المجذوب والولاية عند الحكيم الترمذى

المجذوب والولاية

قال (له) القائل: صف لنا هذا المجذوب، الذي وجبت له الإمامة على الأولياء، وأن لواء الولاية بيده، وأن الأولياء كلهم محتاجون إليه في الشفاعة كما يحتاج الأنبياء إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
قال: (أما) صفته فهو الذي أعلمتك.
قال: فبم تقدم الأولياء فاحتاجوا إليه؟
قال: بأنه أعطى ختم الولاية: فبالختم تقدمهم، فصار حجة الله على أوليائه.
وقد ذكرت في أول الكتاب سبب الختم: (وهو) أن النبوة أعطيت الأنبياء عليهم السلام، ولم يعطوا الختم. فلم تخل الحظوظ من هنات النفس ومشاركتها. وأعطى نبينا وختمت له نبوته.
كالعهد الذي يكتب ثم يختم، فلا يصل أحد إلى أن يزيد فيه ولا أن ينقص منه، وقد وصفت شأنه فيما تقدم.
وكذلك هذا الولي يسير به (الله تعالى) على طريق محمد صلى الله عليه وسلم بنبوته مختوما بختم الله. فكما كان محمد صلى الله عليه وسلم حجة على الأنبياء.
فكذلك يصير هذا الولي حجة على الأولياء: بأن يقول (الله تعالى) لهم: معاشر الأولياء أعطيتكم ولايتي لم تصونوها من مشاركة النفس.
وهذا أضعفكم وأقلكم عمرا قد أتى بجميع الولاية صدقا، فلم يجعل للنفس فيها نصيبا ولا تلبيسا.
وكان ذلك في الغيب من منة الله تعالى على هذا العبد، حيث أعطاه الختم لتقربه عين محمد صلى الله عليه وسلم في الموقف. حتى قعد الشيطان بمعزل وليست النفس فبقيت محجوبة: فيقر له الأولياء يومئذ بالفصل عليهم.
فإذا جاءت تلك الأهوال لم يك مقصرا. وجاء محمد صلى الله عليه وسلم بالختم فيكون أمانا لهم من ذلك الهول. وجاء هذا الولي بختمه فيكون أمانا لهم بصدق الولاية، فاحتاج إلى الأولياء.
وللختم شأن عجيب ولله ولد آدم عجائب وخلقهم لأمر عظيم، ولما عرف الأقل أن الله ولي خلق آدم بيده علم أن هذه خطة فيها أمور عظام.

ولما عرف أنه سماه (خليقة) علم أن ههنا عجائب: فإن الخليفة له شعبة من ملك المستخلف.