النفس المطمئنة
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني : « النفس المطمئنة : هي التي صارت مطمئنة على المداومة على الطاعات ، بحيث لا تجد ميلاً إلى تركها ولا طلباً لشيء من المعاصي ، هي المشار إليها بقوله تعالى :( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ . ارْجِعِي إلى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً . فَادْخُلِي فِي عِبَادِي . وَادْخُلِي جَنَّتِي ) ، فدخلوها في العباد – المضافين إلى الحضرة – هو دخولها في زمرة الأرواح المقربين المكرمين الذين : ( لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )، وذلك لاتصاف هذه النفس المطمئنة بأوصاف المعتكفين على حضرة القدس ، وتخلقها بأخلاقهم من النـزاهة عن التلذذ بالجسمانية الدنية ، وعن التلبسات بأحكام الانحرافات الخلقية والنقائص الطبيعية بتنـزهها عن العادات الردية ء وقيامها بأنواع العبادات المنجية ، فصح لها حينئذٍ الدخول في باطن الجنة ، الذي هو ستر غيب الذات بستور صور الصفات ... ذلك بخلعها ملابس الخلقية وتحققها بصفة الوحدة الحقية ، وهذا التفسير المذكور في النفس الأمارة ، ثم اللوامة والمطمئنة هو على اصطلاح الطائفة »
يقول الشريف الجرجاني : « النفس المطمئنة : وهي التي تم تنورها بنور القلب ، حتى انخلعت عن صفاتها الذميمة وتخلقت بالأخلاق الحميمة »
يقول الشيخ أحمد زروق : « النفس المطمئنة : هي ما كان لها نور تهتدي به »
يقول الإمام محمد ماضي أبو العزائم : « النفس المطمئنة : هي التي تتوجه إلى جهة الصواب ، وتتنـزل عليها السكينة الإلهية ، فتتواتر عليها نفحات الجود والخير من قبل الله ، وتطمئن إلى معرفة الله تعالى وطاعته »
يقول الشيخ داود خليل : « النفس المطمئنة : هي النفس في مرتبة السير مع الله »
في صفات النفس المطمئنة
يقول الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني: « جاهد نفسك حتى تطمئن ، فإذا اطمأنت عرفت عيوب الدنيا وزهدت فيها . طمأنينتها : أنها تقبل من القلب ، وتوافق السر وتطيعهما فيما يأمران به وينتهيان عنه ، وتقنع بعطائهما وتصير على منعهما . إذا صارت مطمئنة انضافت إلى القلب وسكنت إليه »
ويقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي : « الاطمئنان السكون بعد الانزعاج ، وسكون النفس إنما هو بالوصول إلى غاية الغايات في اليقين والمعرفة والشهود ... وإذا وصلت إلى مقام الاطمئنان بذكر الله صار صاحبها في مقام التلوين في التمكين آمناً من الرجوع إلى الأحكام الطبيعية والآثار البشرية ، فإن الفاني لا يرد إلى أوصافه فمن كان متمكناً في مقام الترقي تخلص من التنزل إلى مقام النفس الأمارة »
ويقول الشيخ محمد بن حسن السمنودي : « النفس المطمئنة : فسيرها مع الله ، وعالمها عالم الحقيقة المحمدية ، ومحلها السر ، وحالها الطمأنينة الصادقة ، وأورادها بعض أسرار الشريعة ، وصفاتها الجود والتوكل والحلم والعبادة والشكر والرضا بالقضاء والصبر على البلاء »
[ تفسير صوفي ] : في تأويل قوله تعالى : ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ )
يقول الشيخ عبد العزيز المهدوي :
« النفس المطمئنة : هي التي تخلصت من السوء ، ولم يبق بينها وبين السوء نسبة ، وكانت مبادئها في الاكتساب : الإيمان ، والرضا المكتسب ، فلما صفت وتطهرت من جهة المخلوقات وزال عنها الحجاب الذي هو صفة الخلق سمعت النداء من مكان قريب ، فأجابت لعدم الحجاب ، فخرجت للمواهب والرضا الوضعي الوهبي الذي قال الله فيه : ( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ) ، فدخلت في رضا الله المطلوب الموهوب ، وفي عباده ، وجنته ، لا في جنتها بوصف كسبها وأعمالها »