[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



حقيقة الصبر وأنواعه
الحمد لله رب العالمين و اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له من يهدي الله فلا مضل له ومن يضل فلا هادي له ، واشهد آن محمداً عبده ورسوله وعلي اّله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين .
أما بعد… أخي القاريء
الصبر كلمة تفتح لك أبواب الجنان أن أدركت حقيقتها واليك حقيقة الصبر وأنواعه لتكون علي بينة والله المستعان
** حقيقة الصبر ومعناه في الكتاب والسنة وأقوال العلماء
حقيقة الصبر هو حبس النفس عن الجزع واللسان عن الشكوى والجوارح عن المعاصي والذنوب بمعنى أن يتلقى العبد البلاء بصدر رحب دون شكوى أو سخط
* وقال العلماء هو الإيمان الكامل واليقين الذي ليس بعده شك بأن ما أصابك ما كان ليخطئك وما أخطائك ما كان ليصيبك وانما كل شيء بقضاء وقدر
وأهل الصبر هم أهل اليمين قال تعالي(ُثمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ {17} ) البلد17
* وأهل الصبر هم أهل الصلاة والقادرين عليها (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِين{45} ) البقرة 45
* وأهل الصبر هم الفائزون في كل مكان وزمان (وَالْعَصْرِ {1} إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ {2} إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ {3}) العصر 1-3
وأهل الصبر هم أهل الخير والشكر لقوله صلي الله عليه وسلم فيما رواه عنهْ عُمَرَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَجِبْتُ لِلْمُؤْمِنِ إِذَا أَصَابَهُ خَيْرٌ حَمِدَ اللَّهَ وَشَكَرَ وَإِنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ حَمِدَ اللَّهَ وَصَبَرَ فَالْمُؤْمِنُ يُؤْجَرُ فِي كُلِّ أَمْرِهِ حَتَّى يُؤْجَرَ فِي اللُّقْمَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِهِ) رواه أحمد وهو صحيح
-ويقول سيدنا علي أن الصبر من الأيمان بمنزله الرأس من الجسد وإذا قطع الرأس فسد الجسد كذلك اذا زال الصبر فسدت الأمور
** أنواع الصبر:
صبر واجب -صبر مندوب - صبر محذور - صبر مكروه - صبر مباح؛ واليك أحي القاريء المزيد من البيان والتوضيح لكل نوع من أنواع الصبر مع ضرب أمثلة من واقع الحياة لنكون علي بينة والله المستعان
أ-الصبر الواجب..
مثال ذلك المدخن الذي يشرب الدخان لا يستحي أن يراه الله علي معصيته تلك ؛ وتراه عند التوبة يقلع ويعود ويتحجج بضعفه وعدم صبره ثم هو يدعي إنه يحب الله ويخافه ! !
نعم ..من السهل أن نحب الله فهو خالقنا ورازقنا ولا غني لنا عن رحمته وفضله ونخافه لقوته وبطشه وعذابه في الدنيا والآخرة,ولكن من الصعب أن يعرف العبد هل الله يحبه أم لا وهو يسأل نفسه دوماً ما هو مقامي عند الله ؛هل هو راضي عنى أم لا ؟ !
وهذا سؤال من الصعب الإجابة عليه ولكن روي عن بعض السلف إنه قال:إن أردت أن تعرف مقامك عند الله انظر إلي مقام الله عندك تعرف مقامك عند الله-ولله دره فهذا كلام لا يصدر إلا عن قلب يبصر بنور من الله ولسان لا يفتر عن ذكره, ويدل علي ذلك هذا الحديث:
- عن أَبُو هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحْبِبْهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ ) رواه البخاري
ومن أمثلة الصبر الواجب أيضا :
-الصبر علي الوفاء بالوعد لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ )رواه البخاري
- الصبر علي النياحة وتجديد الأحزان على الميت؛وينبعي الصبر عند الصدمة الأولى فهذا صبر واجب شرعاً ودليل ذلك حديث ْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ فَقَالَ اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي قَالَتْ إِلَيْكَ عَنِّي فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي وَلَمْ تَعْرِفْهُ فَقِيلَ لَهَا إِنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَتْ بَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ فَقَالَتْ لَمْ أَعْرِفْكَ فَقَالَ إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى) رواه البخاري.
ولحديث عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ أَوْ شَقَّ الْجُيُوبَ أَوْ دَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ )رواه مسلم
والأمثلة كثيرة ونكتفي بما ذكرنا ليدرك مفهوم كلامنا وأسأل الله أن يوفقنا للخير ويصبرنا علي الحلال إنه ولي ذلك والقادر عليه
ب- الصبر المندوب وله ثلاث صور:
-صبر على المكروهات
-صبر على المستحبات
-صبر على المعاصي بمثلها
وهاهي أمثلة توضيحية والله المستعان
- الصورة الأولي :الصبر على المكروهات .. والمقصود بها الأشياء الثقيلة على القلوب
وفي الحديث (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُفَّتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ ) رواه مسلم
- ومن أمثلة هذا النوع من الصبر؛الصبر على الكلام دون ضرورة ؛والصبر علي أكرام الضيف حتي مع ضيق ذات اليد لأن الكرم صفة من صفات المتقين و لحديث (أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ ) رواه البخاري
- الصورة الثانية الصبر علي المستحبات:مثال ذلك ذكر الله تعالي
لقوله تعالي(الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) )–الرعد
قال السعدي- رحمه الله- في تقسير الآية[ ص 418 ] " ثم ذكر تعالى علامة المؤمنين فقال: { الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ } أي: يزول قلقها واضطرابها، وتحضرها أفراحها ولذاتها.
{ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } أي: حقيق بها وحريٌّ أن لا تطمئن لشيء سوى ذكره، فإنه لا شيء ألذ للقلوب ولا أشهى ولا أحلى من محبة خالقها، والأنس به ومعرفته، وعلى قدر معرفتها بالله ومحبتها له، يكون ذكرها له، هذا على القول بأن ذكر الله، ذكر العبد لربه، من تسبيح وتهليل وتكبير وغير ذلك".اهـ
-لحديث أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لَا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ- البخاري5928
والأحاديث في الذكر وفضله كثيرة ونكتفي بما ذكرنا والله المستعان
- الصورة الثالثة: الصبر على المعاصي بمثلها .. وينبعي للمسلم أن يكون كريماً ومسامحاً ؛ لا يرد السيئة بالسيئة وإنما يصفح ويعفو وله في رسول الله أسوة حسنة فعن َنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً قَالَ أَنَسٌ فَنَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ ) رواه البخاري
ج- الصبر المحذور:
- مثال ذلك الصبر على الجهاد يخالف قوله تعالى : (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {69) العنكبوت 69
- الصبر والإضراب عن الطعام لقوله تعالى (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {29} وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا {30}) النساء 29
- وقول النبي صلي الله عليه وسلم (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ شَرِبَ سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا)رواه مسلم
د-الصبر المكروه :
مثل رؤية مظلوم وعدم نصره لحديث (أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا قَالَ تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ) رواه البخاري .. و حديث (قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ بِعِقَابٍ مِنْهُ)رواه الترمذي
هـ-الصبر المباح
مثل صيام الاثنين والخميس أنت أمير نفسك لحديث"عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم الاثنين والخميس ."-صحيح سنن النسائي للألباني ح/ 2364
** مشتقات الصبرومعانيها:
الصبر له معاني عدة مشتقه منه فهو الصبر والتصبر والاصطبار والمصابرة
واليك تعريف هذه المعاني.
-الصبر : هو حبس النفس عن الشهوات كما ذكرنا سلفاً
-التصبر: هو مجاهدة النفس بالتمرين والاحتمال فهو صابر عليه حتى ينتهي كالصيام إلى المغرب وذكر الله تعالى
-الاصطبار :هو طبع وجبلة في شخصية المسلم لا يجزع ولا يفزع كغيره من ضعاف الإيمان والقلوب الرقيقة بل له قدرة غلي ضبط النفس والثبات علي الحق دوماً
-المصابرة : هي منافسة الخصم في ميدان الصبر والمصابر من ثبت علي صبره أكثر من غيره.
*الأسباب التي تعين على الصبر:
1- معرفة أصل الداء لمعرفة الدواء مثال ذلك : الكبر علاجه التواضع والبخل الكرم وهكذا -والمسلم في الداء والدواء علي ثلاث أحوال - أما يصدق ويمل أو يري أن هناك طبيب أعلم ممن أتاه أو يعالج نفسه بالهوى فيضرها ويزداد الداء
2- تعويض النفس بالحلال المباح المعوض عن الحرام مثل الزنا علاجه الزواج والربا علاجه البيع والتجارة وهكذا
3-أن يتفكر الإنسان بعقوبة المعصية بترك الصبر والرضا به.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي النبي الكريم صلي الله عليه وسلم وآله وصحبه أجمعين
[/size]