« البسط : هو عبارة عن حالة الرجاء » .
الشيخ الأكبر ابن عربي يقول : « البسط عندنا : حال حكم صاحبه أن يسع الأشياء ولا يسعه شيء ... ولولا البسط الإلهي ما تمكن لأحد من خلق الله أن يتخلق بجميع الأسماء الإلهية ، وأعظم تعريف في البسط الإلهي : ] إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ [ » .
البسط [ عند شهاب الدين السهروردي ] : هو طرب النفس طرباً روحياً ، مبدؤه بارق إلهي
يقول الشيخ أحمد بن عجيبة: « البسط : هو فرح يعتري القلب أو الأرواح : أما بسبب قرب شهود الحبيب ، أو شهود جماله ، أو بكشف الحجاب عن أوصاف كماله وتجلي ذاته ، أو بغير سبب » .
الدكتور أبو الوفا الغنيمي التفتازاني
البسط : من الأحوال التي ترد على السالك في طريقه إلى الله ، وفيه تشعر نفس السالك بالفرح والطمأنينة والرضا .
أنواع البسط
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني :
« البسط في مقام القلب : بمثابة الرجاء في مقام النفس ، وهو وارد يقتضيه إشارة إلى قبول ولطف ورحمة وأنس . ويقابله وارد القبض كالخوف في مقابلة الرجاء في مقام النفس .
والبسط في مقام الحق : وهو أن يبسط الله العبد مع الخلق ظاهراً ويقبضه الله ( إليه ) باطناً رحمة للخلق ، وهو يسع الأشياء ولا يسعه شيء ، ويؤثر في كل شيء ولا يؤثر فيه شيء » .
أجزاء البسط
يقول الشيخ عبد العزيز الدباغ : « أما البسط فالأول من أجزائه : الفرح الكامل ، وهو نور في الباطن ينفي عن صاحبه الحقد والحسد والكبر والبخل والعداوة مع الناس ...
الثاني : سكون الخير في الذات دون الشر ...
الثالث : فتح الحواس الظاهرة ، وهو عبارة عن لذة تحصل في الحواس الظاهرة ...
الرابع : فتح الحواس الباطنة ...
الخامس : مقام الرفعة ... يعلم أنه رفيع القدر كبير الدرجة عند ربه U ...
السادس : حسن التجاوز فيعفو عمن ظلمه ويتجاوز عمن أساء إليه ...
السابع : خفض جناح الذل » .
ويقول الشيخ أحمد بن عجيبة :
« آداب البسط : كف الجوارح عن الطغيان وخصوصاً جارحة اللسان ، فإن النفس إذا فرحت بطرت وخفت ونشطت فربما تنطق بكلمة لا تلقي لها بالاً فتسقط في مهاوي القطيعة بسبب سوء أدبها ، ولذلك كان البسط مزلة أقدام ...
ولأجل هذا كان العارفون يخافون من البسط أكثر من القبض » .
البسط بين أحوال القلب وأحوال النفس
يقول الدكتور عبد المنعم الحفني :
« البسط متعلق بغلبة أحوال القلب لا أحوال النفس ، فما دامت النفس الأمارة هي الظاهرة فلا قبض ولا بسط ، فإذا كانت النفس الظاهرة هي اللوامة فإن القلب يكون مغلوبا حيناً ، وغالباً حيناً آخر ، وظهور القبض والبسط بحسب غلبة القلب في هذه الأحوال خاصة » .
البسط المعلوم وآدابه
يقول الشيخ أحمد الكمشخانوي النقشبندي :
« من كان وقته البسط فلا يخلو ، أما إليه يعلم له سبب أو لا ، فالأسباب ثلاثة أيضاً :
الأول : زيادة الطاعة ، أو نوال من المطاع كالعلم والمعرفة .
الثاني : زيادة في الدنيا بكسب ، أو كرامة ، أو هبة ، أو صلة .
الثالث : المدح والثناء من الناس وإقباله عليك وطلب الدعاء منك وتقبيل يدك وأنواع تعظيمك ، فإذا ورد عليك شيء من هذه الأسباب فالعبودية تقتضي أن ترى النعمة والمنة عليك من الله في التعاطي والتوفيق فيها وتيسير أسبابها » .
الحذر من البسط المجهول
يقول الشيخ حسين الحصني الشافعي :
« اعلم أن من البسط ما هو مجهول ، والبسط المجهول قلما يخلو من مكر خفي . فإذا وجد العبد من نفسه بسطاً وفرحاً ولا يعرف سبباً فينبغي أن لا يتصرف فيه ، فإنه لا يعرف بما يظهر له في عاقبته فهو في محل خطر » .
أسباب البسط وحق العبودية فيه
يقول الشيخ أبو الحسن الشاذلي :
« من كان في البسط فلا يخلو أما أن يعلم سبباً أو لا يعلمه ، فالأسباب ثلاثة :
السبب الأول : زيادة الطائع ، أو نوال من المطاع كالعلم والمعرفة .
السبب الثاني : زيادة في دنيا : بكسب ، أو كراهة ، أو هبة ، أو صلة .
السبب الثالث : بالمدح والثناء من الناس ، وإقبالهم عليك ، وطلب الدعاء منك ، وتقبيل يدك .
فإذا ورد عليك البسط من أحد هذه الأسباب فالعبودية تقتضي أن ترى النعمة والمنة من الله تعالى عليك في الطاعة والتوفيق فيها وبتيسير أسبابها . واحذر أن ترى شيئاً من ذلك من نفسها أو حظها ، وأن يلازمك الخوف ، خوف السلب مما به أنعم عليك فتكون ممقوتاً، هذا في جانب الطاعة والنوال من الله تعالى .
وأما الزيادة من الدنيا ، فهي نعم أيضاً كالأولى ، وخَفْ مما بطن من آفاتها ...
وأما مدح الناس لك ... فالعبودية تقتضي شكر النعمة بما سرى عليك ، وخف من الله أن يظهر ذرة مما بطن منك فيمقتك أقرب الناس إليك .
وأما البسط الذي لا تعرف له سبباً فحق العبودية ترك السؤال والإدلال » .