سيد هذه الطائفة وإمامهم.
أصله من نهاوند، ومنشؤه بالعراق، وأبوه كان يبيع الزجاج؛ فلذلك يقال له: القواريري.
وكان فقيهاً على مذهب أبي ثور وكان يفتي في حلقته بحضرته وهو ابن عشرين سنة. صحب خاله السري ( السقطي )، والحارث المحاسبي ومحمد بن علي القصاب.
مات سنة: سبع وتسعين ومائتين.
سئل سيدي الجنيد : من العارف؟ قال: من نطق عن سرَّك وأنت ساكت.
يقول سيدي الجنيد : ما أخذنا التصوف عن القيل والقال، لكن عن الجوع؛ وترك الدنيا، وقطع المألوفات والمستحسنات.
ومر برجلٍ : يقول لرجل في ذكر أهل المعرفة بالله وقال: أهل المعرفة بالله: يصلون إلى ترك الحركات من باب البرِّ والتقربُّ إلى الله عزَّ وجلَّ.
فقال له سيدي الجنيدِّ: إن هذا قول قوم تكلموا بإسقاط الأعمال، وهو عندي عظيمة، والذي يسرق ويزني أحسن حالاً من الذي يقول هذا، فإن العارفين بالله تعالى أخذوا الأعمال عن الله تعالى، وإليه رجعوا فيها، ولو بقيتُ ألف عام لم أنقص من أعمال البرِّ ذرَّة إلا أن يحال بي دونها.
وقال سيدي الجنيد: الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا على من أقتفى أثر الرسول عليه الصلاة والسلام.
وقال : لو أقبل صادق على الله ألف ألف سنة، ثم أعرض عنه لحظة، كان ما فاته أكثر مما ناله.
وقال سيدي الجنيد: من لم يحفظ القرآن، ولم يكتب الحديث لا يُقتدى به في هذا الأمر، لأن علمنا هذا مقيَّد بالكتاب والسنَّة.
وقال سيدي الجنيد: مذهبنا هذا: مقيَّد بأصول الكتاب والسنَّة.
وقال سيدي الجنيد: علمنا هذا مشيّد بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال أبا الحسين علي بن إبراهيم الحداد : حضرت مجلس القاضي أبي العباس بن شريح، فتكلَّم في الفروع والأصول بكلام حسن عجبت منه، فلما رأي إعجابي قال: أتدري من أين هذا؟ قلت: يقول به القاضي.
فقال: هذا ببركة مجالسة أبي القاسم الجنيد.
وقيل لسيدي الجنيد: من أين استفدت هذا العلم ؟ فقال: من جلوسي بين يدي الله ثلاثين سنة تحت تلك الدرجة. وأومأ إلى درجة في داره.
وحكى أبا عليّ الدقاق، رحمه الله، أن سيدي الجنيد رؤى في يده سبحة، فقيل له: أنت مع شرفك تأخذ بيدك سبحة ؟! فقال: طريق به وصلت إلى ربي لا أفارقه.
وقال أبو بكر العطوي: كنت عند الجنيد حين مات، فرأيته ختم القرآن.. ثم ابتدأ من البقرة. وقرأ سبعين آية ثم مات رحمه الله.
نعنا الله به وجمعنا به مع سيد المرسلين والصالحين وإمامهم سيدنا محمد صلَّى الله عليه وآله وسلم في الفردوس الأعلي.