يقول الشيخ أبو العباس رضي الله عنه: كنت مع الشيخ أبي الحسن الشاذلي بالقيروان وكان شهر رمضان وكانت ليلة جمعة وكانت ليلة سبع وعشرين فذهب الشيخ إلى الجامع وذهبت معه فلما دخل الجامع وأحرم رأيت الأولياء يتساقطون عليه كما يتساقط الذباب على العسل فلما أصبحنا وخرجنا من الجامع قال الشيخ:
ما كانت البارحة إلا ليلة عظيمة وكانت ليلة القدر ورأيت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول : يا علي طهر ثيابك من الدنس تحظ بمدد الله في كل نفس.
قلت: وما ثيابي؟
قال : اعلم أن الله قد خلع عليك خمس خلع: خلعة المحبة وخلعة المعرفة وخلعة التوحيد وخلعة الإيمان وخلعة الإسلام.
فمن أحب الله هان عليه كل شيء.
ومن عرف الله صغر لديه كل شيء.
ومن وحّد الله لم يشرك به شيئا.
ومن آمن بالله أمن من كل شيء.
ومن أسلم لله قل ما يعصيه, وإن عصاه اعتذر إليه, وإن اعتذر إليه قبل عذره.
ففهمت حينئذ معنى قوله عز وجل:{ وثيابك فطهر }.
ويقول ابن عطاء الله السكندري عن ابي الحسن الشاذّلي :
" لم يختلف في قطبانيته ذو قلب مستنير, ولا عارف بصير" .
جاء في هذا الطريق بالعجب العجاب, وشرع في علم الحقيقة الأطناب, ووسع للسالكين الرحاب, حتى لقد سمعت الشيخ الإمام مفتي الإسلام تقي الدين محمد بن علي القشيري -رحمه الله- يقول:
" ما رأيت أعرف بالله من الشيخ أبي الحسن الشاذلي- رضي الله عنه - "
وإذا كان هذا هو رأي مفتي الإسلام تقي الدين القشيري فإن الشيخ مكين الدين الأسمر يقول:" مكثت أربعين سنة يشكل عليّ الأمر في طريق القوم فلا أجد من يتكلم عليه ويزيل عني إشكاله حتى ورد الشيخ أبو الحسن فأزال كل شيء أشكل عليّ