تشكل عملية التدريب على النظافة وضبط الإخراج مشكلة ليس لدى الأطفال أنفسهم فحسب بل الوالدين على حد سواء.
ويزداد الأمر سوءا إذا كان الأبوين احدهما أو كلاهما حريصين على إن يتعلم الطفل عملية الإخراج في سن مبكر - رغم إن العلماء اتفقوا على إن السن المثالي لبدء تعليم الأطفال على عملية الإخراج يبدأ عند وصولهم لسن إلـ(سنه ونصف) – على اعتبار إن الجهاز العضلي العصبي للطفل قد وصل لدرجة النضج التي تساعد الطفل على تقبل تعليمات الوالدين دون إن يشكل ذلك عبئا على الطفل.
إن لجوء الوالدين إلى القسوة والعقاب البدني في تعليم الطفل عملية الإخراج سيؤدي لامحالة إلى نتائج عكسية قد لا تحمد عقباها , نتيجة لأقران الطفل عملية الإخراج بالألم والقسوة – وهنا نكون قد خلقنا مشكلة نفسية أخرى لدى الطفل كاضطرابات الشخصية وسوء التوافق الاجتماعي.
ولهذا على الوالدين الاهتمام بالأساليب والطرق النفسية الصحيحة التي تبعث على الحنان والدفء كــــــــــــــ
• قيام الوالدين بملاحظة العلامات والأوقات التي تشير إلى حاجة الطفل إلى عملية الإخراج , ثم القيام باصطحابه إلى دورة المياه – لان هذا المفهوم سيؤدي بمرور الوقت إلى قيام الطفل بعملية مقارنة بسيطة مابين عملية الإخراج ومكان الإخراج – وهو مايعرف بعلم النفس بالاقتران الشرطي.
• إن عملية الاقتران هذه تحتاج حتى تصبح عادة يقوم بها الطفل من تلقاء نفسه إلى عملية تعزيز أو إثابة أو تشجيع سواء كان هذا التشجيع بالكلام كالتصفيق, والتعزيز الحركي بالحضن عندما ينجز العملية (أي عند خروجه من دورة المياه) , وقد يتوسع الوالدين بإعطاء هدايا رمزية أو مادية متى ما رأوا إن ذلك مناسبا
كيف تحدث عملية التبول
قد لايهم البعض من الإباء والأمهات هذه الفقرة بالذات لانها علمية بحته ولكن من باب رفع الوعي أوردتها. فكما هو معروف للبعض فان عملية التبول تحدث نتيجة لتراكم السائل البولي بالمثانة , حيث إن تراكم البول بالمثانة ووصوله إلى "العتبة الفارقة" سيؤدي إلى الضغط داخل المثانة , وبالتالي فان مستقبلات الضغط في الطبقة العضلية لجدار المثانة سيرسل تنبيها إلى الحبل الشوكي ومنه إلى المخ , وعندها تحدث الرغبة في التبول.
فإذا كانت الظروف غير مناسبة للتبول فان القشرة المخية سترسل نبضات تثبط جدار المثانة وتزيد من مرونته , من خلال القيام بتثبيط العصب الباراسمبثاوي , وكذلك أيضا عن طريق العصب السمبثاوي الذي يحدث ارتخاء في جدار المثانة , مما يسبب انخفاض الضغط داخلها وعندها تقل حدة الرغبة في التبول مؤقتا.
أما إذا كانت الظروف مواتيه فان القشرة المخية سترسل إشارات إلى المنطقة العجزية من الحبل الشوكي التي تصل عبر الأعصاب فتنبه جدار المثانة , وعندها ترتخي العضلة العاصرة الداخلية , ويثبط مركز التحكم في العضلة العاصرة الخارجية وترتخي عضلات المنطقة الشرجية وتنقبض عضلات جدار البطن مع هبوط الحجاب الحاجز والتوقف عن التنفس , حيث عندها يزداد الضغط داخل البطن فيضغط جدار المثانة من الخارج مما يزيد الضغط داخلها بدرجة عالية تساعد على تفريغها.
معدل انتشار التبول اللاارادي:
لحسن الحظ إن اضطراب التبول اللاإرادي يتناقص تدريجيا مع تقدم العمر , فقد ذكرت دراسات وتقارير عديدة إن 82% من الأطفال في سن سنتين يكونوا مصابين بالتبول اللاإرادي بصورة متسقة , بينما النسبة تقل بين أطفال سن الثالثة لتصل إلى 49% , ثم تزداد انخفاضا لتصل إلى 26% عندما يصل عمر الطفل للرابعة , و 7% في سن الخامسة إلى إن تصل 2% عندما يصل عمر الطفل 14 عاما , إلا انه ومع الأسف الشديد تستمر مع 1% من الكبار لأسباب عديدة سوف نأتي عليها لاحقا إن شاء الله.
وتختلف معدلات الانتشار بين الجنسين , حيث إن نسبته بين الذكور اعلى منه بين الإناث, فلو أخذنا سن خمس سنوات على سبيل المثال لوجدنا أن النسبة تصل إلى 7% بين الذكور, بينما لا تتعدى 3% بين الإناث.
أنواع التبول اللاإرادي:
هناك عدة أنواع للتبول اللاإرادي منها:
التبول اللاإرادي الأولي
وهو التبول الذي يبدأ منذ ميلاد الطفل , حيث يستمر حتى بعد وصول الطفل لسن النضوج العضوي, وهذا النوع منتشر بين حوالي 86% من الأطفال.
التبول اللاإرادي الثانوي
وهذا النوع يعرف بان الطفل تحكم بعملية الإفراغ لفترة تتراوح مابين ستة أشهر إلى سنة إلا انه عاد مرة أخرى إلى التبول اللاإرادي , بسبب مروره بظروف أسرية أو اضطرابات انفعالية.
التبول الليلي اللاإرادي
وهذا النوع لايحدث إلا أثناء النوم , وهو من أكثر الحالات انتشارا بين الأطفال حيث تصل نسبة الانتشار إلى 66% , وعادة ما يحدث البول خلال الثلث الأول من الليل , وفي حالات قليلة يحدث خلال فترة النوم المصحوبة بحركة العين السريعة , وهي التي يذكر فيها الطفل حلما أثناء عملية الإفراغ.
التبول النهاري اللاإرادي
وهو عكس الليلي حيث لايحدث التبول إلا إثناء النهار , ونسبته بين الأطفال تصل إلى 2-5% , وأكثر المراحل العمرية التي يظهر بها هذا النوع هو خلال السنوات الأولى من دخول المدرسة , ولعل ذلك مرتبط بانتقال الطفل من بيئة المنزلية إلى بيئة جديدة لم يألفها من قبل.
التبول اللاإرادي النهاري/الليلي
وهذا النوع يشمل النوعين الليلي والنهاري وهو ينتشر بين حوالي ثلث حالات التبول اللاإرادي.
التبول اللاإرادي المزمن
وهذا النوع يحدث بشكل انتكاسي بعد شفاء مؤقت , ولربما يعود بسبب الرغبة في جذب انتباه الوالدين , أو لأسباب عضوية وعصبية. وهذا النوع يكون مصاحبا باضطرابات نفسية.
التبول اللاإرادي المرتبط بالأحداث
وهذا النوع من اسمه يعني إن التبول مرتبط بحدث معين مثل التخويف من شي معين , أو العنف والشجار الأسري أو الخوف من الامتحان أو الخوف من الانفصال , أو البعد عن الوالدين وبالذات الأم , أو تغيير المسكن أو المدرسة , أو حتى قدوم مولود جديد.
أما النوع الأخير فهو التبول اللاإرادي الغير منتظم
ويقصد بذلك إن حالات التبول غير ثابتة ومتباعدة ومرتبطة بأحداث اليوم والليلة, حيث أنها تظهر بعد شهر أو اقل أو أكثر, بمعنى حدوثها غير ثابت.
أسباب التبول اللاإرادي
هناك أسباب عديدة للتبول اللاإرادي, لعل من أهمها:
الأسباب النفسية أو الانفعالية
مثل:
• الخوف: كالخوف من الظلام أو بعض الحيوانات أو مشاهدة أفلام رعب.
• القلق: وبالذات قلق الانفصال واعني بذلك عندما يشاهد الطفل الخصام والشجار بين الوالدين , أو عندما ينفصل الطفل عن أمه , أو عندما يذهب لأول مرة للمدرسة , أو عندما يأتي طفل جديد.
• الغيرة: وخاصة عندما يأتي طفل جديد, فهو يعود للنكوص للماضي بعملية الإفراغ للفت الانتباه عله ينعم بتلك الأيام الخوالي عندما كان ينعم لوحده يسرح ويمرح بالحب والحنان.
• مشاعر الذنب: فكما ذكرنا سابقا إن التبول الأولى يحدث لحوالي 86% من الأطفال مع بداية تعليمهم عملية الإفراغ , فإذا وبخ الوالدين الطفل في هذه المرحلة فانه يتولد لديهم مشاعر الإحساس بالذنب , ولربما هذا مايجعلهم يستمرون لا إراديا في نهجهم هذا.
الأسباب التربوية والاجتماعية
هذه الأسباب مرتبطة بوسائل التربية والتي من أهمها:
• تقصير الوالدين في تدريب الطفل على عملية الإخراج.
• الاهتمام المبالغ فيه في التدريب على النظافة وضبط الإخراج.
• التعجيل في تدريب الطفل على التحكم بالإفراغ قد يؤدي لنتائج عكسية.
• المبالغة في التسامح والحماية والتساهل في عملية الإفراغ.
• التفكك الأسري وفقدان الطفل للامان الأسري.
• ولربما بعد دورة المياه كوجودها خارج المنزل بفناء المنزل على سبيل المثال.
الأسباب العضوية
كإمراض الجهاز البولي كالتهاب مجرى البول أو ضعف صمامات المثانة أو التهاب المستقيم أو فتحة البول الخارجية أو عدم نضج الجهاز العصبي , بل إن تضخم اللوزتين والزوائد الأنفية قد يؤدي إلى تفريغ المثانة إثناء النوم.
العلاج
العلاج في هذه الحالة يركز على الأبوين والأسرة, فلو أخذنا:
العلاج الأسري
كـــــــــــــــــــا
• إتباع نظام دقيق جدا في مواعيد الإفراغ.
• تعليم الطفل بالذهاب لدورة المياه كل 5 ساعات.
• منع الطفل من أكل بعض الوجبات التي تتطلب شرب كميات كبيرة من الماء كالمواد الحريفة أو شديدة الملوحة.
• منع الطفل من شرب السوائل من الساعة السابعة مساءا.
• لابد من إلزام الطفل بإفراغ مثانته قبل النوم.
• لابد من إيقاظه على الأقل مرتين إثناء النوم وبالذات خلال الثلاث ساعات الأولى.
• إذا كان الطفل يخاف من الظلام تترك له الإضاءة.
• إشباع حبه للأمن والتقدير والعطف والحنان.
• عدم توبيخ الطفل أو إظهار التقزز منه إذا بلل ملابسه.
• مكافئته ماديا ومعنويا إذا لم يبلل فراشه.
العلاج السلوكي
ويقصد هنا بالعلاج السلوكي العلاج الشرطي بالجرس أو الوسادة التي تربط بجرس يزعج الطفل عن حدوث البلل فيدفع هذا الأمر الطفل إلى تجنب إزعاج الجرس وبالتالي التحكم بعملية الإخراج.
هذه العملية مجدية لكنها مملة للوالدين.
العلاج النفسي
وهو مفيد للحالات المصاحبة لعملية الإخراج كمشاعر الغيرة والقلق والخوف والثقة بالنفس وتعديل العادات الغير صحيحة.