ولا يسمى ولا يوصف ، وهو غيب كل شهادة وحقيقة كل حق ،
لا يزول ولا يحول ، ولا يذهب ولا يتغير ،
فليس المراد بالهو ضمير الغائب المقابل للمتكلم والمخاطب
الهوية السارية
هي معيته تعالى بذاته من غير سريان ولا حلول ولا اتحاد ولا امتزاج ولا انحلال
الشيخ عبد الغني النابلسي
هو :
اسم لمطلق الوجود ،
وهو أي اللاهوت الغيب عن مدارك العقول والحواس
ويقول : كلمة هو تدل على الوجود ،
ولولا أن القائل له بعض وجود مقدار ما يفرق به مطلق الوجود ،
لما قدر أن ينطق باللفظة التي تدل على الوجود على سبيل
الاختيار وأما النطق بها اضطراراً ،
كحركة الظل الشاخص فلا تدل على بقاء الرسم ،
يا هو : أي يا موجود بالوجود الحقيقي