يقول الشيخ الاكبر فى كتاب روح القدس فى محاسبة النفس
و اما اهل زمانك اليوم يا ولى فكما قال الحكيم ابو عبد الله
محمد بن على الترمذى رحمه الله (( ضعف ظاهر و دعوى عريضة ) فاول ما وصلت
الى هذه البلاد سالت اهل هذه الطريقة المثلى عسى ان اجد منهم نفحة الرفيق
الاعلى :فحملت الى جماعة قد جمعتهم خانقاه عالية البناء واسعة الفناء فنظرت
الى مغزاهم المطلوب و منحاهم المرغوب ، تنظيف مرقعاتهم بل مشهراتهم و
ترجيل لحاهم غير انهم يدعون ان اهل المغرب اهل حقيقة لا طريقة و هم اهل
طريقة لا حقيقة ، وكفى بهذا الكلام فسادا ، اذ لا وصول الى الحقيقة الا
بعد تحصيل الطريقة
وهاتان جهالتان منهم و هم لا يشعرون
و قد قال الامام المقدم و الصدر المبرز ابو سليمان الدارنى
رحمه الله : وانما حرموا الوصول - الحقيقة - بتضييعهم الاصول - وهى
الطريقة- ، و هاتان جهالتان منهم وهم لا يشعرون .
فالزمان يا ولى شديد ، شيطانه مريد ، و جبارة عنيد ، علماء
سوء يطلبون ما ياكلون ، وامراء جور يحكمون بما لا يعلمون ، وصوفية صوف
باغراض الدنيا موسخون وموسومون ، عظمت الدنيا فى قلوبهم فلا يرون فوقها
مطلبا ، وصغر الحق فى انفسهم فاعجلوا عنه هربا ، حافظوا على السجادات و
المشهرات و العكاكز ، و اظهروا السبحات المزينة كالعجائز ، طغام ، اطفال ،
صبيان الاحلام ، لا علم عن الحرام يردعهم ، ولا زهد عن الرغبة فى الدنيا
يصدهم ، اتخذوا ظاهرا الدين شركا للحطام ، ولا زموا الخوانق والرباطات رغبة
فيما ياتى اليها من حلال او حرام ، وسعوا اردانهم ، وسمنوا ابدانهم ،
فوالله ما اراهم الا كما حدثنى ....... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(( ليجاءن باقوام يوم القيامة معهم من الحسنات مثل جبال تهامة ، حتى اذا
جىء بهم ، جعل الله اعمالهم هباء ، ثم قذفهم فى النار فقال سالم : يا رسول
الله بابى انت وامى حد لنا هؤلاء القوم حتى نعرفهم فوالذى بعثك بالحق انى
اتخوف ان اكون منهم ، قال يا سالم اما انهم كانوا يصومون و يصلون وفى حديث
اخر - و كانوا ياخذون و هنا من اليل - ولكنهم كانوا اذا عرض لهم شيئا من
الحرام - وفى رواية من طريق اخر شى من الدنيا - و ثبوا عليه فادحض الله عز
وجل اعمالهم

فقال مالك بن دينار هذا والله النفاق فاخذ المعلى بن زياد بلحيتة فقال صدقت يا ابا الخير
والله
يا ولى لو رايتهم فى صلاتهم ينقرونها ، وفى صفوفهم لا يقيمونها ، يجعل
احدهم بينه وبين صاحبه فى الصف قدر ما يدخل فيه الف شيطان ثم اذا جئت ان
تسد ذلك الخلل تراهم قد قطبوا و جوههم ، فان غفلت ووطئت سجادة احدهم لكمك
لكمة حيث جاءت منك و قد يكون فيها حتفك ، هذه واشباهها هى الطريقة التى اهل
زمانك عليها ، ويرحم الله ابا القاسم القشيرى حيث ادرك من تحلى بحلية
القوم فى ظاهره ، وتعرى عنهم فى باطنه فانشد فيه :


اما الخيام فكانها كخيامهم ........... وارى نساء الحى غير نساءها


هذا الذى قد اشترك معهم فى الزى الظاهر ، واما اليوم فلا خيام ولا نساء باجماع من القوم ،
وان الموت الاخضر عندهم طرح الرقاع بعضها على بعض و ذلك شعارهم رضى الله
عنهم ، فقام هؤلاء فقالوا انما لنا لبس مرقعة خاصة ولم يلحظوا ما اريد بها ،
فتانقوا فى الثياب المطرحة ، والاعلام المشهرة ، و خاطوها على وزن معلوم ،
وترتيب منظوم ، تساوى مالا عظيما وافسدواعليها الثياب و سموها مرقعة فرحم
الله سيد هذة الطائفة ابا القاسم الجنيد ( المتوفى 279 هجريا ) حيث انشد
لما راى فساد الحال :
اهل التصوف قد مضوا .......... صار التصوف مخرقة
صار التصوف ركوة ........... سجادة و مدلقة
صار التصوف صيحة .......... و تواجدا و مطبقة
كذبتك نفسك ليس ذى .......... سنن الطريق الملحقة