النقشبندى إدارة المنتدى
العمر : 47
| موضوع: سلطان العارفين الجمعة أغسطس 19, 2011 3:45 am | |
| سلطان العارفين سيدي ........ يسأله رجل : دلني على عمل أتقرب به إلى الله ؟ (أحب أولياء الله تعالى ليحبوك فإن الله تعالى ينظر إلى قلوب أوليائه فلعله أن ينظر إلى اسمك في قلب وليه فيغفر لك). (غلطت في ابتدائي في أربعة أشياء: توهمت أني أذكره وأعرفه وأحبه وأطلبه. فلما انتهيت، رأيت ذكرَه سبق ذكري ومعرفته تقدمت معرفتي ومحبته أقدم من محبتي وطلبه لي أولاً حتى طلبتُه). وقال :(أريد أن لا أريد إلا ما يريد). وقال رضي الله عنه عن نفسه ( إن له خواص من عباده لو حجبهم في الجنة عن رؤيته لاستغاثوا بالخروج من الجنة كما يستغيث أهل النار بالخروج من النار ) وهذا رجل يسأله عن الاسم الأعظم فيجيبه , ليس له حد محدود وإنما هو فراغ قلبك لوحدانيته , فإذا كنت كذلك فارجع إلى أي اسم شئت فأنك تصير به من المشرق إلى المغرب . ويسأله رجل : بم نالوا المعرفة ؟ فيجيبه : ( إنما نالوا ما نالوا بتضييع ما لهم والوقوف مع ما له تعالى ) . فها هو يصلي مرة خلف أمام فلما فرغ من صلاته سأله الإمام : من أين تأكل ؟ قال : اصبر حتى أعيد صلاتي فأنك شككت في رزق المخلوق ولا تجوز الصلاة خلف من لا يعرف الرزاق !! قيل له يوما حدثنا عن رياضة نفسك في بدايتك , فقال رضي الله عنه دعوتها إلى الله فنكلت علي فعزمت عليها أن لا اشرب الماء ولا أذوق النوم سنة فأذعنت ولقد روى عنه أنه كان يقول : ( عملت في المجاهدة ثلاثين سنة فما وجدت شيئا أشد علي من العلم ومتابعته ولولا اختلاف العلماء لتعبت واختلاف العلماء رحمة إلا في تجريد التوحيد)
وفي أدبه مع ربه تتحير الألباب , لقد قال : ( لم أزل ثلاثين سنة كلما أردت أن أذكر الله أتمضمض واغسل لساني قبل أن أذكره )
وكان رضي الله عنه يقول : قعدت ليلة في محرابي فمددت رجلي فهتف بي هاتف : من يجالس الملوك ينبغي أن يجالسهم بحسن الأدب
وكان رضي الله عنه يقول ( لو نظرتم إلى رجل أعطى من الكرامات حتى يرفع في الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الحدود وأداء الشريعة) لقد سمع رجلا يكبر فقال له : ما معنى الله أكبر ؟ قال : الله أكبر من كل ما سواه فقال أبو يزيد : ليس معه شيء فيكون أكبر منه قال : فما معناه ؟ قال معناه أكبر من إن يقاس أو يدخل تحت القياس أو تدركه الحواس تعالوا أحبابنا نستأذن سيدي سلطان العارفين بأن نلتمس من نفحاته الربانية ونتعرف علي سيرته العطرة ونبدأ بما علمنا الله تعالي وسيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم فنقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سيدي سلطان العارفين أبو يزيد البسطامي رضي الله عنه نحن وفد من أمة سيدنا محمد صلي الله عليه وعلي آله وزواجه وأصحابه وسلم يعرف حق وقدر أولياء الله تعالي جئنا لساحتكم ونزلنا برحابكم ومن نزل برحاب الكرام لا يضام لنستزيد حبا ونهيم عشقاً في الله تعالي أخواني وأحبي نحن الآن في ساحة ورحاب وضيافة سلطان العارفين سيدي أبو يزيد البسطامي رضي الله عنه فيجب علينا ونحن في رحابه أن نقدم التحية العطرة والسلام الزكي لسيدنا ومولانا إمام النبيين وخاتم المرسلين سيد الأولين والآخرين سيدنا محمد صلي الله عليه وعلي آله وزواجه وأصحابه وسلم فالصلاة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا سيدي يا رسول الله وعلي أزواجك أمهات المؤمنين الطاهرات العابدات الساجدات وعلي أل بيتك الأطهار وأصحابك الأبرار وسائر الأولياء والصالحين لله تعالي في خلقه رجال اختصهم بمزيد عنايته , وجبل قلوبهم على محبته , فهم أولياؤه وأصفيائه وهم ضنائنه بين عباده , فأرواحهم تقتات بذكره ومشاعرهم تهفوا إلى مناجاته , أولئك الذين سبقت لهم منا الحسنى قال لا خوف عليهم ولا هم يحزنون من هؤلاء الأولياء العارفين والخواص الواصلين الغوث الأكبر والقطب الأشهر والكبريت الأحمر سيدي أبو يزيد البسطامي رضي الله تعالي عنه قمة علياء من قمم التصوف الإسلامي وذروة شامخة من ذرى المعرفة والتحقيق الرباني . رجل استغرق حب الله كل ذرة في كيانه فهام في حب الله عابدا زاهدا متشرعا متحققا سابحا في النور الإلهي . لقد وزن الدنيا بالميزان الإلهي فلم تعدل عنده جناح بعوضة فتركها لأهلها ومضى إلى الله فأمضى حياته على بساط العبودية مع الراكعين الساجدين ولطلاب الحقيقة كان منهلا للواردين . لقد تناول شخصية العارف أبي يزيد كثير من مؤرخي الصوفية وأصحاب الطبقات حيث كان لكل منهم جانب يتناول منه بعض ما ألمت به هذه الشخصية الفذة من عناصر النبوغ الإنساني . فتعالوا بنا نغوص في كتاب بحار الولاية المحمدية في مناقب أعلام الصوفية للاستاذ الدكتور جودة محمد ابو اليزيد المهدي .ص290-ص300. ففي ترجمته الشخصية قال عنه ابن خلكان :- هو طيغور بن عيسى بن آدم بن عيسى بن علي البسطامي الزاهد المشهور كان جده مجوسيا فأسلم وكان له أخوان زاهدان عابدان : آدم وعلى كان أبو يزيد أجلهم أ.هـ
وقال الحافظ الذهبي في ترجمته ( سلطان العارفين أبو يزيد طيفور بن عيسى بن شروسان البسطامي أحد الزهاد أخو الزاهدين آدم وعلي ) . ولد العارف أبو يزيد رضي الله تعالي عنه سنة مائة وثمان وثمانين ببسطام في بلاد خراسان في محلة يقال لها محلة موبدان – باسم أجداده– وتوفي سنة إحدى وستين ومائتين عن ثلاث وسبعين سنة . ولم يثبت محل دفنه على وجه التحديد بل اشتهرت له أضرحة كثيرة في أماكن متفرقة , منها ضريحه ببسطام وضريحه بالزمونية مركز كفر شكر قليوبية وضريحه بمنيل الروضة بالقاهرة وضريحه بسديمة مركز كفر الزيات . وقد ذكر مؤلف ( النور من كلمات أبي طيفور ) – نقلا عن المشايخ - : أن عيسى – والد سيدي أبي يزيد رحمه الله لما تزوج بأمه , وزفها , لم يباشرها ويلامسها أربعين ليلة حتى علم أن لم يبق في جوفها أثر ما أكلته من قبل , وتناولته فيما غبر من الأيام التي كانت في بيت والدها ثم لما باشرها ظهر من أولاده مثل أبي يزيد رضي الله تعالي عنهم وقد تلقى العارف أبو يزيد طريقته الصوفية من عدة سلاسل ترتقي إلى آل بيت النبي صلي الله عليه وسلم والى صحابته الأكرمين رضوان الله عليهم أجمعين فأحد هذه الروافد عن الإمام علي الرضا بن سيدي موسى الكاظم عن أبيه وجده حتى البيت العلوي . وقد أخبر الشيخ علي إبراهيم مصطفى خادم مقام سيدي داود بن ماخلا أن سيدي عليا الرضا هو الذي لقب سيدي أبا يزيد بطيفور ومعناه الطائر الذي لا يعلوه طائر أما اسمه فأحمد كما وجد محفورا على ضريحه بمنيل الروضة . وهناك سند آخر يبتدئ به عن طريقه محمد بن فارس عن حاتم الأصم عن شقيق البلخي عن إبراهيم بن ادهم عن مالك بن دينار عن أبي مسلم الخولاني عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله وعنهم أجمعين . والمشهور لدى أهل الطريق أن سيدي أبا يزيد أويسي التربية ( نسبة إلى سيدنا أويس القرني سيد التابعين ) الذي ربته روحانية سيدنا المصطفى صلي الله عليه وسلم بالخصوص وبشر به أصحابه . ونعته لهم وأمر سيدنا عمر أن يسأله الاستغفار إذا اجتمع به ( كما روى مسلم في صحيحه ) . ونسبة أي سيدي يزيد رضي الله تعالي عنه إلى الاويسية مرده أنه ربته روحانية سيدنا جعفر الصادق إذ لم يلتق به , فقد توفى قبل ولادته بنحو أربعين سنة . وهذه التربية الروحية وقف على أهل الطريق الصوفي – طرق الخواص- ولا يطالب بالإذعان إلا من كان من أهلها : أنهم الصفوة المختارة . وها نحن مع علم من أعلامهم ونتأمل – ما وسعنا التأمل – منهجه وطريقته وأسلوبه ومكانته وأثره الذي أثمرته شخصيته . فلنتعرف على مكان سيدي أبي يزيد على ضوء ما كتب عنه علماء الصوفية : - لقد ذكره الإمام أبو عبد الرحمن السلمي صاحب طبقات الصوفية ضمن الطبقة الأولى مع أئمة التصوف من أمثال الحارث المحاسبي وذي النون المصري وأبي سليمان الدارني , رضوان الله عليهم أجمعين . وترجم له المناوي فيقول : هو رضي الله تعالي عنه أمام أئمة العارفين وشيخ مشايخ الصوفية المحققين , وناهيك بقول الخوافي ( هو سلطان العارفين ) . وحسبنا في التعرف على مقام أبي يزيد أن ترجمان الصوفية الأكبر سيدي محيي الدين بن عربي كان يسميه أبا يزيد الأكبر وذكر في كتبه أنه كان القطب الغوث في زمانه حيث قال رضي الله تعالي عنه ( من الأقطاب من يكون ظاهر الحكم ويجوز الخلافة الباطنة من جهة المقام : كابي بكر وعمر وعثمان وعلي وأبن عبد العزيزي , ومنهم من له الخلافة الباطنة خاصة ولا يكون له حكم في الظاهر كأبي زيد .) وقال العارف الهجويري في كشف المحجوب في ترجمة سيدي أبي يزيد رضي الله تعالي عنه: كان من جلة المشايخ وأكبرهم مالا وأعظمهم شأنا إلى حد أن قال الجنيد رحمه الله : ( أبو يزيد بمنزلة جبريل من الملائكة ) . وهي مرتبة لا تكون في العصر إلا لواحد هو نادرة ذلك العصر في معرفته وتحققه . ولقد كان كذلك سيدي أبو يزيد فهو العالم اللدني الذي يأخذ علمه عن الله تعالى إلهاما بغير واسطة , أجل انه القائل : ( ليس العالم من يحفظ من كتاب فإذا نسى ما حفظ صار جاهلا بل من يأخذ العلم من ربه أي وقت شاء ولا درس وهذا هو العالم الرباني ) . والعلم الرباني هو ثمرة إدمان الطاعة والمجاهدة , وهو المشار إليه بقوله تعالى : ( وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ) . فأهل الله يعلمهم الله , وعلمهم عن الله لا يداخله لبس ولا يعتريه خطأ بخلاف العلم الكسبي الذي يعتريه الجدل والخلاف : لان للعقل مدخلا إليه والعقول متفاوتة , أما العلم فهو نور محض وهو بمنأى عن اللبس والخلاف وان سيدي أبا يزيد رضي الله تعالي عنه يقول ( أخذتم علمكم ميتا وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت ) . ونمضي مع الأيام سيدي أبي يزيد رضي الله تعالي عنه في أحواله ومقاماته ومراقبته لله تعالى إنه يقول : قعدت ليلة في محرابي فمددت رجلي فهتف بي هاتف : من يجالس الملوك ينبغي ان يجالسهم بحسن الأدب . انه الأدب الرباني أدب العبيد مع سيدهم في حركاتهم وسكناتهم ومن البداهة أن هذا الصنف من الناس لا يشغله عن شأنه في العبادة والمراقبة شهوة ولا حظ دنيوي . إن سيدي أبا يزيد رضي الله تعالي عنه يقول ( لا يعرف نفسه من صحب شهوته ) ومعلوم أن من لا يعرف نفسه لا يعرف ربه , فالحظوظ الحسية والمآرب النفسية كلها قواطع عن الطريق الرباني . إن الصوفي لا بد أن يكو محررا من كل أسترقاق نفسي أو غريزي لان رقه متمحض لله تعالى فلا سلطان عليه لغير سيده , وهنا تكون حلاوة العبودية . ولقد كان دأب العارف أي يزيد هو الحفاظ المنقطع النظير عن آداب الشريعة ولا يبيح التحلل من هذه الآداب مهما كانت الدوافع والأسباب بخلاف ما شاع – افتراء وزورا- عن طوائف الصوفية إنه يقول ( لو نظرتم إلى رجل أعطى من الكرامات حتى يرفع في الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الحدود وأداء الشريعة) . ولقد روى عنه أنه كان يقول : ( عملت في المجاهدة ثلاثين سنة فما وجدت شيئا أشد علي من العلم ومتابعته ولولا اختلاف العلماء لتعبت واختلاف العلماء رحمة إلا في تجريد التوحيد) . وفي أدب أبي يزيد رضي الله عنه مع ربه تتحير الألباب , لقد قال : ( لم أزل ثلاثين سنة كلما أردت أن أذكر الله أتمضمض واغسل لساني قبل أن أذكره ) . لقد عكف أبو يزيد على تطهير نفسه وإزهاق رعونتها ثم ظل يترقى في معاريج الصفاء حتى وصل إلى مقام الفناء , ففناء النفس في الله هو شرط دخول الحضرة الإلهية : لان حضرة القدوس لا يدلها أرباب النفوس . ولقد قيل يوما لسيدي أبي زيد رضي الله عنه حدثنا عن رياضة نفسك في بدايتك , فقال : دعوتها إلى الله فنكلت علي فعزمت عليها أن لا اشرب الماء ولا أذوق النوم سنة فأذعنت . وها هو مثل يصور درجة الفناء عند سيدي أبي يزيد رضي الله عنه: لقد سار رجل من أصحاب سيدي ذي النون المصري خلف أبي يزيد فقال له : من تطلب ؟ قال : أبا يزيد فقال :يا بني أبو يزيد يطلب أبا يزيد من أربعين سنة ! رجع الرجل إلى ذي النون وأخبره بما حدث فغشي عليه , فلما أفاق قال : إن أخي أبا يزيد فقد نفسه في حب الله فصار يطلبها مع الطالبين . وفي مقام التوكل صعد أبو يزيد رضي الله عنه إلى القمة . فها هو يصلي مرة خلف أمام فلما فرغ من صلاته سأله الإمام : يا أبا يزيد من أين تأكل ؟ قال : اصبر حتى أعيد صلاتي فانك شككت في رزق المخلوق ولا تجوز الصلاة خلف من لا يعرف الرزاق ! إنها قمة التوكل التي لا يرقي إليها إلا مثل أبي يزيد ولا يطالب بها إلا مثله أيضا , وسقوط المطالبة يجب أن تسقط المعرضة . ويسأله رجل : دلني على عمل أتقرب به إلى الله ؟ قال ( أحبب أولياءه ليحبوك فأنه ينظر في قلوبهم إلى اسمك في قلب وليه فيغفر لك ) هل رأيت طريقا أقرب إلى المغفرة والوصال من ذلك ؟ إن حب الأولياء بجانب هذا فريضة على كل مسلم لأنهم أحباب الله , وناهيك بمحبة آل بيت النبي صلي الله عليه وسلم ففيها يقول أحد العارفين : أرى حب آل البيت عندي فريضة = على رغم أهل البعد ترثني القربا فما أختار خير الخلق منا جزاءه = على هديه إلا المودة في القربى فلله در سيدي أبي زيد , لقد وقف على خزائن الحكمة ينفق منها للطالبين . وهذا رجل يسأله عن الاسم الأعظم فيجيبه , ليس له حد محدود وإنما هو فراغ قلبك لوحدانيته , فإذا كنت كذلك فارجع إلى أي اسم شئت فأنك تصير به من المشرق إلى المغرب . ويسأله رجل : بم نالوا المعرفة ؟ فيجيبه : ( إنما نالوا ما نالوا بتضييع ما لهم والوقوف مع ما له تعالى ) . نعم لقد ضيعوا حظوظ أنفسهم من ملذات هذه الحياة العاجلة وشهدوا ما لله عليهم من واجبات العبودية فأنالهم قربه وأودعهم مكنون الأسرار وحجبهم عن الأغيار وجعلهم من عباده الإبرار . ألا لمثل هذا فليعمل العاملون . أن سيدي أبا يزيد رضي الله عنه داعية من دعاة الحضرة الإلهية فهو يسوق القلوب إلى الله ويفقهها عن الله . لقد سمع رجلا يكبر فقال له : ما معنى الله أكبر ؟ قال : الله أكبر من كل ما سواه فقال أبو يزيد : ليس معه شيء فيكون أكبر منه قال : فما معناه ؟ قال معناه أكبر من إن يقاس أو يدخل تحت القياس أو تدركه الحواس . أن سيدي أبا يزيد الأكبر رضي لله عنه كان مرادا لله تعالى منذ الأزل , وقد سلك الطريق إليه وهو مراد وهو يظن ابتداء انه مريد : يقول رضي لله عنه ( طلبت الله ثلاثين سنة فإذا أنا ظننت أني أردته فإذا هو أرادني ) . ولأنه مراد الحق تعالى فقد كان منذ صباه يعبد الله عبادة العارفين مكتسبا بحلي الأنوار فلقد روى أن جلا من أهل الحديث قال لسيدي أبا يزيد رضي لله عنه وهو صبي – يا غلام : تحسن أن تصلي ؟ قال :نعم إن شاء الله فقال له : كيف تصلي ؟ قال : أكبر بالتلبية , واقر بالترتيل , وأركع بالتعظيم , وأسجد بالتواضع وأسلم بالتودع . فقال : يا غلام , إذا كان لك هذا الفهم والفضل والمعرفة , فلم تدع الناس يتمسحون بك ؟ قال سيدي أبو يزيد رضي لله عنه: ليس بي يتمسحون , لكن يتمسحون بحلية حلانيها ربي , فكيف أمنعهم من ذلك ؟ وذلك لغيري ؟ وبهذا المنطق النوراني الذي أدلى به سيدي أبو يزيد البسطامي رضي لله عنه يرد على منكري التبرك والتمسح بالأولياء , انه ليس عبادة لغير الله ولكنه يتبرك بأنوار الله التي يخلعها على وليه , وهكذا تعرفنا على صلاة العارف أبي يزيد رضي لله عنه منذ نعومة أظافره , قمة الخشوع والتعظيم لله , وكذلك نده في عبادة الحج , يحج حج العارفين بالله فيقول ( صرت مرة إلى مكة فرأيت البيت – أي الكعبة مفردا فقلت : حجي غير مقبول , لأني رأيت أحجارا كثيرة من هذا الجنس , وذهبت مرة أخرى فرأيت البيت ورب البيت , فقلت : لا حقيقة للتوحيد بعد وذهبت مرة ثالثة فرأيت الكل رب البيت ولا بيت !! فنوديت في سري : أن يا أبا يزيد : إذا لم تر نفسك ورأيت العالم له لما كنت مشركا , وإذا لم تر العالم كله ورأيت نفسك كنت مشركا , وعندئذ تبت , وتبت أيضا عن رؤية وجودي ) !! ويحدثنا الإمام أبو يزيد رضي الله عنه ,عن بعض مقاماته وتحققاته الربانية فيقول ( لم أزل أجول في ميدان التوحيد , حتى خرجت إلى دار التفريد , ثم لم أزل أجول في دار التفريد حتى خرجت إلى الديميومية , فشربت بكأسه شربة لا أظمأ من ذكرها بعدها أبدا )
لقد أرتقى سيدي أبو يزيد رضي الله عنه إلى ذروة المعرفة والمحبة حيث لا منتهى لها ولا حدود , إذ يقول الإمام أبو نعيم في الحلية : كتب يحيى بن معاذ إلى أبي يزيد : سكرت من كثرة ما شربت من كأس محبته فكتب أبو يزيد في جوابه : سكرت وما شربت من الدرر وغيرك شرب يحور السموات والأرض وما روى بعد , ولسانه مطروح وهو يقول : هل من مزيد ؟ وأنشد يقول : عجبت لمن يقول ذكرت ربي = وهل أنسى فأذكر من نسيت ؟ شربت الحب كأسا بعد كأس = فما نفد الشراب ولا رويت !!!
ويقص علينا سيدي يحيى بن معاذ رضي الله عنه بعض مشاهدات سيدي أبي يزيد رضي الله عنه فيقول : رأيته في بعض مشاهداته كالفريق , ضاربا بذقنه على صدره , شاخصا يمينه من العشاء إلى الفجر , ثم سجد عند السحر , فأطال سجوده , ثم قعد . فقال :- اللهم إن قوما طلبوا منك فأعطيتهم طي الأرض , والمشي على الماء , وركوب الهواء , وانقلاب الأعيان , وأني أعوذ بك منها !!! . ثم التفت فرآني , فقلت : يا سيدي , حدثني بشيء . قال : أحدثك بما يصلح لك :- أدخلني الحق في الفلك الأسفل , فدورني في الملكوت الأسفل , فأرانيه , ثم أدخلني في الفلك العلوي ,وطوف بي السموات , فأراني ما فيها من الجنان إلى العرض ,ثم أوقفني بين يديه , فقال : سلني أي شيء رأيته حتى أهبه لك !! قلت ما رأيت شيئا حسنا فأسألك إياه فقال : أنت عبدي حقا تعبدني لأجلي صدقا , لأفعلن بك ... وأفعلن .... وذكر أشياء . قال أبن معاذ : فهالني ذلك , وقلت : لم لم تسأله المعرفة ؟؟؟ - أي معرفة منه الذات – قال : غرت عليه مني , لا أحب أن يعرفه سواه !!! أرايت هذا المرتقى السامي في المعرفة والأدب مع الله تبارك وتعالى ؟؟؟ ومما هو متصل بالتحقق العرفاني اليزيدي أيضا ما رواه صاحب النور في كلمات أبي طيفور قائلا ( يحكى عن لأبي يزيد أنه قال : غصت في بحار المعارف حتى بلغت بحر محمد صلي الله عليه وسلم, فرأيت بيني وبينه ألف مقام لو أفتريت من واحد منها لأحترقت ) . ولقد وقف الإمام أبو يزيد رضي الله عنه على مقامات الأولياء جميعا وحددها تحديد العارف المتحقق فقال عليه رضوان الله تعالى : - " المقام مائة وأربعة وعشرون ألفا – يعني في طريق الله تعالى – في كل مقام نـور لا يشبه بعضه بعضا فمن أدعى بمقام من تلك المقامات : أسأله عن صفة نور ذلك المقام – يعني حتى يتبين صديق دعواه في مبناه هذا – وأني قد حددت لك حدا , وعددت لك عدا , فأجدد في ذلك جهدا وجدا . وهكذا يكشف لنا سلطان العارفين سيدي أبو يزيد رضي الله عنه مقامات الأولياء التي هي بعدد جميع الأنبياء , مع تميز كل مقام منها بنوره الخاص به الذي يكاشف به كبار الأولياء كسيدي أبي يزيد رضي الله عنه إنه العارف الكبير الذي لا يرضى بحبه بديلا حتى لو كانت الجنان بأسرها , فهو القائل مخبرا عن نفسه : ( إن له خواص من عباده لو حجبهم في الجنة عن رؤيته لاستغاثوا بالخروج من الجنة كما يستغيث أهل النار بالخروج من النار ) . رضي الله عنك يا سيدي أبا اليزيد ورضى عنك بنا وحشرنا في معيتك يوم يُحشر المتقين إلى الرحمن وفدا . وصلي الله وسلم وزاد وبارك علي سيدنا محمد إمام كل إمام وسلطان كل سلطان وأستاذ كل أستاذ وعلي آله وأهل بيته وأصحابه وعلي أولياء الله والصالحين أجمعين ******************* المصدر : من كتاب بحار الولاية المحمدية في مناقب أعلام الصوفية للاستاذ الدكتور جودة محمد ابو اليزيد المهدي .ص290-ص300.
| |
|
قلب محب المراقب العام
العمر : 50
| موضوع: رد: سلطان العارفين الأحد سبتمبر 04, 2011 8:59 am | |
| | |
|
النقشبندى إدارة المنتدى
العمر : 47
| موضوع: رد: سلطان العارفين الإثنين سبتمبر 05, 2011 8:42 pm | |
| | |
|
ابن الرفاعى المشرف العام
العمر : 44
| موضوع: رد: سلطان العارفين الخميس سبتمبر 15, 2011 9:32 am | |
| | |
|
عاشق الصوفية نائب مدير الموقع
العمر : 20
| موضوع: رد: سلطان العارفين الأحد مارس 03, 2013 12:43 pm | |
| | |
|