الطريقة النقشبندية العلية
اهلا وسهلا بك اخى الكريم فى موقع الطريقة النقشبندية العلية والتصوف السنى عرف بنفسك او قم بالتسجيل حللت اهلا ونزلت سهلا نرجوا لك ان تقضى اسعد الاوقات وان تفيد وتستفيد حياك الله وبياك
محمد النقشبندى
الطريقة النقشبندية العلية
اهلا وسهلا بك اخى الكريم فى موقع الطريقة النقشبندية العلية والتصوف السنى عرف بنفسك او قم بالتسجيل حللت اهلا ونزلت سهلا نرجوا لك ان تقضى اسعد الاوقات وان تفيد وتستفيد حياك الله وبياك
محمد النقشبندى
الطريقة النقشبندية العلية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الطريقة النقشبندية العلية

دروس وخطب فقة حديث توحيد سيرة تصوف اسلامى اداب و سلوك احزاب و اوراد كتب مجانية تعليم طب بديل واعشاب بخور اسرة وطفولة اكلات قصص واشعار
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
عدد الزوار عند الاقسام

.: عدد زوار منتدى الطريقة النقشبندية العلية

بحـث
 
 

نتائج البحث
 

 


Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» علاج مجرب "اصدق شيخ ومعالج مغربي لسحر المحبة وجلب الحبيب والتهييج " العلاج عن بعد والدفع علي النتيجة والكشف الروحاني مجاني
الامام ابن حزم الجزء الرابع Emptyالسبت مايو 11, 2024 2:02 pm من طرف ام سطام

» الشيخ المغربي الصادق "القاطي العبدري" اصدق شيخ ومعالج روحاني مغربي من بعد الدفع بعد النتيجة والكشف مجاني
الامام ابن حزم الجزء الرابع Emptyالسبت مايو 11, 2024 2:00 pm من طرف ام سطام

» اصدق شيخ لعلاج السحر والمس والحسد عن بعد مجرب
الامام ابن حزم الجزء الرابع Emptyالأحد ديسمبر 24, 2023 10:20 am من طرف ام سطام

» جوهرة عجيبة من أسرار الشريف اسماعيل النقشبندى
الامام ابن حزم الجزء الرابع Emptyالأحد ديسمبر 24, 2023 10:14 am من طرف ام سطام

» هديتي اليكم افضل شيخ مغربي مجرب لعلاج السحر والمس صادق
الامام ابن حزم الجزء الرابع Emptyالأحد ديسمبر 24, 2023 10:05 am من طرف ام سطام

» علاج الكبد الدهني - اعشاب للقضاء على دهون الكبد - اعشاب للمحافظه على الكبد
الامام ابن حزم الجزء الرابع Emptyالجمعة مارس 18, 2022 3:14 pm من طرف زاشيائيل

» الحزب الكبير الأول لسيدى أحمد البدوى قدس الله سره
الامام ابن حزم الجزء الرابع Emptyالجمعة مارس 18, 2022 3:02 pm من طرف زاشيائيل

» النفاق والمجاملة والفارق بينهما
الامام ابن حزم الجزء الرابع Emptyالخميس مايو 13, 2021 9:24 am من طرف ابوعمارياسر

» حكم من مات وعليه صيام أو كفارة
الامام ابن حزم الجزء الرابع Emptyالخميس مايو 13, 2021 8:50 am من طرف ابوعمارياسر

» البحر المسجور
الامام ابن حزم الجزء الرابع Emptyالسبت أغسطس 15, 2020 10:59 am من طرف صبحى0

» الحفظ أثناء النوم
الامام ابن حزم الجزء الرابع Emptyالسبت أغسطس 15, 2020 10:54 am من طرف صبحى0

» دور القرآن في علاج الأمراض
الامام ابن حزم الجزء الرابع Emptyالسبت أغسطس 15, 2020 10:47 am من طرف صبحى0

» الفرق بين ( العشي والإبكار ) وبين ( العشي والإشراق )
الامام ابن حزم الجزء الرابع Emptyالسبت أغسطس 15, 2020 10:40 am من طرف صبحى0

» التحذير من خطر التكفير
الامام ابن حزم الجزء الرابع Emptyالأربعاء أغسطس 12, 2020 5:17 pm من طرف عاشق الصوفية

» وصية نبوية عظيمة
الامام ابن حزم الجزء الرابع Emptyالجمعة يناير 31, 2020 12:59 am من طرف ابوعمارياسر

» معاني الكبير في القرآن الكريم
الامام ابن حزم الجزء الرابع Emptyالأحد نوفمبر 17, 2019 5:56 pm من طرف ابوعمارياسر

» تحميل ابحاث مجلة الشريعة
الامام ابن حزم الجزء الرابع Emptyالأربعاء مايو 22, 2019 4:34 am من طرف ابوعمارياسر

» الامام أحمد المقري التلمساني
الامام ابن حزم الجزء الرابع Emptyالأربعاء مايو 22, 2019 4:29 am من طرف ابوعمارياسر

» قصيدة مترجمة رائعة في مدح الرسول
الامام ابن حزم الجزء الرابع Emptyالأربعاء مايو 22, 2019 4:20 am من طرف ابوعمارياسر

» رائعة من كتاب الاتقان في علوم القرآن
الامام ابن حزم الجزء الرابع Emptyالأربعاء مايو 22, 2019 4:16 am من طرف ابوعمارياسر

المواضيع الأكثر نشاطاً
عرف بنفسك
كيف تتلذذ بالصلاة
كتاب الغيبة
كتاب السير والمساعي في أحزاب وأوراد السيد الغوث الكبير الرفاعي
ديوان الحلاج
خلفاءالشريف اسماعيل قدس الله أسرارهم
ديوان ابن دريد
ما هي الطريقة النقشبندية
مكتبة الشيخ محمد عبد الرحيم الحميلى
فضل الصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث النبوية
مواضيع مماثلة
إعلانات تجارية

    لا يوجد حالياً أي إعلان



     

     الامام ابن حزم الجزء الرابع

    اذهب الى الأسفل 
    3 مشترك
    كاتب الموضوعرسالة
    ابو منار
    مراقب
    مراقب
    ابو منار



    العمر : 49
    ذكر
    الوسام مبدع بمواضيعه

    الامام ابن حزم الجزء الرابع Empty
    مُساهمةموضوع: الامام ابن حزم الجزء الرابع   الامام ابن حزم الجزء الرابع Emptyالثلاثاء أبريل 12, 2011 12:22 am

    لم يدن ابن حزم معاوية! ذلك أنه أموي بالولاء كما قلنا، متعصب لهذا الانتماء .. وهو مع ذلك لم يؤيده في الخروج ورفض البيعة للإمام علي. وفي رأي ابن حزم أن واقعة الجمل التي حارب فيها معاوية عليا، لم تكن حربا حقا، فلم يجتمع معاوية ومؤيدوه للحرب، بل اجتمعوا للتشاور. وكان الجند كثيفا في معسكر علي ومعسكر معاوية .. وتجادل الجند، فاشتبكوا دون أن يريدوا اقتتالا ..!

    أما أهل صفين فقد أرادوا القتال حقا. وابن حزم لا يعفيهم من البغي، ولا يدينهم به، وإنما يترك أمرهم إلى الله تعالى.!

    ويقوم ابن حزم مكانة علي بين الخلفاء الراشدين، فيجعله أخرهم مكانة. ويتحدث عن أهل البيت الذين وردت فيهم الآية فيستثنى منهم علي بن أبي طالب، ويفسر الآية بأنها تعني نساء النبي، ويفضل عليهن عائشة .. يفضلها عن خديجة وفاطمة الزهراء رضي الله عنهن جميعا. ويذهب إلى أن عائشة هي سيدة نساء أهل الجنة ..

    ولم يكد ابن حزم ينشر هذه الآراء حتى زلزلت الأرض من تحته زلزالا عنيفا .. ذلك أن أبناء فاطمة كانوا قد أسسوا دولة إسلامية ضخمة، لتعيد الإسلام إلى عصوره الزاهرة، وهي دولة أسمها الدولة الفاطمية، أسسها الفاطميون في المغرب، ثم زحفوا إلى مصر فملكوها، وأنشأوا مدينة القاهرة، والأزهر الذي عمر منذ إنشائه بالشيوخ والطلاب، وارتفعت منارات القاهرة تضيء لما حولها، بعد أن خبت منائر بغداد وقرطبة .. وأصبح الأزهر بجهد علمائه وشيوخه وطلابه قلعة الإسلام في إحياء السنة، ومحاربة البدع، ونشر علوم الدين واللغة وآدابها، وسائر المعارف الإنسانية، وتفجر منه علم عزيز، عم الدنيا، وتوهجت فيه شعلة الفكر تحرق أسمال الجمود والتخلف، وتنير أطباق الظلمات المتراكمات، وتملأ العقول بوهج خالد من الإيمان والثقافة، وأصبح حصنا للدين واللغة والمعرفة.

    إن الذين يحبون ويشايعون علي بن أبي طالب وبنيه قد أصبحوا، يقودون مصر والمغرب العربي والأندلس، وكثيرا من أقطار الإسلام! ثم أن الشيعة وأهل السنة على السواء لا يقبلون ما قاله ابن حزم عن الإمام والباغين عليه، وعن الطاهرة خديجة، وفاطمة الزهراء التي قامت دولة بأسرها تنتسب إليها .. والأندلسيون بصفة خاصة لم يعودوا يحملون للأمويين، ما حملوه من تقدير وحب، أيام الخلفاء العظام، بل لقد شيعوا الأمويين باللعنات، حين سقطت دولتهم، لكثرة ما عانوا من مظالم في نهايتها، وما عاينوا من فساد، ولأن الأمراء الأمويين في أواخر عهد الدولة الأموية، خرجوا عن تقاليد السلف الصالح بالأندلس، وأهدروا الإسلام وأسقطوا هيبة الخلافة، وانشغلوا بالترف، والصراع، واللهو .. ومنهم من أذل العلماء وأهل الفكر والفقه، ليسود الندامى والجواري والغلمان، ومنهم من نزل لأمراء الفرنجة عن بعض أرض المسلمين، ودفع لهم الجزية، واستعانهم على بني عمومته .. وتركهم يجوسون خلال الديار ينتهكون ويغتصبون ويقتلون!!

    ولئن كان من الناس من سكت عن ابن حزم حين أفتى بما خالف كل أصحاب المذاهب من الأئمة السابقين، وحين شوه بعض الفقهاء والعلماء وأدانهم بالفسق، وذكر عنهم أخبارا مهينة .. لئن كان من الناس من سكت عن ابن حزم وهو يصنع هذا كله واكتفى بمجافاته والغضب منه، إن الناس الآن لا يستطيعون السكوت بعد، وهو يناصب علي بن أبي طالب العداء ...

    ثار عليهم الناس جميعا، واتهموه بأنه "ناصبي" قد ناصب علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء العداء! فلا مقام له بعد في هذا الطرف من أطراف الأندلس.

    أما في الأندلس فهم ينتظرونه لينزلوا به العقاب .. عسى أن يشفي العقاب صدور قوم موغرين! وهكذا وجد نفسه قد ضاقت عليه الأرض بما رحبت، فلا هو يستطيع البقاء بالقرب من المغرب، ولا هو يجسر على العودة إلى المدن الكبرى في الأندلس.!!

    غير أن صديقه الذي كان مرشحا لتولي إمارة إحدى الإمارات، قد أصبح اليوم أميرا على "ميورقة" إحدى جزر الأندلس ...

    ودعاه صديقه ليقيم في الجزيرة الجميلة الهادئة. وكان الأمير الجديد ذا مكانة في الدولة، فوعد ابن حزم بالحماية .. وشرط عليه ألا يشتغل بالسياسة، وألا يكتب ما يثير الناس، وأن يتفرغ للكتابة في الدين .. فهو مهما تكن مشاكل الكتابة فيه، أقل هما من الكتابة في السياسة.

    إن هذا هو ما يريده ابن حزم على التحقيق: السكينة، والملجأ الأمين، في مكان هادئ جديد، بجوار صديق كريم، والعودة إلى الكتابة في الفقه والأصول.

    ولقد أنضجته التجارب والمحن والقراءات والتأملات .. وأن له أن يصوغ منهجه وآراءه الفقهية المتناثرة في مجلدات متكاملة.

    وسافر إلى "ميورقة" ليقيم في أطيب حال، في ظل ظليل من حماية أميرها ومودته .. وكان الأمير قد أعد قصرا فاخرا لابن حزم، وخزانة كتب جمع فيها كل ما يطيب لفقيه أديب كابن حزم..

    وكما يعتكف العابد في المحراب، اعتكف ابن حزم في داره، لا يخرج منها إلا لحظات لصلاة الجمعة، أو للسمر مع صديقه الأمير، فيدراسه فيما اهتدى إليه من آراء وأفكار.

    لقد خرج ابن حزم من كل ما مر به بعبرة جعلها دستورا لما تبقى من حياته: "ليس في العالم منذ كان إلى أن يتناهى، أحد يستحسن الهم، ولا يريد إلا طرحه عن نفسه، فلما استقر في نفسي هذا العلم الرفيع، وانكشف لي ذلك السر العجيب وأنار الله لفكري هذا الكنز العظيم بحثت عن سبيل موصلة على الحقيقة إلى طرد الهم الذي هو المطلوب النفسي فلم أجدها إلا في التوجه إلى الله عز وجل بالعمل للآخرة".

    علمته الأيام في تداولها بين الناس أن "لذة العالم بعمله، ولذة الحكيم بحكمته، ولذة المجتهد لله عز وجل، أعظم من كل لذة في الحياة الدنيا .. وإن فليمنح هو ما بقى له من العمر للذات العليا: العلم والحكمة والاجتهاد لله.

    وأنه ليعرف فيما عرف من العجائب "أن الفضائل مستحسنة مستثقلة، والرذائل مستقبحة ومستحبة" .. فليكن إذن من النفر القلائل الذي يناضلون من أجل الفضائل مهما تكن مستثقلة، لكم صقلته السنوات!

    فهاهو ذا ينصح من يلتمس عنده حسن النصيحة: "احرص على أن توصف بسلامة الجانب، وتحفظ من أن توصف بالدهاء، فيكثر المتحفظون منك حتى ربما أضر ذلك بك، وربما قتلك" .. ويقدم نصيحة أخرى: "إياك ومخالفة الجليس، ومعارضة أهل زمانك فيما لا يضرك في دنياك وأخراك وإن قل، فأنك تستفيد بذلك الأذى والمنافرة والعداوة. وربما أدى ذلك إلى الضرر العظيم دون منفعة أصلا. وأن لم يكن لابد من إغضاب الناس أو إغضاب الله عز وجل، ولم يكن مندوحة عن منافرة الخلق أو منافرة الخالق، فاغضب الناس ونافرهم ولا تغضب ربك ولا تنافر الحق".
    واعتذر للناس كافة عن حدته في الكتابة والجدل بمرض أصابه ولزمه، فبدل خلقه من دعة إلى عنف: "لقد أصابتني علة شديدة ولدت ربوا في الطحال شديدا، فولد ذلك على من الضجر، وضيق الخلق، وقلة الصبر، والنزق .. واشتد عجبي من مفارقتي لطبعي. وصح عندي أن الطحال موضع الفرح وإذا فسد تولد ضده" .. ولكنه مع ذلك لم ينكر أن مصاولة المخالفين هي التي حفزته إلى كثرة القراءة وإمعان النظر، وقدحت ذهنه، فاندلعت منه الأفكار.

    وما أعجب ما مر به في حياته المضطربة من أحوال الناس!..

    وإنه في تلك الجزيرة الهادئة من جزر الأندلس، ليشعر بالطمأنينة والسكينة، وبالراحة، والأمن، في ظل جسارة صديق يتحدى الخطر .. إنه في إعجابه العميق بمروءة صديقه هذا الذي يحميه ويكرمه متفضلا عليه لا رادا لجميل سابق أو لسالف عارفة .. أنه في مكانه هذا ليذكر صديقا آخر في الزمن البعيد، كان كاتبا، ونمت بينهما المودة والمحبة وهما في السنوات الخضر من أول العمر .. ما أبعد الفرق بين الصديقين ..!

    كتب ابن حزم عن ذلك الصديق القديم: "كان متصلا بي ومنقطعا إلى أيام وزارة أبي رحمة الله عليه، فلما وقع بقرطبة ما وقع، وتغيرت أحوالي، خرج إلى بعض النواحي، فاتصل بصاحبها وعرض جاهه. وحدثت له وجاهة وحالة حسنة. فحللت أنا تلك الناحية في بعض رحلتي، فلم يوفني حقي، بل ثقل عليه مكاني، وأساء معاملتي وصحبتي، وكلفته في خلال ذلك حاجة لم يقم فيها ولا قعد واشتغل عنها بما ليس مثل شغله .. فما كلفته حاجة بعدها..".
    مهما يكن من الصعاب التي مرت به، فهاهو ذا الآن في لين من العيش لا ينقصه إلا أن يكتب، وينشغل بالعلم، والحكمة، والاجتهاد لله عز وجل .. وكل ما حوله من راحة ومتاع، ودعة، وطيب العيش، وجمال الطبيعة، وصباحة الوجوه، ودفء المودة .. كل ما حوله يعينه على ما يريد من تفرغ للكتابة..

    على أنه لم يلبث غير قليل من معتكفه الرائع. ذلك، حتى أخرجه الناس منه، ليتلقوا عنه، وذهب إليه بعض العلماء ليناظروه .. لقد وجد في ميورقة تلاميذ واتباعا معجبين به على الرغم من كل ما يثار حوله .. ولقد ناظره أحد الفقهاء يوما فلما ظهر عليه ابن حزم قال الفقيه: "تعذرني، فإن أكثر مطالعاتي كانت على سرج الحراس" (جمع سراج). فقال ابن حزم "وتعذرني، فإن أكثر مطالعاتي كانت على منابر الذهب والفضة".

    وامتدت عليه حماية صديقه أمير ميورقة إلى حيث أراد أن ينتقل من أرض الأندلس فذهب إلى بعض المدائن المجاورة يناظر ويعلم، ثم ذهب إلى قرطبة نفسها، في موكب من الأتباع، والدواب تحمل كتبه حيثما أنتقل.

    وعاد إلى ميورقة ليعتكف من جديد .. ولقد لقي أحد الفقهاء في بعض رحلته، فتناظرا أمام الناس، وحين انتصر ابن حزم في المناظرة قال له الفقيه: "أنا أعظم منك همة في العلم، لأنك إنما طلبته وأنت معان عليه فتسهر بمشكاة الذهب، وطلبته وأنا أسهر بقنديل السوق". فرد ابن حزم: "هذا الكلام عليك لا لك لأنك إنما طلبت العلم وأنت في هذه الحال رجاء تبديلها بمثل حالي، وأنا طلبته في حال ما تعلمه وما ذكرته فلم أرجو به إلا علو القدر في الدنيا والآخرة." وعنى ابن حزم في تلك الفترة بصقل آرائه وأفكاره وصياغتها في الصورة التي سيتركها من بعده للتاريخ.

    واتخذ لنفسه منهجا عقليا خالصا تأثر فيه بالإمام جعفر الصادق على الرغم من انتمائه وولائه الأموي. فأعتمد كما اختط الإمام الصادق جعفر بن محمد على الاستقرار والتجربة، وبصفة خاصة في دراسته عن الأخلاق التي ضمنها رسالة صغيرة عرفت باسم حكم ابن حزم أو مداواة النفوس. ولا ريب أنه أفاد من تراث الفكر المصري القديم، والفكر الفارسي والهندي، واليوناني، وكانت كل تلك الآثار قد ترجمت إلى العربية منذ أجيال .. ولم يعتمد على إلمامه بالفكر الإنساني فحسب، بل على فهمه لأحوال المجتمعات التي عاش فيها، وعلى تجاربه وحسن معرفته بالناس والحياة.

    ومن هذا التجاريب والدراسات والمعارف استقرأ آراءه في الأخلاق. فهو يرى أن هدف النشاط الإنساني هو دفع الهم والحصول على اللذة، وهي عنده لذة الروح.

    ويرى في الفضيلة رأي أرسطو ويقول: "الفضيلة وسط بين الإفراط والتفريط، وكلا الطرفين مذموم، والفضيلة بينهما .. حاشا العقل فإنه لا إفراط فيه ..

    وهو يرى رأيا قريبا من رأي أفلاطون في أصول الفضائل وأصول الرذائل: "أصول الفضائل أربعة، عنها تتركب كل فضيلة وهي العدل والفهم والنجدة والجود.

    وأصول الرذائل كلها أربعة عنها تتركب كل رذيلة، وهي اضداد الذي ذكرنا، وهي الجور، والجهل، والجبن، والشح، والعفة والأمانة نوعان من أنواع العدل والجود.

    وأفلاطون يرى أن أصول الفضائل هي: المعرفة (وهي الفهم عند ابن حزم)، والعفة، والعدل. وابن حزم يضع السخاء أو الجود مكان العفة. ذلك أنه يرى أن العفة التي جعلها أفلاطون أصلا من أصول الفضائل، إنما تدخل في العدل والجود.

    وابن حزم يدعو العلماء والفقهاء إلى التفقه في العلوم الإنسانية .. تأثر بالإمام الصادق الذي مارس الكيمياء وأسس قواعدها، وربى تلميذه جابر بن حيان على إتقان الكيمياء وأنشأ له معملا، وظل يرعاه حتى ترك جابر بن حيان في الكيمياء تراثا شارك في صنع التقدم الإنساني كله عبر العصور.

    قال ابن حزم: "كشف العلوم النافعة يزيد العقل جودة ويعفيه من كل آفة، ويهلك ذا العقل الضعيف".

    وهو في رسالته عن الأخلاق يضع ضوابط للخير والشر، وينتهي إلى أن الدين ضرورة الجماعات البشرية، فهو الذي يحميها وينشر فيها الثقة بين الأفراد ويعمها بالفضائل، ويجمعها على الحب والخير والحق.

    وهو لا يخص الإسلام وحده بذلك، بل كل دين سماوي. قال: "ثق بالمتدين ولو كان على غير دينك. ولا تثق بالمستخف وأن أظهر أنه على دينك ومن استخف بحرمات الله تعالى فلا تأمنه على شيء تشفق عليه".

    فهذا الفقيه الذي كان يتعصب لآرائه حتى ليصف نفسه بالنزق، والذي اشتد على بعض اليهود والنصارى الذين هاجموا الإسلام، وأخرجهم من ذمة الله ورسوله لتهجمهم على ما أوحي به الله إلى رسوله .. هذا الفقيه نفسه يطالب المسلمين ألا يثقوا بمسلم غير متدين، وألا يأتمنوه على شيء، ويدعوهم إلى الثقة بالمتدينين من اليهود والمسيحيين، وإلى أئتمانهم على كل ما هو غال وعزيز على المسلمين.!

    وذلك أنه يرى الدين أساس الفضيلة، كل الديانات السماوية دعوة إلى الصدق، والإخلاص، والمحبة، والكرم، والمروءة وسائر الفضائل .. وأن كل دين سماوي إنما جاء مكملا لما قبله، حتى بعث الله خاتم النبيين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم متمما لمكارم الأخلاق .. فالمتدين من اليهود والنصارى أدنى بها إلى مبادئ الإسلام وإلى الله تعالى من المسلم غير المتدين..!

    ومكارم الأخلاق التي جاء بها القرآن مصدقا لما بين أيديهم من التوراة والإنجيل، يمكن التعرف عليها بالعقل.

    المسلمون مأمورون بالتدبر، والتفكر، وإعمال العقول لمعرفة الخير والشر، والفضائل والرذائل .. على هذا نص القرآن الكريم والسنة الشريفة. فإذا أعمل الناس عقولهم اهتدوا إلى سواء السبيل .. قال تعالى عن الضالين:

    { وَقَالُواْ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِيۤ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ } ( الملك ، الآية : 10 ) .

    وإذن فوظيفة العقل عنده هي هداية صاحبه إلى الخير والفضائل. أما الذين يشحذون عقولهم لاجتلاب المنافع، غير مبالين بالفضيلة فهؤلاء ليسوا هم أصحاب العقل، بل هم أصحاب الدهاء، فالعقل لا يقود إلا إلى الحق والخير..

    وهو نفسه قد آثر العلم على جميع اللذات، وترك جمع المال إلى هموم العلم، وكان قادرا لو اهتم بجمع المال على أن يكون من أغنى أغنياء عصره. ولكن تصاريف الزمان علمته أن المال، واللذة الحسية، وكل فنون المتاع إنما هي عرض زائل، ولا يبقى إلا الحكمة والعلم. "ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا." ويقول: "للعلم حصة في كل فضيلة، وللجهل حصة في كل رذيلة..".

    ورأى ابن حزم. أهل زمانه يستخفون بمن يصرف جهده عن الاستزادة من المال ليستزيد من العلم والحكمة فيقول في هذا: "ترك المبالاة بكلام الناس والمبالاة بكلام الخالق عز وجل هو العقل كله، والراحة كلها. من قرر أن يسلم من طعن الناس وعيبهم فهو مجنون. ومن حقق النظر وراضى نفسه على السكون إلى الحقائق وإن آلمته في أول صدمة كان اغتباطه بذم الناس إياه أشد وأكثر من اغتباطه بمدحهم إياه. لأن مدحهم إن كان بحق وبلغة سرى فيه العجب، فأفسد بذلك فضائله، وإن كان بباطل فسره، فقد صار مسرورا تجنبه ما يعاب عليه، وهذا حظ عظيم لا يزهد فيه إلا ناقص، وأن كان بباطل فصبر، اكتسب فضلا زائدا بالحلم والصبر..".

    وهو يرى من حسن الأخلاق أن يثبت الإنسان على الفكرة والعمل ما اقتنع بأنه على حق، فإذا اكتشف أنه على الباطل، فالثبات لجاج، وهو مذموم ...

    ثم ينتهي ابن حزم في حديثه عن الأخلاق إلى أن خير ما يفعله المسلم ليستقيم له الخلق الفاضل، هو التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أمرنا الله بهذا: { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُواْ ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ}( الأحزاب ، الآية : 21 ) ثم أن الله تعالى وصفه بقوله: { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ }( القلم ، الآية : 4 ) .

    ويقول ابن حزم عن القواعد والضوابط التي وضعها للأخلاق أنه "أفاد فيها" مما منحني الله تعالى من العلم بتصاريف الزمان والأشراف على أحواله، حتى أنفقت في ذلك أكثر عمري، وآثرت تقييد ذلك بالمطالعة له، والفكرة فيه على جميع اللذات التي تميل إليها أكثر النفوس، وعلى الازدياد من فضول المال."

    ويرى ابن حزم أن الإنسان عنده علم البديهة وهو علم النفس .. فالطفل يدرك بالبديهة أن الجزء أقل من الكل، وأن المكان الواحد لا يشغله جسمان في وقت واحد فهو يتنازع على المكان الذي يريد أن يقعد فيه. علما منه بأن هذا المكان لا يسعه مع غيره، وهو يدرك أنه لا يجتمع الأمران، المتضادان، فأنت إذا وقفته بغير إرادته بكى .. حتى إذا تخلص عاد إلى القعود. وإذا كبر الطفل أدرك أن الأخبار عما هو غائب لا يصح أن تتعارض، فإذا تعارضت شك في الجميع أو ألغاها .. وهكذا يعرف الإنسان أخبار الأنبياء ووقائع التاريخ، فإذا كبر عقله استطاع أن يعرف الصادق من المنقول عن الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وبذلك يتحقق أن علم العقل أساس لعلم النقل .. وابتعاد الخبر مدعاة لخطأ، كالأعداد في الحساب كلما كثرت الأعداد زادت مظنة الخطأ في أجزاء العمليات والمعادلات الحسابية والجبرية عليها.

    ويضيف أن هذا ليس هو سبب الخطأ فقط، بل عوامل أخرى تفسد النقل وهي الشهوة والانحياز. على أن العقل يظل قادرا على التمييز أبدا.

    وهو يؤمن بكل ما جاءت به النصوص، معملا العقل في تفسيرها بظاهرها. فإذا كانت النصوص قد أجمعت على أن الله هو خالق كل شيء فلا أحد يخلق فعلا من الأفعال، وإلا كان شريكا الله تعالى في الخلق، ولكنه يناقش هذا النظر ويقول أن الأخذ به يسقط التكليف، فلا حيلة للإنسان إذن والله يخلق أعماله، ولا إرادة للإنسان ولا اختيار، ولكنه الجبر قطعا.

    ويصحح هذا الفهم بقوله أن الله خلق في العبد الاستطاعة والاختيار فهو يختار ما يفعله وما يستطيعه. وبذلك يكلف الله العباد ويحاسبهم على أعمالهم.

    ثم يتحدث عن الاجتهاد بالرأي فيذهب إلى أنه ليس من الشريعة. لأن الله لم يفرط في الكتاب من شيء..

    فلا مجال للرأي إذن لأن كل الأحكام واردة في نصوص القرآن والسنة أو إجماع الصحابة فإن لم يوجد فيها الحكم فقد نص القرآن على إباحة ما لم يحرمه الله فيكون الحكم في كل واقعة حيث لا نص هو الإباحة أو استصحاب الحال بحكم النص القرآني: {هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً} ( البقرة ، الآية : 29 ) .

    على هذه الأصول يستنبط كل الأحكام الخاصة بالعقيدة وبالمعاملات، أي بالدين وبالشريعة .. وهو القضايا الفكرية التي تتعلق بالعقيدة يمتحن النصوص والإجماع فيجد فيها إجابة عن كل سؤال.

    فقد زعم الخوارج أن مرتكب الكبيرة كافر مآله إلى النار.

    وقالت المعتزلة أنه في منزلة بين المنزلتين فلا هو كافر ولا هو مؤمن. وذهب بعض أهل السنة إلى أنه ليس مؤمنا، ولكنه مسلم لم يخرج عن الإسلام إلى الكفر بل خرج عن الإيمان إلى الفسوق .. وبئس الاسم الفسوق بعد الإيمان.
    وذهب آخرون إلى أن الحكم عليه يرجأ إلى يوم القيامة، فإن شاء الله أخذه بالكبيرة وأن شاء الله عفا عنه، وهؤلاء هم المرجئة.

    أما ابن حزم فقد استنبط حكمه من النصوص، وأفتى في مرتكب الكبيرة بفتوى بعض أهل السنة: "فمن تاب بعد ارتكابه الكبيرة غفر الله له والله غفور رحيم" أما من قبل التوبة النصوح، فإن رجحت حسناته سقطت كبائره لأن للحسنة عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف وإلى أكثر من ذلك أضعافا مضاعفة .. هذا هو نص القرآن الكريم .. فإذا استوت حسناته مع سيئاته فهو على الأعراف ينتظر الجنة، وعلى الأعراف رجال ينتظرون، ثم يدخلون الجنة آخر الأمر، أما أن زادت سيئاته على حسناته فإلى النار. غير مخلد فيها أبدا، بل يخرج منها إلى الجنة بقدر ما تؤهله الحسنات."

    ويعرض ابن حزم لمشكلة أخرى كانت مثارة من قبل عصره، وهي وحدانية ذات الله تعالى .. أله صفات منفصلة عن الذات؟ أم أن أسماء الله الحسنى هي صفاته، وكلها هي الذات الإلهية.؟!

    قال ابن حزم: "وأما إطلاق لفظ الصفات لله عز وجل فمحال لا يجوز، لأن الله لم ينص في كلامه المنزل على لفظ الصفات وعلى لفظ الصفة. ولا حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أن لله صفة أو صفات. نعم ولا جاء ذلك قط عن أحد الصحابة رضى الله عنهم، ولا عن أحد من خيار التابعين".

    فهو يعتبر الألفاظ التي تدل على صفات إنما هي من أسماء الله تعالى، مثل السميع البصير القادر القدير الحكيم العليم الرحمن الرحيم إلى غير ذلك من أسماء الله الحسنى. وهذا بنص الآية:

    { وَللَّهِ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ ْ} ( الأعراف ، الآية : 180 ) .

    أما عن الألفاظ الموهمة للتشبيه مثل: "وجه ربك" و"يد الله" فهو يطالب من يريد أن يفهمها أن يتدبر النص القرآني في لغته، وأن يتعمق دراسة اللغة العربية، فقد نزل القرآن بلسان عربي مبين.

    ومن يدرك أسرار اللغة، يفهم بالضرورة أن الله تعالى حين يتحدث عن وجهه ويده، لم يرد عضوا بعينه في الجسم المحسوس، بل أراد الذات نفسها. فعندما تقول العرب: "ما ملكت يميني مثلا" فالمعنى "ما ملكت أنا" لا ما ملكت يدي اليمنى دون يدي اليسرى.

    وهكذا فسر قوله تعالى: { وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ } (الرحمن ، الآية : 27 ) . أي يبقى ربك فهو وحده الذي لا يفني وفسر قوله تعالى: {يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}( الفتح ، الآية : 10 ) ، بقوله: "الله فوق أيديهم". وفسر:

    {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ َ} ( المائدة ، الآية : 64 ) بقوله: "الله ينفق كما يشاء".

    ومن فهم غير ذلك فليعد دراسة أساليب العرب وآدابهم ليعرف أن للألفاظ في اللغة العربية دلالات مجازية، وهي من دلالات ظواهر الألفاظ.

    إلى هذا انتهى ابن حزم في الخلاف الذي ظل مشتجرا حول الأسماء والصفات، واتهم كل من لم يوافقه، بأنه لا يعرف أساليب العرب، ولا أسرار اللغة التي نزل بها القرآن، ونصحه بأن يصنع ما صنع الليث بن سعد والشافعي: أن يخرج إلى بادية نجد أو الحجاز ليتقن اللغة، وأن يحفظ أشعار القدامى وبصفة خاصة شعر الهذليين.

    فأسماء الله ليس فيها ما أسماه القرآن بالمتشابه، أي لا يعرف معناه ولا حكمه. فلا متشابه في القرآن إلا الحروف التي بدأت بها بعض السور مثل ألف لام ميم، (ألم)، وألف لام راء (ألر) وصاد (ص)، ونون (ن)، وقاف (ق) إلى غير ذلك، وإلا ما أقسم به الله تعالى: مثل "والذاريات"، و"الشمس وضحاها" و"الفجر". و"لا أقسم بهذا البلد". وليس لأحد الحق في أن يبحث في هذا المتشابه، فقد يقوده البحث إلى الزيغ والضلال.

    بهذا أمرنا الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأتبعه الصحابة.

    فإنه لا رأي فيما لم يوضحه الرسول .. وقد أمر المسلمين ألا يسألوه فيما سكت عنه، فما أهلك من قبلهم من الأمم إلى الشغب على أنبيائهم بكثرة السؤال.

    قال تعالى: {فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَٰبِ مِن شَيْءٍ} ( الأنعام ، الآية 38 ) . فما مكان الرأي إذن، إلا إذا قلنا أن القرآن قد فرط في شيء!؟ .. وقال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِر} ( النساء ، الآية : 59 ) . فلا حكم إلا بما قضى به الله ورسوله، ثم أولو الأمر .. أي الإجماع.

    وفي صحيح البخاري من حديث أبي الأسود عن عروة بن الزبير قال : حج علينا عبد الله بن عمرو بن العاص فسمعته يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { إن الله لا ينزع العلم بعد إذ أعطاكموه انتزاعا , ولكن ينزعه مع قبض العلماء بعلمهم , فيبقى ناس جهال يستفتون فيفتون برأيهم , فيضلون ويضلون } .

    ثم يستدل بأقوال الصحابة في النهي عن الأخذ بالرأي، ويرفض الأحاديث والأخبار التي تواترت عن الاجتهاد بالرأي، ويتهم رواتها بالضعف أو الكذب.

    يذهب ابن حزم إلى أن القرآن وحده هو الأصل الوحيد للشريعة، وفيه أمر لنا باتباع الرسول. فالسنة حجة. قال تعالى يخاطب رسوله: {بِٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}( النحل ، الآية 44 ) فالرسول (ص) يبين القرآن، وأهل الذكر مسئولون عن بيان ما في القرآن والسنة، لما تعلموه من الرسول.

    والبيان كما يقول ابن حزم: "يختلف في الوضوح، فيكون بعضه جليا، وبعضه خفيا، فيختلف الناس في فهمه، فيفهمه بعضهم بفهمه، وبعضهم يتأخر عن فهمه. كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إلا أن يؤتي رجلا فهما في دينه".

    هاهو ذا يستشهد بقول الإمام علي كرم الله وجهه!

    وفي الحق أن ابن حزم ما ناصب الإمام عليا العداء!...

    فابن حزم قد اعتمد في بعض فقهه على أقضية للإمام علي، وفتياه، وعلى آراء لحفيده الإمام جعفر الصادق.
    ولقد ذكر ابن حزم أن عمر بن الخطاب كان يستفتي علي بن أبي طالب فيما يغم عليه من الأحكام ويقول: "على أقضانا" فإذا عرضت لعمر قضية ولم يجد عليا قال: "قضية ولا أبا حسن لها" ..

    وما اعتمد ابن حزم على آراء الإمام علي تكفيرا عما سلف منه، أو نفاقا للأمراء والعلماء ممن يفضلون عليا على سائر الصحابة، بل توقير للإمام علي، وعرفانا بمكانته من الرسول عليه الصلاة والسلام، وبمكانه في الإسلام، وفضله في إرساء قواعد الشريعة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم.

    هو إذن يرى أن الأحكام كلها في القرآن، و القرآن هو الذي نص على حجية السنة إذ أمرنا باتباع الرسول، ونص على حجية الإجماع بنصه على أهل الذكر والصحابة، فإذا لم يمكن استنباط الحكم من القرآن أو السنة أو الإجماع، فلا سبيل إلا الاستصحاب وهو بقاء الحكم المبني على النص حتى يوجد دليل على نصوص تغيره. قال تعالى: {هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً} ( البقرة ، الآية : 29 ) .

    وقال تعالى: {وَلَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَٰعٌ إِلَىٰ حِينٍ}( البقرة ، الآية : 36 ). وإذن فقد "أباح الله تعالى الأشياء بقوله أنها متاع لنا ثم حظر ما شاء. وكل ذلك بشرع. أي بنص..".

    وقاده التزامه هذه الأصول التي خالف فيها جميع الأئمة والفقهاء إلى مخالفتهم في كثير من الفروع. فاعتبر التزام أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة يجب اتباعها، وإن لم يصطحب فعله أمر. وعاب على اتباع مالك ترك هذه السنة فقال: "اختاروا الصوم في رمضان في السفر، ورغبوا عن فعله عليه السلام في الفطر. ورغبوا عن فعله عليه السلام في التقبيل وهو صائم، وقد غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم على من رغب عن ذلك أو تنزه عنه وخطب الناس ناهيا عن ذلك. وتركوا فعله عليه السلام في تطيبه في حجة الوداع وأخذوا بأمر له متقدم لو كان على ما ظنوه لكان منسوخا بفعله عليه الصلاة و السلام .. ولا يجوز أن يقال عن شيء فعله رسول الله أنه خصوصي إلا بنص في ذلك، لأنه عليه الصلاة و السلام قد غضب على من قال ذلك، وكل شيء أغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حرام.

    ذلك مذكور في حديث الأنصاري الذي سأله عن قبلة الصائم فأخبره عليه السلام أنه يفعل ذلك. فقال الأنصاري: "يا رسول الله إنك لست مثلنا. قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر" فغضب عليه صلى الله عليه و سلم وقال: "والله أني لأتقاكم لله وأعلمكم بما أتى وما أذر" .. وقد روت عائشة: "أنه صلى الله عليه و سلم كان يترك الفعل وهو يحبه، خشية أن يفعله الناس فيفرض عليهم، كما فعل صلى الله عليه و سلم في قيام الليل في رمضان، قام ثم تركه خوف أن يفرض علينا. وإنما قلنا هذا لئلا يقول جاهل: أيجوز أن يترك صلى الله عليه و سلم الأفضل ويفعل الأقل فضلا؟ فأعلمناه أنه صلى الله عليه و سلم يفعل ذلك رفقا بنا .. وكذلك الشيء إذا تركه صلى الله عليه و سلم ولم ينه عنه ولا أمر به فهو مباح. وضرب مثلا لذلك: "من استمع زمارة الراعي، فلو كان حراما لما أباحه صلى الله عليه و سلم لغيره، ولو كان مستحبا لفعله صلى الله عليه و سلم " .. وكان ابن حزم يحضر مجالس الغناء في قرطبة اعتمادا على هذا.

    وروي عن عائشة أنها سألت زوج بنت أختها وكانت من اجمل فتيات عصرها ألا يداعبها ويقبلها، فتحرج الفتى فقالت له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك وهو صائم في نهار رمضان.

    وعاد اتباع مالك يغلظون له ويحاولون الإيقاع به في كل فقهه وأصوله .. وذهبوا إلى أنه يخالف إجماع أهل المدينة وإجماع أهل المدينة سنة، لأنهم نقلوا عن الرسول عليه الصلاة والسلام مئات عن مئات وآلافا عن آلاف، فهي سنة أقوى من النقل عنه عليه السلام واحدا عن واحد .. وهذا هو رأي الإمام مالك نفسه.

    ولم يصبر ابن حزم على اتهامهم إياه بأنه يخالف السنة، فانقض يسفه من يقول بهذا، ويردد حجة الإمام الليث في رده على الإمام مالك أن الصحابة وفي صدورهم علم الدين والشريعة، تفرقوا في الأمصار يعلمون الناس، وملأوا المدائن، فليس لأهل المدينة امتياز عن أهل الكوفة التي أقام بها الإمام علي وعبد الله بن مسعود، ولا عن أهل مصر التي أقام بها عبد الله بن عمرو بن العاص. وغيره من الصحابة، ولا عن غيرها من أقطار الأرض التي عاش فيها صحابته .. وكان علم بعضهم أغزر من علم الذين بقوا في المدينة فض
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    الكوماندا
    عضو مميز
    عضو مميز
    الكوماندا



    العمر : 31
    ذكر
    الوسام وسام ذهبي

    الامام ابن حزم الجزء الرابع Empty
    مُساهمةموضوع: رد: الامام ابن حزم الجزء الرابع   الامام ابن حزم الجزء الرابع Emptyالخميس أبريل 14, 2011 10:17 am

    بارك الله فيك
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    ابن الرفاعى
    المشرف العام
    المشرف العام
    ابن الرفاعى



    العمر : 44
    ذكر
    الوسام وسام التميز

    الامام ابن حزم الجزء الرابع Empty
    مُساهمةموضوع: رد: الامام ابن حزم الجزء الرابع   الامام ابن حزم الجزء الرابع Emptyالخميس سبتمبر 15, 2011 9:51 am


    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
    واكثر من رائع
    بارك الله فيك وجزاك الفردوس الاعلى ان شاء الله
    دمت بحفظ الله ورعايته

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
     
    الامام ابن حزم الجزء الرابع
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -
    » الامام احمد بن حنبل الجزء الرابع
    » الامام ابن حزم --الجزء الثانى
    » الامام ابن حزم الجزء الخامس

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    الطريقة النقشبندية العلية  :: السيرة والتراجم والتاريخ :: سيرة ومناقب الاولياء والصالحين-
    انتقل الى:  
    جميع الحقوق محفوظة
    الساعة الان بتوقيت مصر
     ® 
    جميع الحقوق محفوظة لمنتدى الطريقة النقشبندية العلية
    حقوق الطبع والنشر©2011 - 2010
    موقع الطريقة النقشبندية العلية
    المشاركات المنشورة بالمنتدى لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى ولا تمثل إلا رأي أصحابها فقط ولا يتحمّل الموقع أيّة مسؤوليّة عن المواد الّتي يتم عرضها أو نشرها في منتدي الطريقة النقشبندية العلية  ويتحمل المستخدمون بالتالي كامل المسؤولية عن كتاباتهم وإدراجاتهم التي تخالف القوانين أو تنتهك حقوق الملكيّة أو حقوق الآخرين أو أي طرف آخر.
    ادارى المنتدى : محمد عبده النقشبندى
    تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
    تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit    

    قم بحفض و مشاطرة الرابط الطريقة النقشبندية العلية على موقع حفض الصفحات

    قم بحفض و مشاطرة الرابط الطريقة النقشبندية العلية على موقع حفض الصفحات