أبو إسحق إبراهيم بن أدهم بن منصور من كُورة بلخ، رضي الله تعالى عنه.
كان من أبناء الملوك، فخرج يوماً متصيِّداً، فأثار ثعلباً أو أربناً وهو في طلبه، فهتف به هاتف: يا إبراهيم، ألهذا خُلقتَ، أم بهذا أمُرت؟.
ثم هتف به أيضاً من قربوس سرجه: والله ما لهذا خُلقت، ولا بهذا أُمرت.
فنزل عن دابته.
وصادف راعياً لأبيه، فأخذ جُبَّةً للراعي من صوف، ولبسها وأعطاه فرسه وما معه، ثم إنه دخل البادية، ثم دخل مكة، وصحب بها سفيان الثوري.
والفضيل بن عياض، ودخل الشام ومات بها.
وكان يأكل من عمل يده، مثل: الحصاد، وحفظ البساتين، وغير ذلك.
وأنه رأى في البادية رجلاً علَّمه اسم الله الأعظم فدعا به بعده، فرأى الخضر عليه السلام، وقال له: إنما علَّمك أخي داود اسم الله الأعظم.
أخبرنا بذلك الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي، رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن الخشاب قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد المصري، قال: حدثنا أبو سعيد الخراز قال: حدثنا إبراهيم بن بشَّار قال: صحبت إبراهيم ابن أدهم، فقلت: خبّرني عن بدء أمرك فذكر هذا.
وكان إبراهيم بن أدهم كبير الشأن في باب الورع، ويحكى عنه أنه قال: أطب مطعمك، ولا حرج عليك أن لا تقوم الليل ولا نصوم النهار.
وقيل: كان عامة دعائه: " اللهم انقلني من ذلِّ معصيتك إلى عزِّ طاعتك " وقيل لإبراهيم بن أدهم: إن اللحم قد غلا!!.
فقال: أرخصوه أي: لاتشتروه وأنشد في ذلك:
وإذا غلا شيء عليَّ تركته ... فيكون أرخص ما يكون إذا غلا "
أخبرنا محمد بن الحسين، رحمه الله تعالى، قال: سمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت محمد بن حامد يقول: سمعت أحمد بن خضرويه يقول: قال إبراهيم بن أدْهم لرجل في الطواف: أعلم أنك لا تنال درجة الصالحين حتى تجوز ست عقبات: أولاها: تغلق باب النعمة، وتفتح باب الشدَّة.
والثانية: تغلق باب العزِّ، وتفتح باب الذلِّ.
والثالثة: تغلق باب الراحة، وتفتح باب الجهد.
والرابعة: تغلق باب النوم؛ وتفتح باب السهر.
والخامسة: تغلق باب الغنى، وتفتح باب الفقر.
والسادسة: تغلق باب الأمل، وتفتح باب الاستعداد للموت.
وكان إبراهيم بن أدهم يحفظ كَرْماً، فمرَّ به جندي، فقال: أعطنا من هذا العنب فقال: ما أمرني به صاحبُه.
فأخذ يضربه بسوطه، فطأطأ رأسه وقال: إضرب رأساً طالما عصى الله. فأعجز الرجل ومضى.
قال سهل بن إبراهيم: صحبت إبراهيم بن أدهم، فمرضت، فأنفق عليَّ نفقته فاشتهيت شهوة، فباع حماره وأنفق عليَّ ثمنه. فلما تماثلت، قلت: ياإبراهيم، أين الحمار؟ فقال: بعناه، فقلت: فعلى ماذا أركب؟ فقال: يا أخي على عنقي. فحملني ثلاث منازل.