التجارة الرابحة
يقول الله عزوجل ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ( ـ 10/11 سورة الصف ـ ،إن أي مشروع إذا أردنا له النجاح فلابد أن تعمل فيه ثلاثة أشياء:
1. إزالة المعوقات.
2. التخطيط الصحيح.
3. العمل الجاد.
هذه لمشاريع الدنيا الفانية فمن باب أولى إذا أردنا لتجارتنا في الآخرة النجاح أن تتوفر فيها هذه الأشياء، ونحن الآن في مشروع تجاري وموسم رابح من مواسم الآخرة ألا وهو شهر رمضان المبارك، فالحسنة فيه بسبعين ضعفاً، والفريضة فيه تعدل سبعين فريضة فيما سواها من الشهور، فإذا أردنا أن نخرج من رمضان بأرباح كثيرة وحسنات وفيرة فعلينا أن نزيل المعوقات من أمامه وأن نخطط له التخطيط الصحيح وأن نعمل فيه بجدية وهمة عالية، ، فلربما يكون هذا آخر رمضان ندركه:
1. إزالة المعوقات
هناك نوعان من المعوقات التي تعيق عملك في رمضان لا بد أن تزيلها قبل بدء العمل بمشروعك الرمضاني ..... وهي:
أ. الذنوب: صغائر كانت أم كبائر.. بينك وبين ربك أم بينك وبين أخيك المسلم، فالذنوب تحجبك عن ربك، وهي أثقال على ظهرك تثقل حركتك إلى الطاعات وتضعف همتك نحوها قال تعالى: )قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ( ـ31 سورة الأنعام ـ، وهي ران على قلبك تفسده وإذا فسد قلبك فسدت جوارحك، قال تعالى: )كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون( ـالمطففين14ـ، ويقول عليه الصلاة والسلام: (ألا إن في الجسد لمضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب).
ب. الشحناء والبغضاء: يقول r: (يطلع الله عزوجل على كل الصائمين فيغفر لهم إلا لاثنين مشرك ومشاحن)، وقد قرن الله تعالى المشاحن والمباغض لأخيه المسلم مع المشرك بالله عزوجل في حرمانه من المغفرة والرحمة المنّزلة في هذا الشهر والسبب في ذلك أن كلا الأمرين مفسد للدين ومحبط للعمل، فالشرك محبط للعمل قال الله تعالى: )وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ( ـ65ـ سورة الزمر.
وكذلك بالنسبة للشحناء والبغضاء فإنها تحلق الدين كما يحلق الإنسان شعره يقول r: (دب إليكم داء الأمم من قبلكم الحسد والبغضاء وهي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين) ومعنى الحلق: هو إزالة جميع الشعر من الرأس بحيث لا تبقى فيه شعرة واحدة بخلاف التقصير الذي يعني إزالة بعض الشعر كما قال الله عزوجل: )محلقين رؤوسكم ومقصرين(.
والسبب في حرمان المباغض والمشاحن للأجر والرحمة هو أنها كالأرضة تنخر في جسد المجتمع المسلم وتمزقه وتذهب بوحدته التي هي مصدر قوة الأمة وهيبتها، فمتى تمزق المجتمع المسلم استطاع العدو أن يخترقه.
فما أحوج العراقيين اليوم أن يفهموا هذه المعاني السامية ويتنبهوا لهذا الأمر ويتراحموا فيما بينهم وينسوا خلافاتهم كي لا يفوتهم أجر هذا الشهر ويحرموا من رحمة الله عزوجل.
2. كيف نخطط لرمضان
إن التاجر الناجح هو الذي يخطط لتجارته ويحسب لها ألف حساب ونـحن في تجارتنا الربانية ومشروعنا الرمضاني يحتاج منا إلى تخطيط جيد كي تجنى الأرباح الكثيرة منه.
والتخطيط نوعان:
1. التخطيط حسب الوقت: أي أنك تقسم جدول أعمالك في رمضان على حسب الوقت ، كأن تجعل مثلاً من بعد صلاة الفجر إلى شروق الشمس لقراءة القرآن الكريم، ومن الساعة الفلانية إلى الساعة الفلانية لقراءة كتاب أو للتسبيح، وهكذا تقسم الأعمال على الوقت.
2. التخطيط حسب الكم والعدد: كأن نجعل مثلاً في كل يوم من أيام رمضان قراءة جزء من القرآن ومائة مرة تسبيح الله عزوجل ومائة مرة تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وهكذا الحال في باقي الأعمال كالصدقة وزيارة الأقارب وعيادة المرضى وإلى آخره من أعمال البر.
وهذا التخطيط للأعمال وتنفيذها يحتاج إلى همة عالية وجدية في العمل فلا تتوقع من المهمل الكسول أن ينجح في مشروع يعمله