يقول الله عز وجل في كتابه العزيز (وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ) ، ويقول في أية أخرى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)
ويقول المصطفى صلى الله عليم وسلم (إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) , وفي حديث أخر " ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه "
يخطئ الكثير من الإباء والأمهات والمربين عندما يرون أن القسوة هي الحل الأمثل لمشاكل الأبناء , وأن الضرب هو الرادع الأكثر فاعلية لإيقاف السلوك الغير مرغوب فيه.
قد يختفي السلوك غير المرغوب فيه لبرهة كنتيجة للعقاب, إنما السلوك حقيقة لم ينتهي لان القناعة لم تتولد لدى هذا الطفل.
أنا اتفق مع البعض من أن الحزم مطلوب , ولكن الحزم الذي أقصده هو الوضوح والثبات على القرار والتلويح بالعقوبة وليس المقصود بالحزم الضرب او العقاب الجسدي , علما بأننا سنتطرق لهذا الأمر في حلقة أخرى بمشيئة الله تحت عنوان "التربية بالعقاب".
وللقضاء على السلوك السيئ هناك ما يعرف بأسلوب العلاج بالرفق والتربية بالتعزيز والدعم الوجداني لان ذلك يؤدي إلى تكوين رابطة وجدانية , يتعلم من خلالها الطفل أن الأبوين أو المربين لم يقصدوا إيذائي أو اهانتي بل أرادوا مصلحتي والدليل على ذلك هذه الرحمة في التعامل والتربية الذي ينتهجوه معي.
ومتى ما تم استخدام هذا الأسلوب الراقي في التعامل فسنحصل بالتالي على ما نصبو إليه وهو إيقاف السلوك الغير مرغوب فيه بدون عنف , وأصبحت العلاقة أكثر قربا مابين الطفل المشاكس ووالديه , ورفعنا من تقدير الطفل لذاته ، كي يكون هو رقيبا على ذاته ؛ قبل حدوث السلوك ، وبالتالي تحاشي وقوع التصادم معه مجددا.
أساليب التربية بالموعظة والكلمة الطيبة
هناك العديد من أساليب التربية بالموعظة والكلمة الطيبة لعل منها:
1) الكلمة الطيبة
الكلمة الطبية هي مفتاح القلوب , وما كانت هذه الكلمة في منزل إلا ساده الحب والوئام , والكلمة الطيبة يتأثر بها الطفل إذا قيلت له مباشرة أو سمعها في محيطة الأسري كأن يتبادلها الوالدين فيما بينهم كنوع من التربية بالتقليد , لان سعادة الوالدين ستنعكس إيجابا على نفسية الطفل.
أن سبب تعاسة كثير من الأسر في هذا الزمان هو الجفاف العاطفي مابين الزوجين أنفسهم ثم مع أطفالهم , و إذا انعدم العطف و الحنان داخل منازلنا اثر ذلك بلا شك على السلوك بشكل عام وعلى مؤسساتنا الاجتماعية بأسرها.
2) تقبيل الطفل وحضنه ومداعبته.
إن الارتماء في حضن الوالدين يعني أشياء كثيرة , يعني انتقال الحب والدف والحنان الى هذا الطفل , ولذا حاول عزيزي الاب إن يكون وقت الحضن لا يقل عن نصف دقيقة , فكلما زاد وقت الحضن كلما حصل الطفل على اكبر قدر من الحب والحنان.
فقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يقبل ويداعب أحفاده الحسن والحسين , حيث روي عن جابر رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يمشي على أربع (إي على يديه ورجليه) وعلى ظهره الحسن والحسين وهو يقول: ((نعم الجمل جملكما ونعم العدلان أنتما)). , بل إن مداعبته صلى الله للأطفال لم تقتصر على حفيديه بل تعدت ذلك إلى أطفال المسلمين , وكلنا يعرف مداعبته للطفل الذي كان له عصفور يسمى "النغير" فمات هذا العصفور فحزن عليه الطفل , فمازحه المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث قال: ((يا أبا عمير ما فعل النغير)).
وكان صلى الله عليه وسلم يشمّ الحسن والحسين ويضمّهما اليه ويقول: ((هما ريحانتاي من الدنيا ، من أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني)).
بل آن المصطفى صلى الله عليه وسلم إذا رأى طفلا بطرقات المدينة أسرع إليه وداعبه.
فإذا كان هذا هو المصطفى صلى الله عليه وسلم رسول البشرية وقائد الأمة وهو يتعامل مع الأطفال بهذا الأسلوب التربوي الراقي فلم لا يكون لنا في رسول الله قدوة حسنة..
3) إظهار الاهتمام به
كلما كان الطفل محل الاهتمام كلما أحس بأهميته ومكانته , وكثير من السلوكيات المزعجة التي يقوم بها الطفل كتخريب الأثاث و التكسير وضرب الإخوة والعناد والصراخ هي من اجل لفت انتباه الأبوين , ولكي تقضي على تلك السلبيات عليك أيها الاب إذا دخلت المنزل أن ترفع صوتك سائلا عنه ,مبديا اشتياقك إليه وإذا شاهدت امرأ غريبا أو شيئا يحبه بالتلفاز أو بالصحيفة أن تناديه وتناقشه , وتأخذه معك بالسيارة وتتحدث معه , وتحاوره على قدر سنه , وتستمع إليه ولا تقاطعه. ولا تسخر من رأيه وصحح له من غير تجريح.
4) شراء الهدايا والوفاء بالوعد
إذا كانت الهدية تغسل الضغائن , وتزيد من التواد بين الكبار فهي ذات قيمه عظيمه عند الاطفال , ولذا على الوالدين والمربين شراء الهدايا للاطفال في المناسبات والأعياد , أو عند التفوق الدراسي , أو إذا تخلص من سلوك غير مرغوب فيه , ويجب ان نشدد بضرورة الوفاء بالوعد لأهمية ذلك لدى الاطفال.
5) تشجيعه أمام الآخرين وبالذات الأقران
من أحب الأشياء وأجملها لدى الطفل مدحه أمام الآخرين! وإذا أردت عزيزي المستمع أن تكسب الطفل وتنمي فيه أي مهارة فامدحه أمام الآخرين , بل احرص أن يكون الطفل مستمعا لما تقول.
6) مناداته بأحب الأسماء إليه
يفضل الطفل أن تناديه بأحب الأسماء إليه , فإذا كان اسمه احمد فقل له يا بو حميد وهكذا , فقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم ينادي السيدة عائشة وهي صغيرة لم تتعدى الثانية عشرة "ياعائش".
اذا فالتربية المصحوبة بالرفق تحقق دائما نجاحا في تعديل سلوك الطفل لأنها تعطي رسائل للأطفال مفادها ((انك مهم لدي ومن اجل ذلك طلبت منك تعديل السلوك)) .
وأما التوبيخ والعنف فلن يأتي إلا بمزيد من العنف داخل المنزل وخارجه فحذاري من استخدامه , علما بأنه سيكون عنوان حلقتنا للأسبوع القادم بحول الله وقوته
*استشاري نفسي ورئيس قسم صحة المجتمع بكلية الطب