أنوار الصيام

المشرف العام العمر : 45

أنوار الصيام
بقلم الدكتور: أحمد السايح
الأستاذ بجامعة أنوار الصيامالأزهر
إيمان المسلم بالله سبحانه وتعالي أنه معه. يعلم السر منه والعلانية يمثل رقابة ذاتية عملية. لا يحتاج الإنسان معها إلي رقابة المخلوقين.
والصائم بسلوكه تتربي عنده موهبة المراقبة لله تعالي. حيث يخلو بالمفطرات. ولا رقيب عليه إلا الله تعالي. قال تعالي في سورة الحديد: "وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير" "الحديد : 4".
والمعية هنا حقيقة هائلة. حين يتمثلها القلب. حقيقة مذهلة من جانب. ومؤنسة من جانب آخر. مذهلة بروعة الجلال. ومؤنسة بظلال القربي.
وهي كفيلة وحدها حين يحسها القلب البشري علي حقيقتها. أن ترفعه وتطهره. وتدعه مشغولا بها عن كل أعراض الأرض.. كما تدعه في حذر دائم مع الحياة والتحرج من كل دنس. ومن كل إسفاف.
ففي ظل الإيمان بالله تعالي. وممارسة أوامره. يجد الإنسان نفسه غنيا عن رقابة البشر.. سعيدا بمراقبة الله.. فيسقط من نفسه التحايل والخداع. واتخاذه وسيلة للوصول إلي مأرب شخصي. أو مغنم ذاتي.
والذي يكون في ضيافة الله. يكون قريبا من الله في أعماله. وتصوراته. وعواطفه. وفي تعامله مع الكون. وتعامله مع الحياة. وتواجده مع الإنسان.
وكلما أوغل الإنسان في الصوم. وأدرك من أنوار الصيام ما أدرك. وانتفع بالآثار.. تغلغل في ذاته. وترسب في وجدانه. الإحساس بهذه المعية: "وهو معكم أين ما كنتم".
وتألق الوجدان لهذه المراقبة.. كلما نما لديه شعور داخلي. بأن هناك في أعماقه سلطة ذاتية. بدأت في الوجود. وباشرت علي الفور العمل. والحكم والتنفيذ.
فالصائم بغاية الصوم التشريعية "لعلكم تتقون" رقيب عام علي نفسه. وحارس عام علي ضميره.
ومن هذا المنطلق يعتبر الصوم مدرسة السلطة الحيوية. يتلقي فيها المؤمن أكبر جرعة تطبيقية. وعملية. للقيادة. ويلقن فيها بصورة سلوكية وواقعية. أعظم منهج للإرادة.
فالصوم له أثره البالغ علي نفس المؤمن. يقوم بعملية الطهر الذاتي. والنظافة النفسية. والنقاء الوجداني. والصقل الفطري. حيث يضبط حركة النفس. وأعمال الجوارح ومظاهر الخلق والسلوك.
يتعلم المؤمنون في مدرسة الصوم. كيف يضبطون أنفسهم. ويكبحون جماحهم. وينظمون غرائزهم. ويستعلون علي شهواتهم. ويبدلون نزواتهم. ويعدلون وجهتها نحو الكمال.
فإذا بالمسلمين علي مدي شهر الصيام. في سلوك إسلامي رفيع. يأخذ خطا بيانيا صاعدا. وحداته ألوان الفضيلة. وصور موضوعية للحق.
وإن الصيام دعوة مفتوحة للمؤمنين كافة غنيهم وفقيرهم حاكمهم ومحكومهم إلي ضيافة الله ببطاقة اسمها التقوي.
وهذه الدعوة السنوية.. إن وجدت مناسبتها في رمضان المبارك بوصفه شهر القرآن.. إلا أنها ستبقي نافذة المفعول. تتجدد بالاستعمال عبر الزمان والمكان. لتسحب عطاء هذا الشهر كله. تقربا من الله. ودنوا من رحمته. وإعمالا لنظافة القلب وطهره.
وسوف لا يجد المؤمن كالصيام أمرا يفي بكل هذا. ويعين عليه ويساعد علي تطهير النفس. وتنظيف وعائها. والإفادة من عطاء الله. في الوحي. والكون. والوصول بالنفس إلي غاية التقوي. وذروة الخشية.
ثم تحويلها إلي صورة عملية. ونماذج سلوكية يتردد صداها في أرجاء المجتمع. وتخلف بصماتها علي وجهه. وتعكس آثارها علي كل خلية من خلاياه. وكل داعية من دواعيه.
والميزان الذي يفوز به الإنسان. ليكون إنسانا علي الحقيقة. هو الميزان الإسلامي الذي ينحصر في التقوي والتي أشبعها القرآن الكريم ذكرا. وترديدا. وتصريفا واشتقاقا.
وهذا يعطي حقيقة واضحة وهي أن كلمة التقوي بمفهومها ومدلولها وتصريفاتها أمرا. ومصدرا. ومفعولا. واسم فاعل. ومضافة. ومفردة. وجمعا. وفعلا. واسما.. قد اشتملت علي كل القيم الهادفة. لصلاح الإنسان في الأرض.. وثمرات التقوي كثيرة. وفوائدها في الدنيا والآخرة جليلة.
ويوم أن كان المسلمون أتقياء. وعاملين بقيم الإسلام. يومها كانوا قوة لا تضارعها قوة.. لقد استطاعوا في سرعة مدهشة أن ينشروا الإسلام. في شعوب كانت تائهة. في عماء الوثنية والجهل.. كما تمكنوا من رفع الظلم. والتسلط. والاستعباد. الواقع علي الشعوب.. وإن الأمة الإسلامية تواقة إلي وعي القيم الإسلامية. التي تمكنت في الماضي من جعل الأمة الإسلامية خير أمة أخرجت للناس.. وكم للتقوي من ثمرات إنها تؤلف بين قلوب المؤمنين. وتطبعهم بطابع الإيمان وتقودهم إلي غاية واحدة.. وتشيع في المجتمعات الإسلامية فضائل الإيثار والتراحم. والتعاطف. والتوادد.. ولن تجد أعمق من هذه الروابط في صنع وحدة الأمة. وتحقيق السعادة والفلاح.

إدارة المنتدى العمر : 47

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

المشرف العام العمر : 45

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

أجــمل وأرق باقات ورودى
لردكم الجميل ومروركم العطر
تــحــياتي لكم كل الود والتقدير
دمتم برضى من الرحــمن
لكم خالص احترامي

نائب مدير الموقع العمر : 21

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
نقول لمن كتب هذه السطور
بعطر والورد والبخور
وعطرة في أرجائه يجول
كتبت موضوع في قمة الروعـــــــة
جزيت خيرا إن شــــــــاء الله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]عاشق الصوفية

» آداب الصيام
» فتاوى الصيام
» فوائد الصيام