هذه نبذه من كلام سيدنا احمد زروق رضي الله عنه: عسى ان ينفعنا انشاءالله
أولها: المسارعة الى نوافل الخيرات والتكاسل عن القيام بحقوق الواجبات فتجد الواحد منهم يقوم الليل كله ويتكاسل عن اقامة الفرض على وجهه ويتحفظ على صلاة الضحى ونحوها ويستخف بتأخير الصلاة الى اخر وقتها ويتصدق بكثير الدراهم ولا يعطي الزكاة لمستحقها ويكثر من الصوم طلبا لفضله ويطلق لسانه في اعراض المسلمين من غير توقف وهذا كله من اتباع الهوى ومفارقة الصدق قال ابن عطاء في الحكم: من علامة اتباع الهوى المسارعة الى نوافل الخيرات والتكاسل عن القيام بحقوق الواجبات وقال محمد بن الوردي: هلاك الخلق في امرين اشتغاله بنافلهواهمال فريضه وعمل الجوارح بلا مواطئة القلب.
الثاني: الغالب على الصادقين وفي هذا الزمان الا من عصم الله - ثلاث امور - الاغترار بكل ناعق - واتباع الوسواس - والتعمل والتعزز بالطريق.
فاما الاغترار فمن الجهل بالزمان واهله وهو مؤدي الى الضلال واما اتباع الوسواس فقال الشيخ البلالي : الوسوسة بدعه اصلها الجهل بالسنة وخبال بالعقل .
الثالث: قد اولع كثير من فقراء الوقت بعلوم الاسرار ودقائق الاذواق ورقيق كلام القوم دون اعتناء باحكام العبودية واداب الربوبية فانصرفوا عن المراد وفارقوا موجبات الوداد وحصل لهم التعويق في عين ادعاء السداد. ومنهم من تسري فيه لذة كلام فيظنه ذوقا وربما ادعاه حالاً، فكان طرداً فحق الصادق ان يشتغل بما به كماله من التخلق والتعلق والتحقيق مع الاعراض عن الاغراض. قال ابن عطاء في الحكم: تشوفك الى ما بطن فيك من العيوب خير من تشوفك الى ما بطن عنك من العيوب. وقالوا اذا تكلم المريد في مقام لم يبلغه حاله، حرم منازلته اذا صار فيه صاحب علم ثم لا يأمن ضلالة به او بتيهه في بعض رموزه ومن اكبر هذا الباب اللوع بعلوم الاسرار من الحروف واسماء وغيرها وهي علوم وهب وفتح لم يتكلم فيها اهلها الا اعانه لمن له فتح وافاده لمن له حقيقة، ثم ما رأينا ولا سمعنا من استفاد وافاد منها حقيقة بمجردها، يقول ابن عربي: علم الحرف علم شريف من علم الوهب والاشتغال به مذموم ديناً ودنيا . ويقول ايضاً : تجنب ما سوى الذكر تنجو، فيا لله ما وجدنا الاسرار الا في الاذكار وما وجدناها في غير المعربات من الاسماء لا في المعجمات.
الرابع: ايثار السماع والاجتماع من غير ضرورة ولا انتفاع، وهو من البطاله والتضييع وضعف اليقين .
الخامس: كثير من الناس يشتغل بالفضول ويرى نفسه في عمل جميل، فتجدهم يقولون فلان كامل وفلان ناقص، وفلان في مقام كذا وفلان حصل على كذا وفلان قطب وفلان غوث وفلان من الابدال وكل ذلك من قلة الادب والاشتغال بما لا يعني ويتصف صاحبه بالكذب وازور والدعوى والتعدي لا سيما ان ضاف التكذيب لبعض الصادقين....
السادس: طلب الكمال بالترهات، مع التساهل بامر الدين، فترى احدهم يطمع في المقامات ويطلب الفتح باسم الله الاعظم والانتفاع بصحبة المشايخ مع كونه لا ينفك عن محرم، ولا يقيم صلاة ولا يتحفظ على شيء من امر دينه وهذا بمثابة من يطبخ الماء المجمد ويطمع ان يجد في القدر لحماً !
وانما جعل الشيخ مربياً لا خالقاً ومعيناً وموجداً وقد جاء رجل الى الشيخ عبد السلام ابن مشيش شيخ ابو الحسن الشاذلي فقال يا سيدي وظف علي وظائف واعمالا اعمل بها، فقال ان الفرائض مشهورة والمحرمات معلومة فكن للفرائض حافظاً وللمعاصي رافضاً. واحفظ قلبك من ارادة الدنيا وحب النساء . وقال رجل لابي الحسن الشاذلي: استأذنك في مجاهدة نفسي فقال الشيخ رضي الله عنه: انما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الاخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون" واصل هذا كله انما هو والترخص والتاويل والجهل والابتداع بالدين
السابع: كثير من الناس من يعتقد العصمة في المشايخ ويعتمد عليهم فيما بينه وبين ربه ويرى اتباعه في كل امركان مباحا او غيره ويعرض عليهم في ارتكاب غير المحرمات او يكتفي في المشيخه او بالعمل في اثبات الحقيقه او بالكرامه في الاقتداء بل بالخارق مطلقاً، ومنهم من لا يعتقد غير المجانين والمجاذيب، ومنهم من يعكس ذللك. ومنهم من اذا ذكره احد قلوا الله ينفعنا بالصالحين، ومنهم من يشيخ الاموات ولا يرضى بالاحياء ، ومنهم يعكس. ومنهم من يعتمد حكايات سمعها من الاكابر فان لم يجدها في شيخه او احد منهم ازدرى من لم تكن عنده. ومنهم من ينظر لنفسه فان وجد من يكرمه ويعظمه ويرفق به شهد له بالولاية والعناية، ومن لم يرى منه كرامه ولا رفق به ولا اكرمه ولا رأى منه خارقاً لم يقبله ولم يقبل عليه .