أبو الثناء شهاب الدين السيد محمود أفندي الآلوسي البغدادي
ولد سنة 1217 هـ في جانب الكرخ من بغداد, كان رحمه الله شيخ العلماء في العراق وآية من آيات الله العظام ونادرة من نوادر الأيام جمع كثيرا من العلوم حتى أصبح علامة في المنقول والمعقول فهامة في الفروع والأصول محدثا لا يجارى ومفسرا لكتاب الله لا يبارى فأخذ العلم عن فحول العلماء منهم والده العلامة والشيخ خالد النقشبندي والشيخ علي السويدي وكان رحمه الله غاية في الحرص على تزايد علمه وتوفير نصيبه منه, وكان كثيرا ما ينشد :
سهري لتنقيح العلوم ألذ لي ******* من وصل غانية وطيب عناق.
اشتغل الإمام الآلوسي -رحمه الله تعالى- بالتدريس والتأليف وهو ابن ثلاث عشرة سنة,ودرس في عدة مدارس,وعندما قلد إفتاء الحنفية, شرع يدرس سائر العلوم في داره الملاصقة لجامع الشيخ عبد الله العاقولي في الرصافة, وقد تتلمذ له وأخذ عنه خلق كثير من قاصي البلاد ودانيها, وتخرج عليه جماعات من الفضلاء من بلاد مختلفة كثيرة, وكان-رحمه الله- يواسي طلبته من ملبسه ومأكله, ويسكنهم البيوت الرفيعة من منزله, حتى صار في العراق العلم المفرد, وانتهت إليه الرياسة لمزيد فضله الذي لا يجحد, وكان نسيج وحده في النثر وقوة التحرير, وغزارة الإملاء وجزالة التعبير وقد أملى كثيرا من الخطب والرسائل والفتاوى والمسائل, ولكن أكثر ذلك - على قرب العهد - درس وعفت آثاره وليم تظفر الأيدي إلا بالقليل منه, وكان ذا حافظة عجيبة وفكرة غريبة, وكثيرا ما كان يقول:"ما استودعت ذهني شيئا فخانني ولا دعوت فكري لمعضلة إلا وأجابني".
قلد إفتاء الحنفية في السنة الثامنة والأربعين بعد المائتين والألف من الهجرة المحمدية, وقبل ذلك بأشهر, ولي أوقاف المدرسة المرجانية, إذ كانت مشروطة لأعلم أهل البلد وتحقق لدى الوزير الخطير علي رضا باشا, أنه ليس فيها من يدانيه من أحد, وفي شوال سنة 1263هـ , انفصل من منصب الإفتاء وبقي مشتغلا بتفسير القرآن الكريم حتى أتمه, ثم سافر إلى القسطنطينية في السنة السابعة والستين بعد المائتين والألف, فعرض تفسيره على السلطان عبد المجيد خان, فنال إعجابه ورضاه, ثم رجع منها سنة 1269 هـ .
وكان -رحمه الله- عالما باختلاف المذاهب, مطلعا على الملل والنحل, سلفي الاعتقاد, شافعي المذهب, إلا أنه في كثير من المسائل يقلد الإمام الأعظم أبا حنيفة النعمان رضي الله عنه, وكان في آمره يميل إلى الاجتهاد. ولقد خلف - رحمه الله - للناس ثروة علمية كبيرة ونافعة, فمن ذلك تفسيره لكتاب الله ( روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ) .. وحاشيته على القطر, كتب منها في الشباب إلى موضع الحال, وبعد وفاته أتمها ابنه السيد نعمان الآلوسي, وشرح السلم في المنطق, وقد فقد, ومنها الأجوبة العراقية عن الأسئلة اللاهورية, والأجوبة العراقية على الأسئلة الإيرانية, ودرة الغواص في أوهام الخواص, والنفحات القدسية في المباحث الإمامية والفوائد السنية في علم آداب البحث.
وقد توفي رحمه الله في يوم الجمعة الخامس والعشرين من ذي القعدة سنة 1270هـ سبعين ومائتين بعد الألف من الهجرة, ودفن مع أهله في مقبرة الشيخ معروف الكرخي في الكرخ, فرضي الله عنه وأرضاه .
تمت الترجمة.
قال الشيخ الذهبي :لخصنا هذه الترجمة من الترجمة الموجودة بأول النسخة الأميرية من تفسير الألوسي .