اهلا وسهلا بك اخى الكريم فى موقع الطريقة النقشبندية العلية والتصوف السنى عرف بنفسك او قم بالتسجيل حللت اهلا ونزلت سهلا نرجوا لك ان تقضى اسعد الاوقات وان تفيد وتستفيد حياك الله وبياك
محمد النقشبندى
الطريقة النقشبندية العلية
اهلا وسهلا بك اخى الكريم فى موقع الطريقة النقشبندية العلية والتصوف السنى عرف بنفسك او قم بالتسجيل حللت اهلا ونزلت سهلا نرجوا لك ان تقضى اسعد الاوقات وان تفيد وتستفيد حياك الله وبياك
محمد النقشبندى
الطريقة النقشبندية العلية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الطريقة النقشبندية العلية
دروس وخطب فقة حديث توحيد سيرة تصوف اسلامى اداب و سلوك احزاب و اوراد كتب مجانية تعليم طب بديل واعشاب بخور اسرة وطفولة اكلات قصص واشعار
موضوع: فضائل الأولياء والصالحين وخيراتهم على المؤمنين الإثنين يناير 28, 2013 1:53 pm
يقول الله تعالى في كتابه الكريم : ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ۞ عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ) [النجم : 14] ... إن السيد العظيم صلى الله عليه وآله وسلم ، نال منزلتين عند الله العلي العظيم ، الأولى كانت منزلة القدر في ليلة القدر حيث تنزل عليه القرآن مصدقاً لما تفجر في قلبه من الحقائق و الحكمة و الرحمة ، صلى الله عليه وآله وسلم ... والنزلة الأخرى هي منزلة العروج لقلبه الطاهر في معارج القدس الإلهية ليلة المعراج حيث بلغ صلى الله عليه وآله وسلم ، سدرة المنتهى ... هو حال لا متناهي من الذوق الوجداني المفتوح و المعارف و الفتوح غطى وسيطر على قلب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ... فكلمة سدرة مأخوذة من التغطية والستر المنيع ، من تصريف سد ما أره "في قلبه" ... وقد وقع في قلبه صلى الله عليه وآله وسلم في هذا العروج فيض من أفياض الرحمن ، فيما يخص أحكام الشريعة وأحكام التقوى والإيمان ومراتب الإحسان وعلوم الغيب ، مما أودع في خزائن الرحمن ، ليكتمل عنده صلى الله عليه وآله وسلم البيان المبين ... فالقدر للمصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كان مردودة لأمة محمد كافة كل على قدر عقله . يقول صلى الله عليه وآله وسلم : ( أعطيت جوامع الكلم ..... ) ، رواه مسلم في "صحيحة" ... أما العروج فكان لخواص أمة أحمد أهل الإيمان الحق ، وخواص الخواص من أهل التقوى والإحسان ... والخواص هم علماء أمة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، الذين قال المصطفى فيهم : ( خيار أمتي علماؤها ، وخيار علمائها رحماؤها ، ألا وإن الله يغفر للعالم أربعين ذنبا قبل أن يغفر للجاهل ذنبا واحدا ، ألا وإن العالم الرحيم يجيء يوم القيامة وإن نوره قد أضاء يمشي فيه بين المشرق والمغرب كما يمشي الكوكب الدري ) ، رواه أبو نعيم في "الحلية" ، والسيوطي في "الجامع الصغير" ... وهم الدعاة الأبرار ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : ( من دعا إلى هدى ، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه ، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا . ومن دعا إلى ضلالة ، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه ، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا ) ، رواه مسلم في "صحيحة" ، و أبو داود في "سننه" ... فهم العلماء العاملون الدعاة المخلصين ، لقوله الله تعالى : ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) [فصلت : 33] صدق الله العظيم ... وأعلاهم الصديقين ثم الفقهاء ... يقول الله تعالى : (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ [التوبة : 122] صدق الله العظيم ... فالفقيه هو أخلص قلبه لله لما ذاقه من خلص معرفة الله عز وجل ، وهو الذي يفهم أسرار و أحكام التشريع من كتاب الله بالتدبر والاستنباط ، وينذر الناس من جنب الله حذر المهلكة ترغيباً وترهيباً ... يقول صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا يفقه العبد كل الفقه حتى يمقت الناس في ذات الله ، ولا يفقه العبد كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة ) ، رواه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" ... ويقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في الفقيه أيضاً : ( أتدرون من الفقيه كل الفقيه ، قيل من يا رسول الله ، قال من لم يقنط الناس من رحمة الله ، و لم يؤمنهم من مكر الله ، ولم يوئسهم من روح الله ولم يدع القرآن رغبة لما سواه ، ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفقه ، و لا علم ليس فيه تفهم ، و لا قراءة ليس فيها تدبر ) رواه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" ، العراقي في "تخريج الإحياء" ... وعن إمام الفقهاء علي بن أبي طالب ذو السبطين كرم الله وجهه أنه قال : ( إن الفقيه حق الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله ، ولم يرخص لهم في معاصي الله ، ولم يؤمنهم من عذاب الله ، ولم يدع القرآن رغبة عنه إلى غيره ، إنه لا خير في عبادة لا علم فيها ، ولا علم لا فهم فيه ، ولا قراءة لا تدبر فيها ) رواه الدارمي في "سننه" . يبين حقيقة النذير الفقيه قوله تعالى : ( قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ۞ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ ۞ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاء لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) [نوح : 4] ... إني لكم نذير مبين ... هنا يأتي الجواب : أن عبدوا الله "لم يقنطهم من رحمة الله ، بدفعهم لرجاء ما عند الله " واتقوه " لم يؤمنهم من مكر الله وعذابه ، في حال التقصير في جنب الله " و أطيعون * يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ ... " لم يوئسهم من روح الله ، بتحسين الظن بالله " يقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن بالله الظن ) ، رواه مسلم في "صحيحة" ... أما أعلى مراتب العلماء فهم العلماء الصديقين ... ويقول صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن خيار الصديقين من دعا إلى الله وحبب عباده إليه ) ، رواه أبو نعيم في "الحلية" ... وهو العالم الرباني الوارث لمقام النبوة و العلم الشريف وهم خلفاء الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ... الذين يحيون سنة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، ويعلمونها عباد الله ... كما ورد بالحديث المرسل عن الحسن البصري ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم ، أنه قال : ( رحمة الله على خلفائي قالوا : يا رسول الله ومن خلفاؤك ؟ قال : الذين يحيون سنتي من بعدي ويعلمونها عباد الله ) ، رواه ابن رجب في "ورثة الأنبياء " ، والعراقي في "تخريج الإحياء"، دون لفظ ( من بعدي ) ... وهم من ذكروا بكتاب الله بعباده العلماء ... ( وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ) [فاطر : 28] صدق الله العظيم ... فكلمة عباده جمع عبد والعبد هو من طوع نفسه لله حباً له ، و ابتغاء مرضاته جل وعلا ... ويقول صلى الله عليه وآله وسلم : ( كفى بالمرء علماً أن يخشى الله ) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" ... والعبد العالم هو الراسخ العلم بالله والفاهم لخفايا كتاب الله ... لقوله تعالى : ( هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ ) [آل عمران : 7] ... أما العلماء العاملين الدعاة و الفقهاء فذكروا بكتاب الله بمن أوتوا العلم ... وفي قوله تعالى : ( وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) [الحج : 54] صدق الله العظيم ... دليل على أن الذين أوتوا العلم لم يبلغوا مرحلة الإلهام أو الربانية فتخبت قلوبهم وهي مرحلة تفوق خشوع القلب التي تعني سكون ولين القلب ، وهي تسمى سجود القلب التي تعني خضوع وانقياد القلب المطلق أو الفناء و البقاء بالله ... وهو أن يجعلوا قلوبهم خلصه لله تعالى وحده ، وما دون ذلك مهلكه ... يقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : (الناس هلكى إلا العالمون ، و العالمون هلكى إلا العاملون ، والعاملون هلكى إلا المخلصون ، والمخلصون على خطر عظيم ) أورده السيوطي في "النكت" ... وورد في "اقتضاء العلم " ، في رواية التستري مرسلاً . ويقول العارف بالله " سهل بن عبد الله التستري " قدس سره : ( الدنيا جهل وموات إلا العلم ، و العلم كله حجة إلا العمل به ، و العمل كله هباء إلا الإخلاص ، والإخلاص على خطر عظيم حتى يختم به ) ... ويبين قول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، إمام الأولياء وباب العلم ، وترجمان قلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، الإمام "علي" كرم الله وجهه : ( المخلصين على خطر عظيم ، ما لم يبلغوا حق اليقين ، ويؤمنوا بالله العظيم ) ... يقول الله تعالى : ( إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً ) [النساء : 146] ... ويوثق حديث الناس هلكى قوله تعالى : ( وَالْعَصْرِ ۞ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ۞ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) [العصر : 3] ... الآية تشير إلى خسران الإنسان وهلاكه في أي عصر ما لم يؤمن أي يشهد حقيقة التوحيد وهو علم القلب ثم يصدق علمه بالعمل الصالح ثم يتحقق بالإخلاص من خلال التخلي والتجرد من الذنوب والآثام ثم التحلي و التفرد بالأخلاق الحسان ، ويتوجها مفتاح الأخلاق وهو الصبر وهو ضياء القلب ورأس أو أصل الإيمان كما أخبر سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم ... يقول صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن خياركم أحاسنكم أخلاقا ) ، رواه البخاري ومسلم في " الصحيح". وفي رواية الترمذي في "سننه" ورد بلفظ : ( إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا ) رواه المنذري في الترغيب و الترهيب" ، وقال : إسناده صحيح ... أما ما ورد في شأن الخواص قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( ألا أخبركم بأكملكم إيماناً ؟ قالوا : بلى ، قال : أحاسنكم أخلاقاً ، الموطئون أكنافاً ، الذين يألفون و يؤلفون ) أورده ابن أبي الدنيا في "التواضع و الخمول" ... و الموطئون أكفانا أي المستعدين للموت أو لقاء الرفيق الأعلى بما هيئوا به أنفسهم من علو الإيمان ... يقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : ( قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان ، وجعل قلبه سليما ، ولسانه صادقا ، ونفسه مطمئنة ، وخليقته مستقيمة ، وأذنه مستمعة ، وعينه ناظرة . فأما الأذن فقمع ، والعين مقرة لما ينوي القلب ، وقد أفلح من جعل الله قلبه واعيا ) ، رواه الإمام أحمد في "مسنده" ، و أبو نعيم في "حلية الأولياء" ، و المنذري في "الترغيب و الترهيب"... فمن أدرك هذا السلوك فقد أفلح واستوي عنده الرجاء و الخوف ،وفق قول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : ( لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاستويا ) ، رواه الإمام أحمد في "الزهد" ، وقال : معناه صحيح شرعاً ، والسيوطي في "الدرر" ، و البيهقي في "شعب الإيمان" بلفظ (لاعتدلا) ، وشرحه : ( لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه ، بميزان ما كان بينهما خيط شعر ) ، ورواه الزركشي في "الآلئ المنثورة" ، و الصعدي في "النوافح العطرة" بلفظ البيهقي ، وقالا : مأثور عن بعض السلف ... ولكن ما مكانة المتقين " أولياء الله" من العلماء "العارفين بالله" حتى لا نطيل الشرح سوف تبين بالمقارنة الآيات من الذكر الحكيم : يقول الله تعالى في شأن العلماء الدعاة : ( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) [آل عمران : 104] ... ويقول في شأن المتقين الهداة "الأولياء الصالحين" : ( ..... أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ۞ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ) [آل عمران : 114] صدق الله العظيم ... فالصفة المشتركة هي الأمر المعروف والنهي عن المنكر ، وما يميز العلماء دعوة الخير التي يشرحها قوله تعالى : ( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) [النحل : 125] صدق الله العظيم ... أما دعوة المتقين فهي دعوة صامته مضمونها العمل بالسلوك القويم كما ورد في الأثر : ( الاستقامة دعوة صامته إلى الله ) ... و يقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : ( ... استقيموا يستقم بكم ) ، رواه الألباني في "الجامع الصحيح" ، وقال : حسن ... وما يميزهم كما في الآية التهجد بالأسحار طلباً للمغفرة و الرفعة عند الله لأن قيام الليل شرف المؤمن كما يخبرنا المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : ( .... وأعلم أن شرف المؤمن قيام الليل وعزه استغناؤه عن الناس ) ، رواه الحاكم في "مستدركه" ، و المنذري في "الترغيب و الترهيب" ، و الدمياطي في "المتجر الرابح" ، والهيثمي في "مجمع الزوائد" ، و أجمعوا على أن إسناده حسن ... ويسارعون بالخيرات ، منها الزهد بالدارين ابتغاء وجه الله ، والإهتراء بذكر الله بدوام الذكر تسبيحاً وتعظيماً ومحبة لله ، لقوله تعالى : ( الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ .... ) [آل عمران : 191] ، وقوله تعالى : ( إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً ) [المزّمِّل : 7] ... وروي موقوفاً عن ذو السبطين كرم الله وجهه عنه أنه قال : يا رسول ، دلني إلى أقرب الطرق إلى الله وأسهلها علي عبادة ، وأفضلها عند الله تعالى ، فقال : ( يا علي ، عليك بدوام ذكر الله تعالى في الخلوة ) ... فهم أقرب بالمكانة عند الله من العلماء بما فيهم الفقهاء ولا يفوقهم مقاماً وشأنا إلا الوارث الرباني ، وهو واحد في كل زمان ...
عدل سابقا من قبل النقشبندى في السبت ديسمبر 31, 2016 6:15 pm عدل 1 مرات
النقشبندى إدارة المنتدى
العمر : 47
موضوع: رد: فضائل الأولياء والصالحين وخيراتهم على المؤمنين الإثنين يناير 28, 2013 1:59 pm
فالعالم أو العارف بالله يحقق النجاة من سوء الحساب بالإخلاص لله في الإيمان و العمل ... يقول ذو السبطين "علي " كرم الله وجهه : ( من أخلص قلبه لله أربعين فجراً ، فجر الله في قلبه ينابيع الحكمة و الرحمة ، وأجراها على لسانه ) وورد بالأثر أيضاً عمن التمس الخيرات من المصطفى الأمين صلى الله عليه وآله وسلم : ( من أخلص لله أربعين صباحا ، نور الله قلبه ، وأجرى ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه ) ... وفي الأثر الشريف : ( طوبي لمن أخلص عبادته ودعائه لله ، ولم يشغل قلبه ما تراه عيناه ، ولم ينسه ذكره ما تسمع أذناه ، ولم يحزن نفسه ما أعطي غيره ) ... ذكره أبن أبي الدنيا في "الإخلاص و النية" . وعن ذي النون المصري قدس سره أنه قال : ( اعلموا أنه لا يصفو لعامل عمل إلا بإخراج الخلق من القلب في عمله وهو الإخلاص فمن أخلص الله لم يرج غير الله فكن وكن على علم أنه لا قبول لعمل يراد به غير الله فمن أراد طريق التجريد إلى الإخلاص فلا يدخلن في إرادته أحد سوى الله عز وجل فشمر عن ساقك واحذر حذر الرجل أن يدخل في العظمة لله تعظيم غير الله واجعل الغالب على قلبك ذلك وقد صفا قلبك بالإخلاص ) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" ... ويقول العارف بالله سهل بن عبد الله التستري : ( ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص ، لأنه ليس لها فيه نصيب ) ... فالإخلاص يكون أولاً بالنية ... يقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها ، أو إلى امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه ) ، رواه البخاري في "صحيحة" ... يحكى أن الإمام الحجة "أبو حامد الغزالي" قدس سره ، بلغه أن من أخلص لله أربعين يوماً تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه قال : فأخلصت أربعين يوماً فلم يتفجر شيء، فذكرت ذلك لشيخي الأكبر "أبو علي الفارمدي" قدس الله سره العزيز ، فقال له : إنك إنما أخلصت للحكمة ولم تخلص لله تعالى الحكيم ... ومنه نفهم قول الإمام الحجة "أبو حامد الغزالي" قدس سره : ( أردنا العلم لغير الله فأبى إلا أن يكون لله ) ... وقوله : ( العلم ثلاثة أشبار ، شبر يورث الكبر ، و شبر يورث التواضع ، وشبر تعلم فيه علم ما لم تعلم ؟! ) ... والإخلاص كثمرة يكون عند العلماء بالإقرار بحقيقة التوحيد وهو الفلاح ... يقول صلى الله عليه وآله وسلم : ( من قال لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة قيل وما إخلاصها قال أن تحجزه عن محارم الله ) . رواه المنذري في " الترغيب و الترهيب" ، والدمياطي في " المتجر الرابح" ، والعراقي في "تخريج الإحياء" ، وقال: إسناده حسن ... أما حال الأولياء الله المتقين فهو التجرد من كل شيء إلا الله ... يقول صلى الله عليه وسلم : ( القلوب أربعة : قلب أجرد فيه مثل السراج أزهر ؛ وذلك قلب المؤمن وسراجه فيه نوره .... ) ، رواه الإمام أحمد في "مسنده" ، وقال : حديث حسن ، ورواه الطبراني في "المعجم الصغير" ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء " ... فلا يزهر مصباح قلب المؤمن الزاهد "التقي" ، إلا إذا جرد و فرد فيه نور الله وبذلك يصبح من المفردون المتفردون بالله عز وجل ... يقول صلى الله عليه وآله وسلم : ( سبق المفردون " قالوا : وما المفردون ؟ يا رسول الله ! قال " الذاكرون الله كثيرا ، والذاكرات " ) رواه مسلم في "صحيحة" . فالإمام "مسلم" وكذا "البخاري" اعتنوا رضي الله عنهما في صحيح الحديث الشريف من حيث دقة النقل عن أعدل و أخير رجال الحديث الثقاة ، إضافة لكون متون أحاديثهم توافق القرآن الكريم ، إما بالمعنى أو حتى بالنص كما في هذا الحديث لقوله تعالى : ( ....... وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) [الأحزاب : 35] ... و المغفرة هنا هي التنقية و التطهير ، و الأجر العظيم هو الترقية و التعطير ، فهو الأجر الذي لا يحد أو يحاط وهو نور روح الله في حضوره في قلبوهم ويبين ذلك قوله تعالى : ( .... وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً ۞ مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً ) [الكهف : 3] ... فهم ما كثين بذكر الله بدوام حضورهم مع الله عز وجل وهو الأجر الحسن العظيم ؟!! ... فكثرة ذكر الله هو السهل الممتنع سهل على المعظم المحب وصعب على اللاهي في دنياه وفي ملذاته الذاتية ، ومن كانت أفئدتهم هواء ... لقوله تعالى : ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ۞ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء ) [إبراهيم : 43] ... يقول أبو الفرج أبن الجوزي رحمه الله، في "التذكرة" : ( من أحب شيئا ، أكثر ذكره، و من أجلّ أمرا، أعظم قدره، و لا حبيب أحب من الله إلى أهل ولايته، و لا جليل أجل من الله عند أهل معرفته، فاذكروا الله ذكر المحبين، و أجلّوه إجلال العارفين ) .... فالعالم العامل " العارف بالله" يديم الذكر تعظيماً لله ، ورغبة و رهبة وخشية أن يتحول الله عنه إن قصر في جنبه أو يحول بينه وبين قلبه لقوله تعالى : ( قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) [الأنعام : 15] ... ، وقوله : ( .... واعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) [الأنفال : 24] ... أما الولي الصالح فإنه يدمن الذكر تولهاً في حب الله لقوله تعالى : ( ..... وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ ..... [البقرة : 165] ... فقد ورد في الخبر الموقوف على إمام الأولياء و العارفين ذو السبطين كرم الله وجهه أن قال : ( أوصاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أن أديم ذكر الله في خلوتي بلا إله الله تعالى ، فلا زلت أرددها حتى اطمأن قلبي بها ، ثم تلا الآية : ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) [الرعد : 28]. ) ... يقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : ( أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الحمد لله ) ، رواه الترمذي في "مسنده" ، وابن حجر العسقلاني في "نتائج الأفكار" ، وقال: حديث حسن ، والسيوطي في "الجامع الصغير" ، وقال : حديث صحيح ... فدوام ذكر لا إله إلا الله يوصل إلى حقيقة الإقرار بالتوحيد ، ثم الإدمان عليها توصل إلى حقيقة القهر بواقع الوحدانية وهو التفريد عند الأولياء لصالحين ... وفي حديث أخر حسن الإسناد يوضح عليه الصلاة والسلام حال المفردون قائلاً : ( سبق المفردون ، قالوا : يا رسول الله وما المفردون ؟ قال : المستهترون في ذكر الله . يضع الذكر عنهم أثقالهم ، فيأتون يوم القيامة خفافا ) رواه الترمذي في "سننه" ، و البيهقي في "شعب الإيمان" ، رواه السيوطي في "الجامع الصغير" ، وقال : صحيح ... و وصف المستهترون هنا أي الذين شغلهم ذكر الله وتذكره ودوام حضوره في قلبهم لتولههم فيه عن ما في الدنيا من مغريات فتنزهوا وارتقوا عنها بالله ... يقول الإمام الزاهد "سهل بن عبد الله التستري" قدس سره : (الدنيا حرام على صفوة خلق الله لا يتناولون منها إلا بقدر الضرورة ) ... وفي رواية توضح هذا المعنى : ( المتنزهون بذكر الله تعالى وضع الذكر عنهم أوزارهم فوردوا القيامة خفافا ) ، رواه العراقي في "تخريج الإحياء " بإسناد ضعيف ... وقد وصفهم صلى الله عليه وسلم في حديث آخر قائلاً : ( سبق المفردون ، قالوا : يا رسول الله وما المفردون ؟ قال : الذين يهترون بذكر الله يضع الذكر عنهم أوزارهم أو خطاياهم فيأتون يوم القيامة خفافا ) ، رواه أحمد في "مسنده" ، وقال :إسناده صحيح حتى لفظ ( يهترون بذكر الله ) ، والهيثمي في "مجمع لزوائد" ، وقال : رجاله رجال الصحيح وزاد بلفظ ( عز وجل) ، ورواه الذهبي في "ميزان الاعتدال" ، و ابن القيسراني في "ذخيرة الحفاظ" ، كاملاً... ولفظ الذين يهترون بذكر الله أدق أوصافهم فقد تفانوا بالله حتى لم يبقى في قلوبهم سواه ... لأن حقيقة المحبة عند أهل الله : ( هي محق ما في القلوب من سوى المحبوب ) ... يقول الغوث الصمداني ، و الإمام الرباني الوارث "أبو حسن الخرقاني " قدس الله سره العزيز : ( اليوم لي أربعون سنة ، والله ينظر إلى قلبي ، فلا يرى فيه غيره ، وما بقي فيَ لغير الله شيء ، و لا في صدري لغيره قرار ) ... ويقول القطب الإمام " عبد السلام بن مشيش" قدس سره في شرح التفرد بالله في "الصلاة الميشيشية" : ( وزُجَّ بي في بحار الأحَدِيَّة ، وانشُلني من أَوْحالِ التَّوحيدِ ، وأغرقني في عين بحْرِ الوَحدةِ ، حتى لا أرى ولا أسمَعَ ولا أَجِدَ ولا أُحِسَّ إلا بها ) ورد في كتاب " النفحة العلية في الأوراد الشاذلية" ... ويقول أحد الأئمة الربانيين الوارثين البانين في القلوب نفحات علام الغيوب : ( الحمد لله الذي اجتباني من أوحال التوحيد إلى أنوار التفريد ) ... فحال التفريد هو حال الفناء بالله و البقاء به سبحانه وهو الفتح المبين : ( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً ۞ لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً [الفتح : 2] ... فالذنب كلمة مأخوذة من الذنب و هو الذيل الصغير أو القصير وهو تلك العلقة الملتحمة بأجسام بعض الحيوانات زوالها مؤلم ولكن يمكن العيش بدونها خصوصاً عند بعض أنواع الزواحف مثل السحالي ... فالذنب هو ذلك التعلق النفسي الذي يشغل القلب عن الله فالفناء يزيل الذنوب بكليته ما ظهر منها وما بطن ؟؟؟ !!! ... وكما ورد في الخبر المأثور : ( نفسك إن لم تشغلها بالله ، شغلتك ) ... وفي رواية أنس بن مالك قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( أعدى أعدائك نفسك التي بين جنبيك ) ، رواه العجلوني في "كشف الخفايا" بإسناد ضعيف ، وقال : له شواهده ... لقوله تعالى : ( وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [يوسف : 53] ... يقول الإمام الساجد السهل "سهل بن عبد الله التستري" قدس سره : ( ما من قلب و لا نفس إلا و الله مطلع عليه فى ساعات الليل و النهار فأيما قلب أو نفس رأى فيه حاجة لسواه سُلط عليه إبليس ) ... لذلك فالفناء هو غلبة الروح الرحمانية على النفس الشيطانية ... وهو زهد ما في الدارين و الافتقار إلى الله ... يقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) [فاطر : 15]... يقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : ( الدنيا حرام على أهل الآخرة ، و الآخرة حرام على أهل الدنيا ، وكلاهما حرام على أهل الله ) ، رواه الديلمي في "الفردوس" ، كما رواه المناوي في "فيض القدير" ، والسيوطي في "الجامع الصغير" ، وقالا : حديث حسن ... لأن الفناء عصمة من الله بالله ... أي من قهر أو غضب أو مكر الله أو أي شكل آخر من عذاب الله ... يحكى أن سلطان العارفين " أبو يزيد الأكبر" قدس الله سره العزيز ، قال بخلوته عندما هام في جلوته بعد أن غاب عن ذاته وعقله وصفته ، غارقا في بحر الشهود للواحد المشهود ، ذاهلاً عن أثر الوجود بالواجد الموجود متفرداً بالفرد الصمد الواحد الأحد ، صارخاً بلسان الحق عن الحق ، من فرط وجده وتواجده بالعزيز القهار : ( سبحاني ما أعظم شأني ) ... فنقل الأمر إلى تاج العارفين "أبو القاسم الجنيد" قدس سره ، بأن شيخ مشايخ الطريق يحيد عن الطريق ، وينطق بكبائر الكبائر ... فقال "الجنيد البغدادي" قدس سره : ( دعوا أبو يزيد فيشفع له حاله ، فالرجل استهلك فنطق بما هلك به ، لذهوله بالحق عن رؤية إياه ، فلم يشهد بالحق إلا الحق ) ... وهو الصلاح الذي يصلح به القلب لتجلي الرحمات الإلهية و الوجهات الربانية ، الذي كان الأنبياء صلوات الله عليهم ينشدونه ومن وازاهم بالعلم من الورثة من علماء أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ... وفق ما ورد بكتاب الله : ( وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ) [البقرة : 130] ... ( إنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّداً وَ حَصُوراً و نَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ ) [آل عمران : 39] ... ( وَ زَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَ إِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ ) [الأنعام : 85] ... و في شأن النبي يوسف صلوات الله وسلامه عليه ، قوله تعالى : ( رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ) [يوسف : 101] ... فالله ولي الصالحين لقوله تعالى : ( إِنَّ وَلِيِّـيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ) [الأعراف : 196] ... فالولي هو من ولى لله وجهه فتولاه وجه الله ... وهم المتقون لقوله تعالى : ( إِنْ أوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ) [الأنفال : 34] ... أي أن نهاية العلماء هي بداية الأولياء الصالحين ... يقول الإمام الأكبر ذو السبطين كرم الله وجهه : ( المتقين سادة ، و الفقهاء قادة ، والنظر إليهم ومجالستهم عبادة ، وعالم ينتفع بعلمه بألف عابد وزيادة ) ... وهم أئمة الهداة ؟! ... لقوله تعالى : (َجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ) [الأنبياء : 73] ... فالولي هو من تولى أمر الله فتولى الله أمره ... فهو كما يقول ابن البغوي الإمام "أبو الحسين النوري " قدس سره في وصف الأولياء الصالحين : ( فهم إن قاموا فبالله وإن نطقوا فبالله ، وان نظروا فإلى الله ، وإن سمعوا فمن الله ، فالله معهم وهم مع الله ثم تلا الآية : ( إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ) [طه : 46] ) ... يقول الله تعالى : ( وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً ) [النساء : 69] ... ففي الآية ترتيب الأولياء الصالحين في المقام والخفاء بعد الأنبياء المعصومين وورثتهم الصديقين وأعوانهم من شهداء الحق و اليقين أي "العلماء المخلصين و الفقهاء المتقين" وشهداء الدم المجاهدين ... ولكن مكانتهم عند الله الأولى لقوله تعالى : ( وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً ) ، فهم رفقاء الله بالمعية و العندية . لقوله تعالى : ( قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ) [آل عمران : 15] ... وقوله : ( لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) [الأنعام : 127] ... يقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : ( أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك حيثما كنت ) ، رواه ابن تيميه في "مجموع الفتاوى" وقال : حسن ، وابن كثير في "تفسير القرآن" ... والدليل على ما ورد بالآية 69 من سورة النساء ، كلمة أولئك لأن هذه الكلمة تشير إلى فئة معينه قريبة فلو كان اللفظ كل من ذكر لكانت الكلمة هؤلاء ... لقوله تعالى : ( وَإِسْمَاعِيلَ وَ الْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ۞ وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ۞ ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ۞ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ ) [الأنعام : 89] ... فلو تمعنا الآيات وجد أنها أولئك أشارت إلى فئة الأنبياء فقط ... وإذا تأملنا قوله تعالى : ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيداً ) [النساء : 41] ... وهؤلاء هنا عائده على من يمثل الأمم على اختلاف مقاماتهم ومراتبهم الإيمانية ... وفي قوله تعالى في المنافقين : ( مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً ) [النساء : 143] ... أي أن المنافقين لا يركنون إلى فئة تمثل الكافر العاصي أو فئة الكافر المنكر وفئة الكافر الفجار أو فئة الكافر المعرض ... الخ ... أو فئة المسلمين أو فئة المؤمنين أو فئة المتقين ..... الخ ... وإنما هم من فئة الكفار الفاسقين ... لقوله تعالى : ( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) [التوبة : 67] ... وما يؤكد مكانتهم مع الرفيق الأعلى أنه يغبطهم الأنبياء و الشهداء ... قوله صلى الله عليه آله وسلم : ( إن من عباد الله لأناسا ما هم بأنبياء ، ولا شهداء ، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله تعالى . قالوا : يا رسول الله ، تخبرنا من هم ، قال : هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام بينهم ، ولا أموال يتعاطونها ، فو الله إن وجوههم لنور ، وإنهم على نور : لا يخافون إذا خاف الناس ، ولا يحزنون إذا حزن الناس . وقرأ هذه الآية : ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) [يونس : 62] ) رواه أبو داود "سننه " ...
عدل سابقا من قبل النقشبندى في الأربعاء فبراير 01, 2017 7:13 pm عدل 1 مرات
النقشبندى إدارة المنتدى
العمر : 47
موضوع: الولي الصالح الإثنين يناير 28, 2013 2:02 pm
قبل أن نخوض في شأن الولي الصالح علينا أن نتكلم عن مشرب الأولياء و العلماء وهو سيد القلوب سيدنا الرسول الأعظم " محمد بن عبد الله الهاشمي " صلى الله عليه وآله وسلم...
وحتى لا نتقول في مقامه العظيم سوف نركز على كتاب الله في بيان ذلك
يقول الله تعالى في كتابه العزيز (عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ۞ ِعندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ) [النجم :14-15] والسدرة هي الذوق الوجداني الرفيع و الكشف القلبي المنبع ، اللا متناهي في اشراقاته في قي جوهر كيان المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ... فحال العروج القلبي في معارج القدس لسيد الوجود صلى الله عليه وآله وسلم ، والتفاتته صلى الله عليه وآله وسلم بكليته إلى الله العظيم الودود الرحيم أدخله في تلك المشاعر و المكاشفات اللا متناهية مع الحبيب الأعظم فشغله ذلك و سيطر عليه حتى استغرق واستفاض من تلك الفيوضات الربانية التي تفوق الوصف ، في هذا الحال العظيم ...
وهو مقام لم يدركه إلا هو صلى الله عليه وآله وسلم و ما كان ليخص الله به أحد غيره ، إلا بشيء منه كما مع الصديق الأكبر رضي الله عنه وأرضاه من بعده كما ورد بالأثر القلبي : ( إن الله يتجلى على الناس عامة وعلى أبو بكر خاصة ) ورد في كتاب "الإحياء" للغزالي ، وهو ما يثقل إيمان أبو بكر على إيمان الأمة ؟؟ !!! ...
روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ( لو وزن إيمان أبي بكر في كفه ، وإيمان الأمة في كفه لرجح إيمان أبو بكر ) ، رواه الشوكاني في "الفوائد المجموعة " وقال : إسناده صحيح لأنه مرفوع عن عمر وعمر أمة ؟؟؟!!!... واختلف في لفظه مع بقاء المضمون ...
وفي رواية أخرى : ( لو وزن إيمان أبي بكر ، بإيمان أهل الأرض لرجح بهم ) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" ....
وفي هذا الحال من الجلال الإلهي و الجمال يسكن قلب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، ويصفى ، فتقر عينه بهذا التواصل الفريد ، ومنه نفهم قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( وجعلت قرة عيني بالصلاة ) ، رواه ابن الملقن في "البدر المنير" وقال :إسناده صحيح ، رواه ابن القيم في "زاد المعاد " و في "إغاثة اللهفان" وحكمه فيه أنه صحيح ...
ومنه نفهم حديث أصحاب القلوب عن السيد المحبوب صلى الله عليه وآله وسلم : ( لي ساعة لا يسعني فيها إلا ربي ) الذي يسنده حديث صحيح البخاري عنه صلى الله عليه وآله وسلم : ( ألا وإنما أحلت لي ساعة من نهار ، ألا وإنها ساعتي ) وفي رواية أخرى للبخاري أيضاً في "صحيحة" : ( وإنما أذن لي ساعة من نهار ، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس ، وليبلغ الشاهد الغائب ) ...
و ورد في الأثر في نقل الصدور لا السطور : ( لي مع الله وقت لا يسعني فيه غير ربي)...
وورد أيضاً عن الصدور : ( لي مع الله وقت لا يسعني فيه ، ملك مقرب و لا نبي مرسل ) ...
ويؤكد ذلك الحديث القدسي : ( لم تسعني سمائي ولا أرضي و وسعني قلب عبدي المؤمن اللين الوادع ) ، رواه محمد بن محمد الغزي في "إتقان ما يحسن" ، وقال شاهده حسن ...
إي يعم ويغطي ويرقي هذا الحال حال أعلى وأرقى يغيب أو يغفر ما قبله وهذا ما يفسر حديثه صلى الله عليه وآله وسلم حيث يقول : ( إنه ليغان على قلبي ، وإني لأستغفر الله ، في اليوم ، مائة مرة ) رواه مسلم في "صحيحة" ... واستغفار سيد المرسلين هو ارتقاء بأنوار جلال وجمال الله ...
لأن الاستغفار يعني التغطية و الستر وهنا يعني حال علي يغطي ما قبله لقوة سطوعه وجذبته في القلب المحمدي ؟؟؟ !!! ...
وفسر ذلك تاج العارفين الإمام "أبو القاسم الجنيد" قدس سره : ( كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، كلما ارتقى بالله إلى حال وجد في الذي قبله غين فاستغفر الله منه ) ...
وقال غوث الأولياء " عبد القادر الجيلاني" قدس سره : ( كان غين قلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، غين أنوار ، لا غين أغيار ) ...
وهي أشارة إلى تمكين سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم ...
وزيغان البصر هنا ، هو غياب المؤمن عن نفسه أو ذاته من شدة الخوف و الخشية من الإجلال الإلهي ...
والطغيان هنا هو غلبة حال الوجد و الذهول في جلال جمال الله وهي حالة زوال الذات في روح منبع الأنوار والأسماء و كمال الأخلاق والصفات ، إلا أن نفس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، مكنت بما صبغت وطبعت به من كمال وجمال الله ، فانعكس ذلك في قولب المؤمنين أخلاقاً وصفات ومحامد ...
ومنه نفهم قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( المؤمن مرآة المؤمن ) ... رواه أبو داود في "سننه" ، والعراقي في "تخريج الإحياء" وقال :إسناده حسن ، والسيوطي في "الجامع الصغير" وقال : حسن ...
وهو يعني أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، هو المؤمن الأولى المرآة التي تعكس أنوار الله عز وجل المؤمن الثاني لأن من أسمائه جل وعلا ، المؤمن ..
والمرحلة الثانية أن المؤمن هو من حقق إيمانه بإمداد قلب رسول الله المؤمن الثاني ...
وهو ما يفسر ما ورد في أثر القلوب : ( أنا من الله و المؤمنون مني ) ورد في كتاب "سر الأسرار ومظهر الأنوار" للغوث الجيلاني قدس سره عن رسول صلى الله عليه وآله وسلم ...
والذي يحققه في كتب الرجال قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( هم مني ، وأنا منهم
) رواه الترمذي في "سننه" ، و الزركشي في "الآلئ المنثورة " ، وقال : صحيح ، و السخاوي في "المقاصد الحسنة" ، وقال : صحيح ...
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم ، لبابه في العلم سيدنا "علي" كرم الله وجهه : ( أنت مني ، وأنا منك ) رواه البخاري في "صحيحة" ...
ويوثق ذلك قوله تعالى في كتابه العظيم : ( لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) [التوبة : 128] ...
وهنا وبعد أن حاذ الكمال صلى الله عليه وآله وسلم ، فاض قلبه بمحبة الخير للناس أجمعين فكان شغله الشاغل مع الله هدية البشرية جمعاء ...
لأن شدة محبته صلى الله عليه وآله وسلم لخلق الله أغفلت عيني قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن من لا يستحق الهداية ... فمحبته صلى الله عليه وآله وسلم ، وحرصه على هداية العباد كافة كانت نقطة ضعفه وذنبه أو تعلقه الوحيد مع غير الله وهو ذنب نوراني عظيم ، يجعلنا نزداد حباً له صلى الله عليه وآله وسلم ...
يقول الله تعالى : ( فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً ) [الكهف : 6] صدق الله العظيم ...
فهو الذي يقول صلى الله عليه وآله وسلم : ( حبك الشيء يعمي ويصم ) رواه أبو داود في "سننه" ، و الإمام أحمد في "مسنده" ، و البيهقي في "شعب الإيمان" ...
فقد ورد في الأثر الموقوف عنه صلى الله عليه وآله وسلم : ( وهبت روحي وجسدي لأمتي)...
ألا تراه في القيامة إذا اشتغل الناس بأنفسهم كيف يدع حدث نفسه و يقول أمتي أمتي يرجع إلى الشفقة عليهم و يقول : ( إني أسلمت نفسي إليك فافعل بي ما شئت و لا تردني في شفاعتي في عبادك ) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" .
وهذا ما جعله الإنسان الكامل بالله ، وخاتم ومرجع وباب الأنبياء و الرسل والأصفياء ...
إلا أن الله غفر ما تقدم من ذنبه هذا وما تأخر بالفتح العظيم ؟؟؟! ...
ويهديك صراطاً مستقيمي أي يجعل قلبك خالص له دون شاغل وإن كان بهذا النبل ...
ويبين هذه الآية قوله تعالى : ( إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ۞ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً ۞ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً ) [النصر :1-3] صدق الله العظيم ...
وتسبيح هنا هو ارقاء الفضل الرباني بزيادة الإقبال عليه سبحانه ، وطلب تزايد دخول الخلق في دين الله تعالى باستغفار ، فتصبح أنفاسه خالصة لله وحده ...
وهو لا يعني أن الله و العياذ بالله أقل رحمة منه صلى الله عليه وآله وسلم ... فإن كان الحبيب المصطفى نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم ، قلبه مصدر الرحمات فإن الله المصدر والمنبع الأكبر الذي لا حدود له لكل أشكال الخير والرحمة ، ولولا رحمة الله لما كانت رحمة رسوله ...
وقد ورد بالأثر القدسي : ( لو علم المدبرون مدى شوقي وحنيني إليهم لتقطعت وجهوهم حياء مني ، هذا حالي مع المدبرين ، فكيف مع المقبلين ) ...
يقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن الله جل وعز خلق مئة رحمة ، رحمة منها قسمها بين الخلائق وتسعة وتسعين إلى يوم القيامة ) رواه الهيثمي في "مجمع الزوائد" ، وقال : إسناده حسن ...
وفي رواية أخرى قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله عز و جل خلق مئة رحمة ، فمنها رحمة يتراحم بها الخلق فيها تعطف الوحوش على أولادها ، و أخر تسعة و تسعين إلى يوم القيامة ) رواه الإمام أحمد في "مسنده" ...
فعندما تنكشف رحمات الله يوم القيامة نشهد قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن العار ليلزم المرء يوم القيامة حتى يقول يا رب لإرسالك بي إلى النار أيسر علي مما ألقى، و أنه ليعلم ما فيها من شدة العذاب ) ، رواه السيوطي في "الجامع الصغير" ، وقال : حسن ، و ابن الملقن في "مستدرك الحاكم" ، وقال : إسناده صحيح ...
وقوله تعالى : ( لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَن ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ) [الأنبياء : 39] ... فالكافر عندما يشهد حرص الله عليه وعميم رحمته و فضله سبحانه ، فلا يكف النار عن وجهه ليخفف ألم عاره النفسي ومن شدة ندمه بما فرط في جنب الله لما قيه الخير لنفسه ؟؟؟ !!! ...
ومن أدرك فضل الله عز و جل وفضل نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ، حينها يعزر و يوقر الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، كما ورد في الآيات التالية :
و بالعودة إلى مقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فإن هذا الحال الذي ارتقى إليه صلى الله عليه وآله وسلم ، في سدرة المنتهى ، رأى فيه من صبغة الربوبية ما يستحيل وصفة وهي آيات ربه الكبرى ( لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ) [النجم : 18] ...
والتفسير العلمي المادي لهذا المقام أن الله أودع في دماغ الإنسان مساحات حسية عصبية صامته يسميها علماء الطب العضوي ، بالخلايا الإستنادية وعددها عشرة أضاف خلايا القشرية المعاشية ، وهي لا تعمل عند الإنسان السوي الطبيعي ، لذلك تموت بنسبة 4000 خلية عصبية يومياً وهو ما يفسر حالة الخرف مع تقدم السن ...
فالخلايا القشرية تشمل فيما تشمل ، خلايا الوعي الحسي و الفكري أو الذهني ولكن مهمة الخلايا الإستنادية أو النبيلة كما يسميها الصالحين توسيع الوعي الذهني و الحسي بشكل مفرط يقوي و يرقي بشكل مفتوح للمشاعر الإيمانية الذوقية و بها تتوسع المدارك المعرفية لدرجة التحقق بالعقل الإيماني و الشهودي عند المؤمن والله يزيد المحسنين ...
وهو ما يعني أن هذه الخلايا في حالة عملها الكامل فإنها تولد استفاضة بالمكاشفات العقلية بشكل لا يمكن تخيلها ، مع قوى ذهنية مفرطة حرة غير محدودة إضافة إلى مشاعر حسية جياشة عارمة ، والجهة الوحيدة التي حظيت بكمال السيطرة على هذه البنية العصبية الهائلة ، هو العبقري الأعظم سيد المحسنين صلى الله عليه وآله وسلم فالطاقة الكامنة أو ما يعرف بالنور الذي أحيا وأيقظ بها هذه الخلايا النائمة كان لا محدود أي مطلق من الله عز و جل ...
وبعد هذه المقدمة الرائعة عن فتوحات قلب سيد القلوب صلى الله عليه وآله وسلم ...
نعود لموضوعنا الأساسي بعد أن أضأنا طرف من كمال فضائل المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم .... الذي لا يعرف قدره إلا رب العزة و الجلال سبحانه ...
فقد تكلمنا في بحثنا السابق الذي كان بعنوان " فضائل العالم وموبقاته" عن خطورة ومفاتن العالم و التي أشار إليها المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في قوله : ( كل العلماء هلكى إلا العاملون ، وكل العاملون هلكى إلا المخلصون ، والمخلصون على خطر عظيم ) رواه الصغاني في "موضوعاته" ... وورد في "اقتضاء العلم " ، في رواية التستري .
ويقول أحد الصالحين من ورثة قلب النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم في الولاية ( لا بد من العلم ، والعلم لا يكفي ، فلا بد من العمل ، والعمل لا يكفي ، فلا بد من الإخلاص ، والإخلاص لا يكفي ، إلا لمن تبرئ من حوله وقوته إلى حول الله وقوته ) ...
ويبين قول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، إمام الأولياء وباب العلم ، وترجمان قلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، الإمام "علي" كرم الله وجهه : ( المخلصين على خطر عظيم ، ما لم يبلغوا حق اليقين ، ويؤمنوا بالله العظيم ) ...
لقوله صلى الله عليه وسلم : ( الصبر نصف الإيمان ، و اليقين الإيمان ) ، رواه البيهقي في "شعب الإيمان" ...
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( اليقين الإيمان كله ) ، رواه البخاري في "صحيحة" ، وابن الملقن في "مستدرك الحاكم" ، وقال : إسناده صحيح ، كما رواه البيهقي في "شعب الإيمان"...
ويحقق ذلك كله قوله تعالى في كتابة العزيز : ( ِإنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ۞ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) [العصر : 3] ...
فالذين أمنوا أي عرفوا حتى علموا ، ثم ثمنوا علمهم بعملهم فتحققوا بنور التقوى بأن جعلوا قلوبهم خالصة لله وحده ، فشهدوا حقيقة التوحيد ... والتواصي بالحق هو أن تقر إقراراً عقلياً تدرك من خلال حقيقة الإيمان والوحدانية ، بأن كل ما يسوقه الله هو خير صرف حتى لو سبق ذلك بلاء من الله و دركات قبل الفتح المبين وهو التواصي بالصبر ...
و التحقيق يكون بالآية : ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [آل عمران : 26] صدق الله العظيم ...
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم من بعض حجره فدخل المسجد فإذا هو بحلقتين إحداهما يقرؤون القرآن ويدعون الله والأخرى يتعلمون ويعلمون فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كل على خير . هؤلاء يقرؤون القرآن ويدعون الله ، فإن شاء أعطاهم ، وإن شاء منعهم وهؤلاء يتعلمون ويعلمون . وإنما بعثت معلما ) ، رواه العراقي في "الباعث إلى الخلاص" وفي "تخريج الإحياء" ، ورواه البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة" ...
يقول باب مدينة العلم ذو السبطين "على" كرم الله وجهه : ( الناس ثلاث : عالم رباني ، ومتعلم على سبيل النجاة ، وهمج رعاع أتباع كل نعاعق ، يميلون كيفما مالت الريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق )
فالعلم الحق هو الشهود القلبي وعكسه العمى ...
لقوله تعالى : ( أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ ) [الرعد : 19] ... لأن الجهل عكس المعرفة ...
ومنه نقول فلان علم في قومه أي مشهود له في قومه ...
وعلم القيمة أو علم القلب أو علم الجنان كما ورد في الأثر الشريف هو ما علَم أو نقش أو وثق أو ثبت في القلب فأرقاه بحقيقة التوحيد ، ثم سيطر عليه بحقيقة التقوى فوقاه ...
عدل سابقا من قبل النقشبندى في الأربعاء فبراير 01, 2017 7:18 pm عدل 1 مرات
النقشبندى إدارة المنتدى
العمر : 47
موضوع: ما هي الولاية الأربعاء فبراير 01, 2017 7:18 pm
هذا العلم فما هي الولاية ؟؟؟ !!! ... فالولاية من الولاء و الولاء وهو إخلاص وصدق في القلب يترجمه العمل و السلوك ... فالولي هو من تولى أمر الله في تقاه فولاه الله وجهه في علاه ، ثم تولاه برحمته فوقاه ، وولاه عبده الذي انتقاه ، أي خواص خلقه وقد يشمل ذلك العالم أو العارف بالله حتى يوصله بحر الأمان بكمال المعرفة بالله ... لقد جعل الله قلوب الأولياء الصالحين مهبط الرحمات الربانية ... لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن الله جل وعز خلق مئة رحمة فرحمة بين خلقه يتراحمون بها وادخر لأوليائه تسعة وتسعين ) ، رواه الهيثمي في "مجمع الزوائد" ، وقال: رجاله ثقات ... لذلك الولي الصالح يسمى بالحكيم الرحماني ، لأنه يسدد الرحمة بالحق في قلوب الخلق... لما تحلى به قلبه ومحاسن الأخلاق الربانية ومنها الرأفة و الشفقة و الرفق
فالرأفة هي الرحمة الشديدة أو الرحمة الوقائية ، وهي أن يمنع الولي مريده أو من وكل به من أن يصل إلى حالة المعالجة الرحمانية من الله ويكون ذلك بالحكمة و الرفق و الشفقة ... لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله ) ، رواه البخاري في "صحيحة" ... وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن الله رفيق يحب الرفق . ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف . وما لا يعطي على ما سواه ) ، رواه مسلم في "صحيحة" ... وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه . ولا ينزع من شيء إلا شانه ) ، رواه مسلم في "صحيحة" ... وورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم : ( من يحرم الرفق يحرم الخير كله ) ، رواه أبو داود في "سننه" ... ويكون الأمر أيضاً بالشفقة وهي من معاني الرحمة ... يقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : ( الشفقة على خلق الله تعظيم لأمر الله ) ، رواه الزرقاني في "مختصر المقاصد" ، و القاوقجي في "اللؤلؤ المرصوع" ، و السخاوي في "المقاصد الحسنة" ... كما أنهم يجتذبون أفئدة الناس بزهدهم ما لدى الناس لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( أزهد في الدنيا يحبك الله ، وأزهد ما في أيدي الناس يحبك الناس ) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" ، و ابن الملقن في "مستدرك الحاكم" ، ورواه النووي في " بستان العارفين" و "الأربعون النووية" و "الأذكار" و "تحقيق رياض الصالحين" ، وقال: حديث حسن ، وهو رواه الدمياطي في "المتجر الرابح" ... ويجتذبونها بتام استقامتهم لأن الاستقامة دعة صامته إلى الله تجتذب الفطرة السليمة في قلوب الخلق و العباد ... فهم المتقون الموقون لإخوانهم بالله ... أي أنهم يحبون بالله لله ... وهم بذلك يطبقون أفضل الأعمال أو أوثق عرى الإيمان ... لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله ) . رواه أبو داود في "سننه" بلفظ ( أفضل الأعمال ) ، ورواه العراقي في "تخريج الإحياء" ، و البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة " ... والذي يوثقه قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى يحب المرء لا يحبه إلا لله ) ... رواه البخاري ومسلم في "الصحيحين" ... ويطابق ذلك كله قول الله تعالى في كتابه العزيز : ( لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) [المجادلة : 22] صدق الله العظيم ... فالولي يتفانى فيمن وكل به لعلو الرحمة في قلبه ولشدة محبة الله وفنائه به ( ... وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ ... ) [البقرة : 165] ... وهي من أسمى فضائل الولاية ... سأل أحدهم سلطان العارفين " أبو يزيد البسطامي" قدس الله سره العزيز ، كيف أتقرب إلى الله فقال : ( بأن تحب أولياء الله حتى يحبوك ، فإن الله عز وجل دائم النظر إلى قلوب أوليائه فإن وجد فيها أسمك غفر لك ) ... فالولي هو الأب الروحاني لمن تولاه و القائم على شؤونه وخدمته حتى يجعل منه رباني ويجعله يسبقه إلى الله ... من إيثاره وهي الفضيلة الثانية ... لقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) [الحشر : 9] ... تبوؤوا الدار والإيمان أي كشف الله لهم مقامهم في الدارين ... وهذا حال الولي الصالح مع العلماء العاملين ، حتى يتوج بالولاية فيصبح أحدهم عالم رباني غوث وارثاً "عالم صديق" يخرج العلماء العاملين و الفقهاء ... أي مهمة الولي صنع وتهيئة الإمام الرباني الوارث ... وهم الأخفياء الأتقياء الذين أفنوا أنفسهم حبا بالله ، واسكنوا أفئدتهم به سبحانه ... حالهم حال الشوق وهم طور الأبرار ... يقول الله تعالى بالأثر القدسي : ( لقد طال شوق الأبرار إلى لقائي وأنا إلى لقائهم أشد شوقا ) ، رواه العراقي في "تخريج الإحياء" ، وابن السبكي في "طبقات الشافعية الكبرى" ، السفاريني الحنبلي في "القول العلي" وقال : أثر إسرائيلي أي عن أنبياء بني إسرائيل ... ومقامهم مقام العشق وهم من المقربين الأحرار ... لقوله تعالى : ( وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ) [الحج : 23] ، فحرير على وزن فعيل أي منبع الحرية ... يقول ترجمان القرآن الأكبر الإمام "علي" كرم وجهه : ( العباد ثلاث : منهم من عبد الله رهبة فأولئك هم العبيد ، ومنهم من عبد الله رغبة فأولئك هم التجار ، ومنهم من عبد الله شاكراً فأولئك هم الأحرار ) ... وهم كما اختصهم الله بتأديب العلماء ، اختصهم بقضاء حوائج الناس ؟!... لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إذا أراد الله بعبده خيرا صير حوائج الناس إليه ) رواه العراقي في "تخريج الإحياء" ... ويقول صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن لله عز وجل عبادا خلقهم لحوائج الناس ، فقضاء حوائج الناس على أيديهم أولئك الآمنون من فزع يوم القيامة ) رواه السخاوي في "الأجوبة العلية" ... وفي الأثر القدسي : ( إن لي عباد اختصصتهم بقضاء حوائج الناس ، حببتهم بالخير وحببت الخير بهم أولئك الآمنون من عذابي يوم القيامة ) ... ورد في أدب الدنيا و الدين لابن أبي الدنيا في باب قضاء حوائج الناس ... وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إذا أراد الله بعبده خيرا صير حوائج الناس إليه ) ، رواه العراقي في "تخريج الإحياء" ... فهم لا أحد يعلم بما خصهم الله من العناية و السر و لا يظهرون إلا على من اصطفاه الله ، فقد ورد بالأثر القدسي : ( أوليائي تحت قبابي لا يعرفهم غيري ) ...
وهم تحت قباب الله أي تحت عنايته و حفظه ...
فما مقصودهم جنات عدن ، ولا مقصودهم حور القصار ، ولكن مقصودهم نظر الجليل حيناً ولقائهم فيه هو الظفر الكبير ...
فالدنيا عند أهل الله ملعونة مشكوكة ومشكوك ما فيها ؟؟؟ !!! ...
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم أو متعلم ) رواه الترمذي ، و ابن ماجه في "سننهما" ...
وفي سنن أبي داود ، قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان لله عز وجل منها ) ... وما فيها ليس أثر يدل على المؤثر كما عند العلماء ولكن مظهر يدل على المظهر ، ومعبر يعرج فيه إلى معارج القدس عند المليك الأعظم ... فالدنيا موجودة بالله ظاهرة فيه سبحانه وهو غائب عن العيان لفرط ظهوره ... و لا تلتفت له الأعيان لدوام هذا الظهور فلو غاب سنة من زمن أي أقل من أجزاء الأجزاء من أجزاء الثانية لفني وزال كل شيء زوال مطلقاً بما في ذلك أجزاء الأجزاء من المكونات الذرة في الوجود ... وصدق الصادق الأمين صلى الله عليه وآله وسلم حين قال : ( أشعر كلمة تكلمت بها العرب كلمة لبيد : ألا كل شيء ما خلا الله باطل ) ، رواه مسلم في "صحيحة" ، و رواه البخاري في "صحيحة" ، بلفظ ( أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد : ألا كل .... ) ... ولا يشعر به عند العوام لفرط قربه سبحانه لأنه أقرب إلينا من لحمنا ودمنا وأعصابنا وذاتنا وأقرب ألينا من حبل الحياة " حبل الوريد " ؟؟ !!! ... يقول الله تعالى : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) [قـ : 16] صدق الله العظيم ... لأن الولي ليس في قلبه إلا الله وأحباب الله ... فالأولياء هم المفردون ؟؟؟!!! ... سبق المفردون " قالوا : وما المفردون ؟ يا رسول الله ! قال : ( الذاكرون الله كثيرا ، والذاكرات ) ، رواه مسلم في "صحيحة" .... و المفردون أي المتفردون بالله الذين كما يصفهم المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، من اهترت أنفسهم فيه شوقاً وحباً لله العظيم ... سبق المفردون ، قالوا : يا رسول الله وما المفردون ؟ قال : ( المستهترون في ذكر الله . يضع الذكر عنهم أثقالهم ، فيأتون يوم القيامة خفافا ) ، رواه الترمذي في "سننه" ، و البيهقي في شعب الإيمان ، وفي رواية ابن القيسراني في "ذخيرة الحفاظ" قوله : ( الذين يهترون بذكر الله ، يضع الذكر عنهم ......... ) ... قال أحد العارفين بالله في أخر حياته بعد أن تفرد بالحق : ( الحمد لله الذي اجتبانا من أوحال التوحيد ، إلى أنوار التفريد ) أي من الأثر إلى المؤثر ... أي غرق في عين بحر الوحدة ، فلم يعد يرى أو يسمع أو يعي إلا الله سبحانه وتعالى ... ومنه نفهم قول المتفرد الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا يعرف الله إلا الله )... ونفهم قول الصديق الأكبر "أبو بكر" رضي الله عنه وأرضاه : ( عرفت ربي بربي ، ولولا ربي ما عرفت ربي ) ... وقول وريثه الأبهر " أبو يريد الأكبر" قدس الله سره العزيز : ( عرفت الله بالله وعرفت ما دونه بنوره ) ... وقول سلطان العارفين أيضاً : ( كنت أخاطب الناس أربعين عاماً و الناس يظنون أي أخاطبهم ؟؟؟ !!!) ... وعندما قصده أحد مريدي ذو النون المصري في منزله وطرق الباب فقال سلطان العارفين من تريد ، قال : أبا يزيد ، فأجابه ليس في البيت سوى الله ؟؟؟ !!! ... فهم ملوك الفناء بالذكر و المذكور ، لأن الذكر من التذكر وعند أولياء الله دوام الحضور مع الله ... الذين وصفهم الله عز وجل في كتابه العزيز : ( ِإنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ) [الأعراف : 206] وقوله عز من قائل : (ُيسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ) [الأنبياء : 20] ... وهم عند ربهم لأن أرواحهم في الدنيا وقلوبهم في الآخرة ... قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( خيار أمتي فيما أنبأني الملأ الأعلى قوم يضحكون جهراً في سعة رحمة ربهم ، و يبكون سراً من خوف شدة عذاب ربهم ، ويذكرون ربهم بالغداة و العشي في البيوت الطيبة ، المساجد ، و يدعونه بألسنتهم رغباً ورهباً و يسألونه بأيديهم خفضاً و رفعاً ، و يقبلون على الله بقلوبهم عوداً و بدءاً ، فمؤنتهم على الناس خفيفة ، وعلى أنفسهم ثقيلة ، يدبون على الأرض حفاة على أقدامهم كدبيب النمل بلا مراح ولا بذخ يمشون بالسكينة و يتقربون بالوسيلة ، و يقرؤون القرآن ، و يقربون القربان ، و يلبسون الخلقان ، عليهم من الله شهود حاضرة وعين حافظة ، يتوسمون العباد ، و يتفكرون في البلاد ، و أرواحهم في الدنيا ، وقلوبهم في الآخرة ، ليس لهم هم إلا إمامهم ، أعدوا الجهاز لقبورهم و الجواز لسبيلهم والاستعداد لمقامهم ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( .... ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ ) [إبراهيم : 14] صدق الله العظيم ... ) ، رواه البيهقي في "شعب الإيمان" ، وابن الملقن في "مستدرك الحاكم " ... فهم لا يفتر ذكرهم بل يزيد ويدوم وهم أولي الألباب كالذين أوتوا العلم "أصحاب العقول" ... ولكن واللب عند العلماء هو العقل المستنير بالله ، لأن اللب هو قلب القلب ، وهو عند أهل الله هو وجه الله المنير الأعظم في عين قلب سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ... وهم القوم الذين يَذَّكَّرُونَ ( .... وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ ) [البقرة : 269] صدق الله العظيم ... سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أولياء الله ؟ قال : ( الذين إذا رؤوا ذكر الله ) ، رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" ... قال الله عز وجل في الحديث القدسي : ( إن أوليائي من عبادي وأحبائي من خلقي الذين يذكرون بذكري ، وأذكر بذكرهم )، رواه الإمام أحمد في "مسنده" ، و رواه الذهبي في "سير الأعلام النبلاء" ، والطبراني في "الكبير" ... فذكر الله عندهم شفاء القلوب لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( ذكر الله شفاء القلوب ) ، رواه السيوطي في " الجامع الصغير " ..... ولأن ذكر الله يجعل الذاكر محط أنظار الله ومحبته كما ورد بالأثر : ( من أكثر ذكر الله أحبه الله )... والأولياء هم خلفاء الصحابة الأنصار ... عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ، في الأنصار : ( لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق ، من أحبهم أحبه الله ، ومن أبغضهم أبغضه الله ) ، رواه مسلم في "صحيحة"... وهم يخفون كرامتهم كما يخفون عوراتهم ... لقوله تعالى : ( قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ) [الكهف : 22] صدق الله العظيم ... والقليل هم أقرنهم من الأولياء وخواص مريديهم ، لأن أسرارهم لا تباح إلا لأهلها لما تورثه من رهبة وتنفير للعوام ، شهرة عند بعض الناس ... لقوله تعالى : (َلوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً ) [الكهف : 18] ... لأن الإطلاع يكون على الأسرار المخفية ، يقال اطلع على مكنون أو مضمون الكتاب أي على خفاياه أو ما انطوى في سطوره وصفحاته ... ولا يكشف هذا الستر من السر إلا في حالة السكر في محبة الله وفي حالة الغياب فيه عن الإدراك الواعي ... وهي إحدى عثرات الولي الصالح ... وقد وشي إلى أمام الطائفتين وتاج العارفين " أبو القاسم الجنيد " قدس سره ، عن شيخ مشايخه الإمام الرباني الوارث ، سلطان العارفين " أبو يزيد البسطامي" قدس الله سره العزيز ، عن جيرانه أنهم سمعوه في منزله أثناء غيابه بالذكر وأنينه بحضوره مع الله أنه يصرخ بعظائم الكبائر ... فأجابهم الإمام "الجنيد" قدس سره : ( دعوا أبا يزيد فإن مقامه يشفع حاله ، فالرجل استهلك ، فنطق بما هلك به ، لذهوله بالحق عن رؤية إياه ، فلم يشهد بالحق إلا الحق ) ... ولا يصبح الولي ولي حتى يكون عارف بالله يفوق بما خصه الله به من العلم اللدني أو الرباني ، علم الفقيه و العالم العامل ... لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( ما اتخذ الله ولياً جاهلاً قط ولو اتخذه لعلمه ) ، رواه الزرقاني في "مختصر المقاصد" ، و القاوقجي في "اللؤلؤ المرصوع " ... لقوله تعالى : ( وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) [البقرة : 282] صدق الله العظيم ... لأن الأولياء هم المتقين ... لقوله تعالى : ( ..... إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ) [الأنفال : 34] صدق الله العظيم ... ولا يفوق الولي الصالح سوى العالم الرباني الوارث بوراثته لقلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ... ومع ذلك فهم السادة ؟! ... فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم : ( العلماء قادة ، و المتقون سادة ، ومجالستهم زيادة ) ، رواه السيوطي في "الجامع الصغير" ، والعجلوني في "كشف الخفاء" ، وقال : رجاله ثقات ... فعلم الولي علم إلهامي مفتوح يأتي بقدر الحاجة و المهمة التي توكل إليه وقد يرتضي الله له شيء من علم غيبه أحياناً لأنه رسول من الله إلى عباده المخلصين ... يقول سلطان العارفين "أبو يزيد البسطامي" قدس الله سره العزيز عن لسان الأولياء الصالحين وهو أجلهم في زمانه : ( علمنا علم رباني متى ما احتجناه وجدناه ، وهو هبة الله عن الله ومن قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( من عمل بما علم أورثة الله علم ما لم يعلم ووفقه فيما يعمل حتى يستوفي الجنة ) . ) ... وعن ما يرتضيه له الله من علم الغيب ... لقوله تعالى : ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً ۞ إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ۞ لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً ) [الجن : 28] صدق الله العظيم ... نجد أكبر دليل على ذلك ما حدث بين سيدنا الخضر الولي الصالح ، وسيدنا موسى صلى الله عليه وسلم في كتاب الله في سورة الكهف ... وهي : خرق السفينة و قتل الصبي و إقامة الحائط ... وهي كلها مغيبات ... وهم عباد الرحمن ... لقوله تعالى : ( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً ) [الفرقان : 63] ... ويمشون على الأرض هونا ، أي بالهينة لأن على من العلو ، بمعنى الاستهانة بالدنيا فهي مطيتهم للخير فلا يهمهم منها إلا ما يقربهم لله وما يلتمسون به من نوره سبحانه وتعالى ... وهونا بابتعادهم عن الشهرة أو المناصب أو حتى أن يعرفوا ... وهونا بمعاملة الناس بلطف و تودد ولين ووداعه ... فهم يحسنون لمن أساء إليهم ويعفون عمن ظلمهم ، ويعطون من منعهم ، ويصلون من قطعهم وإن أمروا من الله بقول الحق فلا يخافون في قولهم لومة لائم ، تيمننا بقبلة الأولياء صلى الله عليه وآله وسلم الذي يقول : ( صل من قطعك، وأحسن إلى من أساء إليك، وقل الحق ولو على نفسك ) ، رواه السيوطي في " الجامع الصغير" ، وقال : إسناده صحيح ... قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ألا أدلكم على أكرم أخلاق الدنيا و الآخرة ، تعفو عمن ظلمك ، و تعطي من حرمك ، و تصل من قطعك ) رواه البيهقي في "سننه الكبرى" و في "شعب الإيمان" ... وعنه صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( أفضل الفضائل أن تصل من قطعك ، و تعطي من منعك ، و تصفح عمن شتمك ) رواه الإمام أحمد في "مسنده" ... ومنظارهم إلى الناس عين الرحمة ... يقول الإمام الوارث الرباني ، سلطان العارفين " أبو يزيد البسطامي" قدس الله سره العلي : ( من نظر إلى الناس بعين العلم مقتهم ، ومن نظر إليهم بعين الرحمة عزرهم ) ... وورد بالأثر : ( التمس لأخيك سبعين عذراً ) ... وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( انصر أخاك ظالماُ أو مظلوماً ) رواه البخاري في "صحيحة" ... وقد ورد عن الإمام الأعظم "أبو حنيفة النعمان" رضي الله عنه أنه قال : ( كان إذا ذكر لي بالرجل مئة سيئة ، و ذكر لي فيه حسنة واحدة ، تركت المائة و أخذت بالواحدة ) ... فهذا مسلك الأولياء الصالحين ... وكانت من عثرات الأولياء لبس الرث من الثياب و التعفف عن أطايب الطعام ولو وجد أو قدم لهم ... من باب الزهد و الورع ... يقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا لما به البأس ) ، رواه الترمذي في "سننه" ... وورد بالأثر : ( دع خيراً الشر عليه يربو ) ... وقد صحح هذا الأمر وحسنه قطب الأولياء الإمام "أبو حسن الشاذلي " قدس سره مجدد الطريقة الصديقة ... فأصبحوا يأكلون أطايب الطعام دون شبع ، ويلبسون اللائق من الثياب دون إسراف ... امتثال لما ورد في كتاب الله عز وجل عن أصحاب الكهف وهم أهل الولاية في هذا الشأن : ( َولْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ ) [الكهف : 19] صدق الله العظيم ... ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) [البقرة : 172] صدق الله العظيم ... والدليل الجامع بين اللباس الجميل وعدم الإسراف أو الشبع من الطعام ... قوله تعالى ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) [الأعراف : 31] ... فقد ورد بالأثر : ( نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع ) لأن الإيمان لا يدخل قلب شبعان ولأن البطنة تذهب الفطنة ولأن الخير مجموع في ثنايا الجوع ولأن الجوع و العطش يضيفان مجاري الشيطان ... وورد بالأثر : ( تزينوا حتى تكونوا شامة ) ... وقول الفاروق الأكبر "عمر" رضي الله عنه و أرضاه : ( ألبسوا لباس عصركم لا المشهور منه و لا المهجور ) ... فقد سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة . فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن الله جميل يحب الجمال ) ، رواه مسلم في "صحيحة" ... فمفهوم الزهد الذي اختص به الأولياء قدس الله أسرارهم ليس بلبس الصوف وأكل لمم الطعام واعتزال الناس أي الرهبانية ، فذلك مخالف لأصل السنة النبوية المشرفة ... جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : أوصني ، فقال : ( سألت عما سألت عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم من قبلك ، أوصيك بتقوى الله فإنه رأس كل شيء ، وعليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام ، وعليك بذكر الله وتلاوة القرآن فإنه روحك في السماء و ذكرك في الأرض ) رواه الإمام أحمد في "مسنده" ... فالجهاد في سبيل الله ، في زماننا عند أهل الولاية هو جهاد النفس و الهوى ... كما ورد في الأثر : ( عدنا من الجهاد الأصغر"جهاد السيف" إلى الجهاد الأكبر جهاد النفس و الهوى ) ... وقد روي هذا الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، في غزوة تبوك ، بلفظ ( مجاهدة العبد هواه ) عن السيوطي في "الجامع الصغير"... لكن حقيقة الزهد في الإسلام هو الارتقاء عن مغريات الدنيا ، أي تكون الدنيا في يدك لا في قلبك ... فقد ورد في "ذم الدنيا" لابن أبي الدنيا قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( بلغنا أنه أوحي إلى الدنيا من خدمك فأتعبيه ، و من خدمني فاخدميه ) ... يقول المسيح المنتظر صلوات الله وسلامه عليه ، إن أَوْحَى اللَّهُ إلَى الدُّنْيَا: ( أن يا دنيا مَنْ خَدَمَنِي فَاخْدِمِيهِ ، وَمَنْ خَدَمَك فَاسْتَخْدِمِيهِ ) ورد في أدب الدنيا و الدين لأبي الحسن البصري الماوردي ... يقول صلى الله عليه وآله وسلم : ( من كان همه الآخرة جمع الله شمله و جعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة ، و من كانت نيته الدنيا ، فرق الله عليه ضيعته و جعل فقره بين عينيه ، و لم يأته من الدنيا إلا ما كتب له ) رواه الإمام أحمد في "مسنده" ... وعنه صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث القدسي قول الله تعالى : ( من كان همه وهواه في محبتي كان صمته عندي تقديساً و تسبيحاً و وقاراً ) ، رواه البيهقي في "شعب الإيمان" ... وهذا هو الاختبار الصعب عند الأخيار الأحرار المقربين من أولياء الله عز وجل ... حتى يكونوا من الأحرار السابقون أصحاب الإرادة الربانية ... لقول الفاروق الأكبر رضي الله عنه : ( إن لله رجال إذا أرادوا أراد ) ... وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره ) ، رواه مسلم في "صيحة" ... وفي رواية أخرى : ( كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره منهم البراء بن مالك ) رواه الترمذي في "سننه" ، وقال : صحيح حسن ... ويبين ذلك كله : قول الله تعالى : ( وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ۞ لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ ) [الزمر :33-34] صدق الله العظيم ... وعند ربهم أي عند القائم على شؤونهم في الدنيا و الآخرة ... وهم جلساء الرحمن يوم الحساب و في الجنة على منابر من نور ... يقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : ( جلساء الرحمن يوم القيامة من جعل فيه خصال الكرم و السخاء والحلم و الرحمة و الرأفة و الشكر و البر و الصبر ) أورده ابن أبي الدنيا في كتاب "الشكر لله عز وجل" ... في قضاء الولايات المتحدة الأمريكية يوجد ما يعرف بمجلس المحلفين ، وهم أناس منتقون عهد عنهم الالتزام القانوني و الأخلاقي إضافة إلى الخبرة القضائية كقضاة ومحامين ... مهمتهم تقرير أن المتهم مذنب أم غير مذنب ، ليتمكن القاضي بدوره من تقرير الحكم ... و المثل الأعلى لله عز و جل فمجلس المحلفين يوم القيامة هم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأولياء الله الصالحين ويشاركهم بذلك العلماء ولكن مشاركة تكريمية وليست متأصلة كما عند أهل الله وخاصته ، فالمكانة الفضلى لأولياء الله في ذلك الموقف ... وقد ورد بالأثر عن أهل القلوب : ( يحشر قوم من أمتي يوم القيامة على منابر من نور, يمرون على الصراط كالبرق الخاطف, نورهم تشخص منه الأبصار لا هم بالأنبياء , ولا شهداء. إنهم قوم تقضى على أيديهم حوائج الناس ) ... ويؤيد ذلك في المنقول : قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن المقسطين ، عند الله ، على منابر من نور . عن يمين الرحمن عز وجل . وكلتا يديه يمين ؛ الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا ) ، رواه مسلم في "صحيحة" ... و قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن لله عبادا يجلسهم يوم القيامة على منابر من نور يغشي وجوههم النور حتى يفرغ من حساب الخلائق ) ، رواه المنذري في "الترغيب والترهيب" ، و الدمياطي في "المتجر الرابح" ، وقالا فيه : إسناده جيد ... وعنه صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن لله جلساء يوم القيامة عن يمين العرش، وكلتا يدي الله يمين على منابر من نور وجوههم من نور ليسوا بأنبياء ولا شهداء ولا صديقين قيل: يا رسول الله من هم؟ قال: هم المتحابون بجلال الله تبارك وتعالى ) ، رواه الدمياطي في "المتجر الرابح" ، وقال : إسناده حسن ... وفي الأثر القدسي يقول الله عز وجل : ( المتحابون بجلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون و الشهداء ) . رواه الترمذي في "سننه"... ويغبطهم أيضاً ورثة الأنبياء وهم العلماء ... ويقول الله تعالى في الحديث القدسي : ( أين المتحابون بجلالي ، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي ) ، رواه مسلم في "صحيحة" ... ويصدق ذلك كله قوله تعالى في كتابه العزيز : ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ۞ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ) [القمر : 55] ... وجنات هنا أي تحت ظلال الله وفي كنفه لأن الجنة من التغطية و التظليل يقال جنا الليل أي غطى وأظل وبظلمته ... ونهر من جمع نهار فضوء النهار ينهر الظلمة النور ، وهو فيض الإشراق بالله و الكشف بالله عن أسرار صدور خلق الله ... وقوله وهو العلي القدير : ( وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ۞ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ۞ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ ۞ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ۞ لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ [قـ :31-35] صدق الله العظيم ... فالأواب الحفيظ هو المقبل بكليته على الله دون زيغ أو افتتان ، والقلب المنيب هو القلب المدمن على ذكر الله المستهلك بالله الملتفت إليه وحده ، و خشية الرحمن وهي خشية التقصير في الشكر ، هي الخشية في السر و العلانية ، وهي سمة الولي الصالح الذي ، أعطاه الله حرية المشيئة والاختيار فأختار ما عند الله وزاده ما لا يتخيله بشر ... خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وقال : ( إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده ، فاختار ذلك العبد ما عند الله ) رواه البخاري في "صحيحة"... و خشية التقصير مع الرحمن عند الأولياء تكون ، تنقص بزيادة الشكر ... فقد قام النبي صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه ، فقيل له : غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، قال : ( أفلا أكون عبدا شكورا ) رواه البخاري في "صحيحة" ... يقول الله تعالى في الحديث القدسي : ( أعددت لعبادي الصالحين : ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .
المشاركات المنشورة بالمنتدى لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى ولا تمثل إلا رأي أصحابها فقط ولا يتحمّل الموقع أيّة مسؤوليّة عن المواد الّتي يتم عرضها أو نشرها في منتدي الطريقة النقشبندية العلية ويتحمل المستخدمون بالتالي كامل المسؤولية عن كتاباتهم وإدراجاتهم التي تخالف القوانين أو تنتهك حقوق الملكيّة أو حقوق الآخرين أو أي طرف آخر. ادارى المنتدى : محمد عبده النقشبندى