{والتين}
أي: المعاني الكلية المنتزعة عن الجزئيات التي هي مدركات القلب,
شبَّهها بالتين لكونها غير مادية معقولة صرفة مطابقة لجزئياتها مقوية للنفس
لذيذة كالتين الذي لا نوى له بل هو لبّ كله مشتمل على حبات كالجزئيات التي هي في ضمن الكليات ,
مسمن للبدن فيه غذائية وتفكه
{والزيتون}
أي: المعاني الجزئية التي هي مدركات النفس شبهها بالزيتون لكونها مادية معدّة للنفس لإدراك الكليات كالزيتون الذي له نوى وهو دابغ لآلات الغذاء مثله
{وطور سينين}
أي: الدماغ الذي هو معدن الحس والتخيل المرتفع من أرض البدن كالجبل
{وهذا البلد الأمين}
أي: القلب الحافظ ما فيه من المعاني الكلية أو المأمون فساده وفناؤه لتجرّده عن اختلاف الاشتقاق من الأمانة والأمن.
أقسم بما يحصل به كمال الإنسان ووجوده من المعاني الكلية والجزئية والقلب والنفس أي
: المدركين ومدركاتهما تعظيماً للإنسان وإظهاراً لشرفه وتكريماً على أنه خلق الإنسان .
{في أحسن تقويم}
أي: تعديل من جمع الظلمة والنور فيه والجمع بين الأضداد والموافقة بينها وجعله واسطة بين العالمين جامعاً لهما ,
وتسوية خَلْقه وخُلقه وتحسين صورته ومعناه: في أعدل مزاج وأكمل نوع وأفضل مخلوق .
{ثم رددناه}
لاحتجابه بالظلمة عن النور والوقوف مع رذائل الأخلاق والإعراض عن الفضائل
{أسفل}
من سفل خلقاً ورتبة من أهل الدركات
, وأقبح من قبح صورة وتركيباً وأشوهه خلقة وشكلاً ومنظراً وهم أصحاب النار في سجين الطبيعة.
{ إِلا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ * فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ * أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ }
{إلاَّ الذين آمنوا}
بتغليب نور القلب على ظلمة النفس والكلي عى الجزئي ,
وكسبوا الفضائل والخيرات
أي : حصلوا الكمال العلمي والعملي فإنهم في درجات عالية من عالم القدس
{فلهم أجر}
من ثواب جنات القلوب والنفوس
{غير ممنون}
لاتصال مدده من عالم القدس وبراءته عن الكون والفساد وأبدية وجوده
, فما يجعلك كاذباً بسبب الجزاء أيها الإنسان بأن تكذب به
فتكون كاذباً بعد وقوفك على هذا الخلق العجيب الجامع لمراتب الوجود أسفلها وأعلاها
الحاصل لكمالات الكونين أشرفهما وأخسّهما.
{أليس الله بأحكم الحاكمين}
فيحكم عليه بالوقف في أي مرتبة من المراتب شاء في أعلاها فيثيبه أو أسفلها فيعاقبه.
--
تفسير القاشاني المنسوب لإبن عربي