الإمام العالم العامل الصالح الفاني في حب الله و رسوله أبو عبد الله محمد بن سعيد بن حماد بم عبد الله الصنهاجي البوصيري المصري. أصله من المغرب من قلعة حماد, من قبيلة تعرف ببني حبنون,ولد بناحية ( دلاص) في يوم الثلاثاء أول شوال سنة 608 هـ ووالده من بلدة بوصير إحدى قرى صعيد مصر.
تتلمذ لأبي حيّان و أبي الفتح بن سيّد الناس اليعمري الإشبيلي المصري صاحب كتاب: (عيون الأثر في سيرة سيّد البشر) و العز بن جماعة الكناني الحموي أحد قضاة مصر وغيرهم من كبار العلماء , فنبغ و برع في الأدب وسبق أقرانه في الشعر وعُين رئيسا مباشرة على الحبايات بالشرقية وكان مقرّه ببلبيس وكان ذا حظوة عند حكام مصر .
و عندما سمع عن الإمام الكبير سيدي أبي العباس المرسي و ما اشتهر به من الولاية و التحقق و المعرفة رحل إليه بالأسكندرية وصحبه و لازمه و أخذ عنه فظهرت عليه بركته وأشرقت عليه الأنوار ورزقه الله ديناً و علماً وورعاً وولايةً على يديه.ثم نهج بعد ذلك في شعره نهجاً آخر فصار متصوفاً صادقاً في تصوفه منقطعاً عن الدنيا, منشغلاً بالآخرة معتنياً بالمدائح النبوية, و أخلص الحب لله ورسوله وهام بذلك و شغف بطلب القرب حتى صار علماً من الأعلام و يشار إليه بالبنان و خصوصاً في تعلقه وحبه لسيد ولد عدنان (صلى الله عليه و سلم)
له ديوان شعر مطبوع وأشهر قصائده البردة و قد أنشأ على منوالها كثير من الشعراء الفطاحل وشرحها كثيرون من العلماء. و تشتمل البردة على عدة عناصر: ففي صدرها التذكر والشوق والهيام لتلك الخيام ويليه التحذير من هوى النفس ثم مدح النبي والكلام عن مولده ومعجزاته ثم وصف القرآن و الإسراء و المعراج والجهاد ثم التوسل.
سبب الإنشاء
يحدثنا البوصيري عن ذلك فيقول: (( كنت قد نظمت قصائد في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم, منها ما اقترحه عليّ الصاحب زين الدين يعقوب بن الزبيرثم اتفق بعد ذلك أن داهمني الفالج – الريح الأحمر( الشلل النصفي)- فأبطل نصفي ففكرت في عمل قصيدتي هذه فعملتها و استشفعت بها إلى الله تعالى في أن يعافيني و كررت إنشادها و دعوت و توسلت و نمت فرأيت في النبي صلى الله عليه وآله وسلم فمسح على وجهي بيده المباركة وألقى عليّ بردة فانتبهت ووجدتُ فيّ نهضة فقمت و خرجت من بيتي ولم أكن أعلمت بذلك أحداً فلقيني بعض الفقراء فقال لي: (أريد أن تعطيني القصيدة التي مدحت بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) فقلت: (أي قصائدي؟) فقال: ( التي أنشأتها في مرضك) و ذكر أولها وقال: ( والله لقد سمعتها البارحة و هي تنشد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأعجبته و ألقى على من أنشدها بردة) فأعطيته إياها. و ذكر الفقير ذلك و شاعت الرؤيا)).
وفاته
توفي البوصيري في الإسكندرية سنة 696م, و له قبر مشهور في الإسكندرية يتصل به مسجد كبير, و قد طرزت جدران الضريح و المسجد بأبيات البردة و بخط جميل, و المسجد على مقربة من مسجد و مقام شيخه الإمام أبي العباس المرسي رحمه الله رحمة الأبرار.