الولاية والصديقية
قال له القائل: فللخير إقبال ودولة، ثم له إدبار. وللشر إقبال ودولة: ف(لعل وقتنا هذا) أوان ذلك. وجاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: (لا يأتي عليكم زمان إلا وبعده شر منه، سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم)- فكيف يجوز أن يكون في هذا الوقت من له حظ الولاية والصديقية؟.
قال: أن الولاية والصديقية ليستا من الزمان في شيء .. إن الولي والصديق حجة الله على خلقه، وغياث الخلق وأمانهم، لأنهم، دعاة إلى الله على بصيرة فهم في وقت الحاجة (إليهم) أحرى أم يكونوا.
وقد بعث الله الرسل في الفترة والعمى ودولة الباطل، حتى نعش الحق وزهق الباطل.
فماذا يكبر في الصدور أن يكون في آخر الزمان من يوازي أولهم، لحاجة الخلق إليهم؟
أو لم يقل علي بن أبي طالب رضي الله عنه في حديث كميل النخعي: (اللهم، لا تخلو الأرض من قائم بالحجة. أولئك الأقلون عددا، الأعظمون عند الله قدرا، قلوبهم معلقة بالمحل الأعلى، أولئك خلفاء الله في عباده وبلاده هاه، شوقا إلى رؤيتهم)؟.
ومما يحقق ما قلناه ما حدثنا صالح بن عبد الله الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل أمتي مثل المطر؛ لا يدري أوله خير أم آخره).
وحدثنا الحسن بن عمر عن شقيق البري، أخبرنا سليمان بن طريق عن مكحول عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير أمتي أولها وآخرها وفي وسطها الكدر).
وحدثني الفضل بن محمد حدثنا إبراهيم بن الوليد بن سلمة الدمشقي حدثنا عبد الملك بن عمر الإفريقي عن أبي يونس، مولى أبي هريرة، عن عبد الرحمان بن سمرة قال: (جئت من غزوة مؤتة. قال ذكرت قتل جعفر وزيد بن رواحة بكى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: وما يبكيكم؟.
فقالوا ومالنا لا نبكي، وقد قتل خيارنا وأشرافنا وأهل الفضل فينا. فقال، عليه الصلاة والسلام: لا تبكوا، إنما مثل أمتي مثل حديثة، قام عليها صاحبها: فاجتث رواكبا، وهيأ ساكنها، وحلق سعفها. فأطعمت عاما فوجا ثم عاما فوجا ثم عاما فوجا. فلعل آخرها طعما يكون أجودها قنوانا وأطوالها شمراخا. والذي بعثني بالحق، ليجدن ابن مريم في أمتي خلفا. عن حوارية!).
قال: وحدثنا عمر بن أبي عمر، حدثنا محمد بن السري، أخبرنا السويد عن عيسى بن موسى الغساني، حدثنا أبو حازم. عن سهل بن مسعد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن في أصلاب أصلاب أصلاب رجال من أصحابي رجالا ونساء يدخلون الجنة بغير حساب) ثم تلا ﴿ ذالك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ﴾ سورة الجمعة: الآيات 3 – 4.
وحدثني أبي، رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين، حدثنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا ابن أبي لهيعة، قال، حدثنا أيضا أبي، حدثنا إسماعيل بن سلمة عن عبد الله بن وهب المصري عن ليث بن سعد عن أبي عجلان، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: (في كل قرن من أمتي سابقون)